أحدث الأخبار
الاثنين 23 كانون أول/ديسمبر 2024
جرائم حرب : سيناريوهات ما بعد سقوط النظام السوري!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 16.06.2015

الجاري في سوريا هو كارثه حقيقيه ولربما تكون الكارثه الاكثر مأساويه ودمويه في التاريخ السوري والعصر الحديث لكن بعد حين وطال الزمن ام قصر وحتما لا محاله سنشهد انهيار النظام السوري بعد ان كبَّد سوريا خسائر فادحه في الارواح ودمَر البلد على راس اهله وزرع الخراب في كل قريه ومدينه وشرد ملايين السوريين ناهيك عن زرع الحقد والكراهيه الطائفيه اللتي ستكبد سوريا افدح الخسائر في مرحلة ما بعد سقوط نظام حَّشد كل الادوات العسكريه والاقتصاديه والاعلاميه من اجل ذبح شعبه من الوريد الى الوريد واللافت للنظر ليست فقط التحشيد الطائفي والميليشي الفاشي الذي يحارب لجانب النظام لابل ماهو واضح ان التحشيد الاعلامي لعب ويلعب دورا فتاكا في محاولة تسويق نظام دموي كمدافع عن وحدة سوريا الى حد ان قنوات فضائيه مثل الميادين والعالم والمنار وغيرهما قد تبنت نهج اعلامي فاشي وتضليلي يبرر ذبح النظام السوري شعبه بحجة محاربة الارهاب وغيرها من حجج وحتى لا تفوتنا هذه الملاحظه ارى من الضروري ادراج الفضائيات الفاشيه على لائحة مجرمي الحرب في سوريا وضرورة محاكمة هذه الفضائيات في اطار محاكمة رموز النظام بعد سقوطه..في سوريا اليوم مجرمي حرب لا يعدون ولا يحصون في صفوف النظام وصفوف المعارضه وصفوف الاعلام والاعلاميين ايضا, والعداله يجب ان تطال هؤلاء جميعا وليست الطوائف والاعراق في مرحلة ما بعد سقوط النظام!!
اليوم وبعد اكثر من 40 عاما من حكم عائلة الاسد وبعد اكثر من اربعة اعوام من الحرب الطاحنه والمدمره في سوريا يتهاوى النظام السوري بسرعه متفاوته على المستوى الجغرافي والديموغرافي والسياسي والاهم من هذا وذاك انه يتهاوى عسكريا ولا يبدو ان الدعم الطائفي والايراني سينقذ هذا النظام من نهاية اصبحت تلوح في الافق مع الاخذ بالحسبان فقدان النظام السيطره بكل اشكالها على مناطق شاسعه وواسعه من سوريا من جهه وانحسار سلطته ومناطق نفوذه في مناطق وجيوب صغيره من جهه ثانيه وبالتالي واضح ان سقوط النظام صار قاب قوسين وادنى وعملية زمن محدوده والنظام الان يمارس القتل والذبح ويزرع الدمار والخراب في الربع الاخير من محاولته الداميه بالتمسك بكرسي الحكم...المنطق يقول استحالة بقاء نظام ارتكب هذا الكم الهائل من الجرائم في الحكم واللا منطق هو استمرار النظام في الحكم بعد ان دمر سوريا شبر شبر وشرد ثلث شعبها وذبح وقتل وجرح مئات الالوف ناهيك عن الدمار والخراب الهائل الذي الَّم ولحق بكل مناحي حياة الشعب السوري..بهذه المناسبه نقول ايضا المنطق التاريخي يحكم بحتمية هزيمة وسقوط هذا النظام وحلفاءه حتى لو خرج حسن نصر الله يوميا والقى الخطب وصوغَّ وسوَّقَّ ضرورة بقاء النظام...لا تبرير حسن ولا تمرير ايران ولا نباح بن جدو سيحول دون نهاية نظام فاشي ودموي؟!
