ولدنا معاً
نحن والموت ولدنا معاً،
يعشش العدم في بذرة الحب،
في النطفة لحظة انفجار الحياة،
وفي صرخة الولادة.
ولدنا معاً،
لا أحد قبل ولا أحد بعد.
يختبئ العدم في زغردة الفرح،
في دمعة السعادة يسكن
وفي دمعة الحزن يقيم .
نتأفف من المهزلة كأنها لم تكن،
لم نكن فكنا
وكنا كي لا نكون،
لا حكمة ولا معنى
نمنح المهزلة المعنى كي يمدنا بحب الحياة
سفر الوجود العدم نحن
توأمان
حبل سرة واحدة
العدم المضمر يظهر
وحين سأل فيلسوف الغابة السوداء
«هل العدم موجود»؟
صار كائناً من قلق
زمان البدء
والحياة سيرة النهاية.
يتأمل الفيلسوف الظن في الحكمة
كي يكتنه الأشياء وما لا يُرى
ويعلن بلا خوف
الموت هو الشر المطلق.
ويكتب الشاعر آلامه وأوهامه المشتهاة
وينادي:
«فاغنم من الحاضر لذاته».
ويتساءل حزين:
إذا كان موت الظالمين رحمةً
فلماذا يرحل النبلاء !
أمل يمنحنا حب البقاء
وينعدم
ونهر الفناء يجري ويجري بِنَا
يلقينا في بحر الظلام
يصرخ الوجودي محب الحياة
أجسادنا يا أرحام العدم
من سواكِ؟
أيها العدم يا مصب أرواحنا الأخير
ما الذي حببك بأجسادنا؟
ألتعلن على هذه الأرض حكمة الرماد !
أيتها الأرض
يا ابنة النار
لمَ لم تمنحي بنيك روحك الأبدية؟
لماذا انطفأ جمرك الوقاد
وتصرخ آلهة السخريات:
أيتها الأرض
ما الذي أغراك بالموت يا أم الحياة !
أأنت واحة أم بيت عزاء؟
عمياء أنت
لا تسألين ولا تُسألين،
تدوسين على الأرواح متى شئتِ
ومتى شاءت الأحوال.
ويجيب القلق المعنى:
يا صاحبيّ سوس الفناء لا يُرى،
يَحتجب خلف السعادة
وراء بكاء المولود ومتعة الأم
ما الذي يبكيك يا أعين الحزانى
والثكالى
والأرامل واليتامى
والصحبة والعاشقين؟
أهو الموت قبل الأوان
أم الموت بعد الأوان
أم الموت عند الأوان
وماذا يعني الأوان؟
ما أحلاك أيتها الأرض
وما أمتع مباهجك الغنية
ما أقساك.
أحياة ونبع فجائع!
ما أظلمك أم الوجود والعدم
رحم وسم فناء؟
الوجود والعدم!!
بقلم : أحمد برقاوي* ... 10.08.2021
* شاعر وأكاديمي فلسطيني