أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
"3000 ليلة" فيلم يحكي قصة الأسيرات الفلسطينيات!!
بقلم : عبد الحميد صيام ... 12.02.2017

نيوجرسي ـ بحضور الممثلة هنا شمعون، استضافت جامعة رتغرز بولاية نيوجرسي عرضا لفيلم «3000 ليلة» للمخرجة الفلسطينية مي المصري. والفيلم من نوع الـ«دوكيو دراما» الذي يستند إلى قصة حقيقية ويضيف إليها شيئا من الخيال والصراعات الجانبية لرفع مستوى التشويق إلى أقصى درجة ممكنة.
يستند الفيلم إلى حكاية حقيقية بطلتها الشابة المعلمة ليال (ميساء عبد الهادي) التي تزوجت حديثا وبدأت هي وزوجها معاملة الهجرة إلى كندا. في الطريق حاولت أن تنقذ شابا صغيرا مصابا من أيدي الجنود الصهاينة فتم اعتقالها ورميها في سجن يضم سجينات جنائيات من إسرائيل بالإضافة إلى عدد من الأسيرات الفلسطينيات. حاول زوجها أن يقنعها أن تقول إن الشاب الفلسطيني هو الذي أجبرها على أن تتدخل لدى جنود الاحتلال ولكن في المحكمة أقرت بأنها قامت بالدفاع عنه ومحاولة حمايته بقناعة منها فحكم عليها بالسجن ثماني سنوات. بعد أيام اكتشفت أنها حامل. عندما علمت إدارة السجن بذلك حاولت أولا أن تقنعها بأن تجهض لكنها رفضت وحاولت أن تجندها جاسوسة على رفيقاتها المناضلات فتحدت سلطة السجن. وبالفعل وضعت مولودها الأول في زنازين الاحتلال وأرجلها في الأصفاد وأختارت له إسم «نور». والفيلم تدور أحداثه حول تربية نور داخل السجن والذي أصبح رفيقا لكل السجينات وأضاف مسحة من الأمل والحب والراحة النفسية لدرجة أن نوعا من الغيرة دبت في صفوف الإسرائيليات وتمنين لو أن إحداهن تضع طفلا حتى يشعرن بنوع من الراحة النفسية التي تشعر بعا الأسيرات العربيات. وعندما انضمت ليال للاضراب لتحسين ظروف الاعتقال هددتها إدارة السجن أن تأخذ ابنها منها. الفيلم يستند إلى قصة حقيقية حيث التقت مي المصري في مدينتها نابلس خلال الانتفاضة الأولى بسيدة فلسطينية وضعت مولودها بالفعل في السجن وحكت لها معاناتها في تربيته بين السجينات من جهة والصمود أمام ضغط قوات الاحتلال. وبقيت القصة تعتمل في عقل مي إلى أن قررت أن تخرجها إلى النور ليشاهدها الملايين لتحكي من خلال الفيلم قصة صمود الأسيرات الفلسطينيات وتعلقهن بالأمل الذي كان يمثله الطفل نور.
وحصل فيلم «3000 ليلة» على العديد من الجوائز منها جائزة مهرجان الفيلم الأول الدولي في فرنسا وجائزة لجنة التحكيم لمهرجان حقوق الإنسان في سويسرا وجائزة لجنة التحكيم في العروض الدولية لأفلام المرأة في لوس أنجيلوس وجائزة الجمهور في مهرجان اسبانيا.
على هامش عرض الفيلم التقت «القدس العربي» بالممثلة الشابة هنا شمعون وأجرت معها الحوار التالي:
■ نتعرف عليك أولا؟
■ أنا هنا شمعون، ابنة مي المصري وجان شمعون المخرجين السينمائيين المعروفين. لبنانية وفلسطينية في الوقت نفسه وأعتز بلقاء الشعبين المناضلين في هويتي. عمري 23 سنة. عشت طفولتي وبداية شبابي في بيروت. درست فنون الاتصال وكان علم النفس هو الموضوع التكميلي لتخصصي. الآن أنا في نيويورك لإكمال دراساتي العليا في التمثيل.
■ ما تأثير البيئة التي نشأت على شخصيتك واتجاهك إلى الفن؟
■ ولدت في بيت عبارة عن ورشة عمل سينمائية ومجهز لمونتاج الأفلام، فلا يمر يوم دون أن يكون هناك حديث أو نقاش لمشروع سينمائي أو لقاءات تتعلق بالأفلام والمشاريع. أشركني والدي وأنا في الخامسة من عمري في مشهد من فيلمه «حالة منفى» ومثلت في فيلم لوالدتي عنوانه «طيف المدينة» وعمري سبع سنوات. تربيت في هذا الجو السينمائي فلا غرابة في أن يكون التمثيل جزءا من هواي الدائم والسينما طريقي للتعبير والإبداع.
■ ما هو الموضوع الذي يتكرر في أفلام والديك؟
■ جزء كبير من أعمال والدي ووالدتي أفلام وثائقية تتعلق بالقضيتين الفلسطينية واللبنانية كالحرب الأهلية اللبنانية والقضية الفلسطينية والانتفاضتين ثم اتجها بعد ذلك إلى الأفلام المطولة القائمة على المزج بين الواقع والخيال، وقطعا شوطا كبيرا في هذا المجال وانتشرت أفلامهما في كثير من الدول وعرضت في العديد من المهرجانات السينمائية.
