على هذه الأرض من لا يعرف لغتها.. عذراً شاعرنا الكبير محمود درويش على تحريف نبض من ابداعك يؤكد على أحقيت أهل هذه الأرض بالحياة , ولكن أستاذي الكبير ومعلمي الخالد بأدبك وإبداعك ما نشهده اليوم مؤسف حقاً عندما نشاهد هذه الظاهرة المتفاقمة في مجتمعاتنا العربية وهي ما تعرف بظاهرة “العربيزي” او “الإنجلو – عربية” وهي ظاهرة لا تحدها رقعة معينة او مكان واحد بل تمتد بسرعة كبيرة وأصبحت لغة العديد من الشباب .
فنشهد على صفحات الإنترنت و خصوصاً صفحات التواصل الإجتماعي مشاركات عديدة من هذا النوع من نمط ولادة معاقة ناتجة عن مخاض عسير انعدم به وجود الثقافة كأن تقول لأحدهم مرحبا فيجيبك مثلاً (al7mdllah) و هناك من يجيبك بـ (Fine) … حتى بتنا ندقق في مطالع الجمل والكلمات لندرك إن كانت قد كتبت باللغة الإنكليزية ام باللغة “العربيزية”!!!
فالإنفتاح والإطلاع على ثقافة الغير و أدابهم ولغاتهم هي حاجة ضرورية ورائعة وخصوصاً أننا أصبحنا في عالم صغير بفضل وسائل التكنلوجيا المتطورة , ولكن الأهم قبل ذلك هو أن نطلع على ثقافتنا و إرثنا العربي الحافل بالإبداع و أن نهتم أكثر بمخزوننا الثقافي وهو لغتنا التي تتحدى كل لغات العالم في جمال صور إبداعها ونقوشها الحرفية التي تتشكل منها العديد من الكلمات والمعاني من نفس الحروف وهذا ما لم نشهد له مثيل على نفس القدر والمستوى في اللغات الأخرى (وقد غدوتُ الى الحانوتٍ يتبعني ــــــ شاوِ مشلٍ شلولونُ شلشلُ شولُ).
فعندما أحدثك من الشرق (اللغة العربية) ليس جهلاً مني أو تخلف وانغلاق عن ثقافة الغير أو انني لست (cool) كما يفهمها أصحاب هذا النمط، وانما هو اعتزاز بلغتي الأم وكنز ارث ابائي واجدادي فليس من الضرورة أن تجيبني من الغرب طلما أن كلانا من الشرق و نتقن نفس اللغة وننطقها فلماذا لا تخاطبني بها؟!
ففي الوقت الذي نشهد به الإقبال الهائل من شبابنا وشيوخنا على إستخدام الإنترنت لم تتجاوز نسبة المحتوى العربي به 3% وهو رقم مخجل مقارنة بالأعداد الهائلة التي يتزاحم بها المواطنون العرب على أبواب الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي، فمن الواجب علينا أن نتوقف على هذه المفارقة و أن نأخذها بعين الإعتبار كمؤشر حقيقي عن حجم المخزون الثقافي والحضاري الذي نحمله للأجيال القادمة.
يقول ابن خلدون: “المغلوب مولع دائماً بتقليد الغالب” فهل هذه الظاهرة التي نشهدها هي فعلأ من الولع في ثقافة الغالب؟!
فظاهرة الإستغراب العربي ليست مقبولة وهي ليست وجه حضاري , فعلى الرغم من انها اصبحت منتشرة لدى شريحة كبيرة من الشباب الا انها عامل تدمير لثقافتنا وحضارتنا التي سوف تنشأ عليها الأجيال القادمة، والمحافظة على عذرية لغتنا هو محافظة على تاريخنا وما تبقى لنا من حضارتنا التي تندثر بفعل إنحدار الجو الثقافي وخصوصا في واقعنا الحالي الذي نشهد به علو صوت البارود والقتل على صوت القلم و صوت العقل، فلا تقتلوا لغتكم بــ”عربيزيتكم”!!
عربيزي !!
بقلم : أسعد عطاري ... 14.10.2013