لايجب قراءة الوضع السوري من خلال النتائج الحاصله الان على الارض لابل من خلال الاسباب التي اوصلت سوريا الى ان تصبح بلاد الميليشيات والحركات المسلحه التي تتقاسم في الوقت الراهن مناطق النفوذ فيما بينها وبينها وبين النظام في سوريا وعليه ترتب القول .. نعم تداخلت الامور واختلطت الاوراق في سوريا الى درجة الضباب والضياع الوطني في بحر من التشكيلات والميليشيات المسلحه لكن مرجعية كل هذه التعقيدات تعود الى مسلكية نظام دكتاتوري استأثر بالسلطه وهيمَّن وسيطر على البلاد والعباد على مدى عقود من الزمن رفض فيها الاستجابه الى اي مطلب جماهيري بضرورة رفع الظلم والاضطهاد عن كاهل الشعب السوري وما جرى هو ان النظام قد خلق اذرع امنيه وبلطجيه لقمع الشعب بالحديد والنار الى ان انفجر هذا الشعب وجرى ماجرى على اساس " علينا وعلى اعداءنا" فكانت النتيجه كارثيه على كامل الشعب السوري..اساس الكارثه في سوريا هو النظام وماجرى فيما بعد هو تفاصيل معركه داميه بين نظام دموي ومعارضات سوريه لا تعد ولا تحصى وحتى لايعبث العابثون والفئويون والعدميون ويشغلوننا بقضية مع او ضد نقول اننا مع الشعب السوري ومنحازون للحق والعداله والديموقراطيه وهي شأن سوري خاص وعربي عام يُحتم على السوريون لاحقا تضميد جراحهم والابتعاد عن الاحقاد والثأريه وبناء دولتهم اللتي يريدونها على ان تكون دولة عدل وقانون لكل سوري وسوريه بغض النظر عن طائفته وعرقه وان لا يرتكبوا الخطأ الجاري في العراق في اعقاب احتلاله عام 2003 وما جرى فيما بعد من إقصاء واجتثاث مارسته ثله طائفيه عميله قدمت على ظهر الدبابات الامريكيه واسست لها نظام طائفي فاشي في خضراء بغداد والنتيجه نراها اليوم بالعين المجرده.. الحاله السوريه والكارثه العراقيه...المطلوب بالحاح هو الحيلوله دون تكريث الكارثه السوريه كما جرى من تكريث للكارثه العراقيه؟!
استنفر النظام الدكتاتوري السوري كل قواه وادواته العسكريه والقمعيه منذ بداية الحراك السلمي في منتصف مارس/آذار 2011 ومن ثم شن حرب دمويه ضد المعارضه المسلحه بعد تحول الحراك السلمي قسرا نحو القتال ، ولم يتورع النظام عن استخدام كافة أنواع الأسلحة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة ضد الشعب السوري، وحتى الاسلحه المحرمة دولياً كغازي "كلور" و"سارين" استعملت في حرب الاباده الجماعيه اللتي يمارسها النظام ضد شعبه واللافت للنظر هو استخدام النظام منذ مطلع عام 2012 لما يُعرف بالبراميل المتفجرة بهدف الفتك والاباده الجماعيه و بهدف زرع الدمار الهائل التي تحدثه هذه البراميل العمياء ...البراميل العمياء صارت وسيلة وبصيرة نظام فاشي يمارس الاباده الجماعيه بحق الشعب السوري واخر ابداعات النظام في القتل والاباده استعمال الالغام البحريه الفتاكه في محاولة وقف تقدم المعارضه المسلحه نحو معاقله..النظام ارتكب جرائم حرب متعدده لا تقتصر على الاباده الجماعيه والتهجير والتشريد الجماعي فقط لا بل تشمل الدمار الشامل المبرمج لكل ماهو عمار في سوريه الى حد ان بعض المدن السوريه المدمره تبدو وكأنها تعرضت لهجوم نووي..هيروشيمات سوريا!!
في سوريا اليوم توجد معارضات متناحره يجمعها جميعا هدف اسقاط النظام وهذا ما سيحصل في المحصله النهائيه لكن في المقابل وبعد سقوط النظام لن تقوم مؤسسات ديموقراطيه وتؤَّسس احزاب سياسيه ولن تتشكل خريطه سياسيه تنتظم في اطارها احزاب وحركات سياسيه والذي سيحصل هو صراع على السلطه بين مكونات وميليشيات تشكلت خلال الحرب وهذه المكونات سواء اليساريه والعلمانيه والقوميه منها او الجهاديه والسلفيه لن تنطوي تحت مظله واحده لابل ستتصارع فيما بينها عسكريا وسياسيا على السلطه,لكن الاخطر في الحاله السوريه هو المكون الطائفي والعرقي وامكانية توظيف هذا المكون سلبيا في مرحلة ما بعد الاسد حيث يشكل المسلمين السنة حوالي ثلاثة أرباع سكان سوريا البالغ عددهم مافوق ال 27 مليون نسمة، ويشكل الأكراد من هؤلاء السنة ما بين 5 إلى 10%، حيث تشير التقديرات الغير مؤكده إلى أن عددهم ما بين مليوني وثلاثة ملايين نسمة. فيما تشكل الطائفة العلوية ما بين 10 إلى 12%، والإسماعيليون حوالي 1% والشيعة الإثنى عشرية حوالي 0.5%، فيما يبلغ مجموع الدروز حوالي 3%، والمسيحيون بمذاهبهم المختلفة حوالي 8% من السكان.....هذا المكون الذي تعرض الكثير من بين اعراقه وطوائفه الى تهميش وقمع مبرمج من قبل النظام هو الذي سيحسم فترة ما بعد الاسد بشرط ان لا يرتكب الخطأ العراقي ويمارس سياسة الاقصاء والاجتثاث بحق هذه الطائفه او تلك بحجة مساندة النظام السابق !.