■ ما هو دورك في فيلم 3000 ليلة؟
■ لعبت دورا ثانويا في الفيلم حيث مثلت دور إحدى السجينات الفلسطينيات باسم «فداء» مع أختي «جميلة» (راكين سعد) تم اعتقالنا من داخل المدرسة من قبل سلطات الاحتلال. لكن دوري الأهم في الفيلم هو من وراء الستار. كنت أشارك والدتي منذ البداية في كل عمليات التحضير والإنتاج والإخراج والتمثيل. أحسست أني جزء من الفيلم بكامله. أحببت أن أتعلم كل تفاصيل الإخراج وما يعني ذلك من الالتفات إلى كل صغيرة وكبيرة من حركة الممثلين إلى الموسيقى التصويرية إلى الإضاءة إلى المكان وعلاقته بالحدث.
■ لماذا سمي الفيلم 3000 ليلة؟
■ الفيلم وطوله نحو 100 دقيقة يحكي قصة مناضلة فلسطينية التقت بها أمي في نابلس في بدايات الانتفاضة الأولى وعلمت منها أنها وضعت ابنها في السجن وعندما بدأت تتابع موضوع الأسيرات الفلسطينيات وجدت أن هناك أكثر من أسيرة وضعن أطفالهن في السجن. وقد التقت بالعديد من الأسيرات وأجرت معهن مقابلات طويلة مثل رسمية عودة وتيريز هلسة. أحبت والدتي أن تجسد هذه التجربة المريرة في فيلم عن حياة «المناضلة الأسيرة» التي جسدتها ليال التي سجنت 8 سنوات أي ما يعادل 3000 ليلة ولكن الفيلم يجسد معاناة كل المناضلات الأسيرات وخاصة اللواتي تعرضن لتجربة ميلاد طفل في السجن. كانت ليال تصارع على جبهتين تربية طفلها والنضال ضد العدو القاهر الظالم الذي أراد أن يكسر إرادتها لكنها نجحت في المعركتين. فالطفل «نور» أمدها وباقي الأسيرات بروح الصمود والمقاومة. ليال نضجت فكريا ونضاليا في تجربتها المريرة في السجن.
كل ما في الفيلم حقيقي وحدث لمناضلة ما. كما أن الفيلم يجسد حياة المناضلات داخل الزنازين الإسرائيلية وعلاقتهن النضالية ومعاناتهن مع السجينات الإسرائيليات لأسباب جنائية وكأن التي تناضل ضد المحتل ترتكب جريمة مثلها مثل التي تسرق أو تقتل أو تبيع المخدرات.
■ هل هناك دور للخيال في الفيلم؟
■ بالتأكيد، لقد أضافت والدتي العديد من اللمسات الخيالية على الفيلم لتزيده تأثيرا. بعض القصص الجانبية والمواجهات وغازات الدموع والألوان والإضاءات والموسيقى التصويرية كلها أضافت ابعادا جمالية للفيلم وتركت أبلغ الأثر في المتلقي. لقد نسجت والدتي حبكة درامية تمزج بين الواقع والخيال ليخرج الفيلم بهذه الصيغة العميقة التي تترك أثرها على كل من يشاهد الفيلم.
■ وماذا عن مدة الإنتاج والأماكن والممثلين؟
■ عملنا في الأردن لمدة ستة أشهر متواصلة. فترة التصوير استمرت 33 يوما لكن التحضير للفيلم استمر مدة طويلة. كان التصوير في سجن عسكري حقيقي غير مستخدم قرب مدينة الزرقاء، وساعدت الهيئة الملكية للأفلام بتسهيل كل ما نريد من تراخيص وأجهزة ولوازم أخرى. وساعد تصوير الفيلم داخل سجن حقيقي في تهيئة الأجواء المناسبة لتقريب الفيلم إلى واقع السجون الحقيقية مثل الكتابة على الحيطان، الإضاءة الخافتة، الزنازين، الممرات، غرف التحقيق. معظم الشخصيات من العنصر النسائي الفلسطيني بسبب طبيعة الفيلم حتى الممثلات اللواتي تكلمن باللغة العبرية فلسطينيات. والإنتاج كان عبارة عن جهود مشتركة بين والدتي وشركة «أرجوان اللبنانية» وشركة فرنسية. كما أن هناك مساهمات من الأردن والإمارات العربية وقطر.
■ ومتى عرض الفيلم لأول مرة؟
■ عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان تورنتو الدولي في 2015. وبعد ذلك في رام الله في 2015 ثم لبنان والأردن والعالم العربي. والآن يعرض في فرنسا للأسبوع الخامس على التوالي في 35 مسرحا، ولقي نجاحا في فرنسا لا مثيل له والفضل يعود لفريق الإنتاج الفرنسي الذي استطاع أن يسوق الفيلم ويشهره بشكل كبير. ليس عندنا موزع في الولايات المتحدة ونقوم بجهود فردية مع طلاب الجامعات مثلما هو الحال في جامعة رتغرز وكذلك في مراكز التجمعات العربية.

***المصدر : القدس العربي
1