هنالك خطر اخر وهو ان يقوم النظام بالهرب او الانسحاب من العاصمه دمشق نحو تحصين جيوبه الاخيره في مناطق داعمه له على راسها مناطق تواجد الطائفه العلويه مما يفتح الباب امام حرب طائفيه انتقاميه يدفع ثمنها غاليا اغلبيه مغلوب على امرها ومحسوبه زورا على النظام لابل هنالك احتمال نشوب حرب شبه قوميه بين الاكراد والفئات الاخرى حيث يقطن الاكراد في ثلاث مناطق اساسيه على الشريط الحدودي الرابط بين سوريا وتركيا والعراق وتحديدا منطقة الجزيره والحسكه وعفرين شمال حلب وعين العرب " كوباني" والسؤال المطروح هنا هل سيلعب الاكراد دورا في تقسيم سوريا ام الحفاظ على وحدة ترابها الوطني في فترة ما بعد الاسد...تقسيم سوريا الى دويلات طائفيه وقوميه هو احد السيناريوهات وهذا السيناريو سيجد من يؤيده من دول الخارج والمنطقه وهو سيناريو خطير وجريمه تاريخيه كبرى تُرتكب بحق الشعب والتراب السوري الوطني اذا حصل التقسيم؟؟
هنالك سيناريو بمثابة معضله ستواجه السوريون وهي كيفية سقوط النظام الدكتاتوري وهل سينجح هذا النظام عبر انكفاءه وتحصنه في مناطق يعتبرها مؤيده له ان يجعل سقوطه على مراحل بعد ان يشعل حرب مذهبيه وطائفيه ومناطقيه بدعم من ميليشيات وقوى طائفيه قادمه من خارج سوريا... مسلكية هذا النظام الفاشي توحي بانه سيتشبث بالحكم حتى بعد طرده من دمشق ولذلك من المهم ان تكون نهاية هذا النظام واحده لاغير والاهم طمأنة الطائفه او الجماعات الداعمه له والتعامل معها بمسؤوليه تاريخيه وطنيه في مرحلة ما بعد سقوط النظام عبر الحفاظ على وحدة الدوله السوريه وضمان حقوق جميع مواطنيها وعدم التنكيل بالناس على اساس عرقي ومذهبي وطائفي حتى لو كانت مناطق هؤلاء محسوبه على النظام المُباد او البائد في حينه...اعادة هيكلة الدوله ومؤسساتها بما فيها المؤسسه العسكريه على اساس جديد ومتجدد تخدم في المحصله اعادة لحمة الشعب والحفاظ على حقوقه مما يعني ضرورة الابتعاد عن النموذج العراقي سئ الذكر الذي دمر الدوله وحل الجيش العراقي واشعل حرب طائفيه ما زالت رحاها دائره منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا!!
سوريا خاصه وبلاد العرب ككل غنيه ومستغنيه عن المرتزقه بكل اشكالها ولا حاجه للنموذج العراقي ولا الميليشي الليبي واليمني ولذلك هي بحاجه لنموذج جديد من بناء الدوله بعد سقوط النظام مبني على اساس الاحترام المتبادل بين الاكثريه والاقليات والاهم صون حقوق كل الناس والابتعاد عن سياسة الاجتثاث التي لم تنتج الا دوله ارهابيه ومعارضات ومجاميع لا تقل ارهابا من الدوله كماهو حاصل في العراق وسوريا نفسها...نساء العراق يبحثن عن قوتهن في مزابل كربلاء وبغداد في حين تعيش مرتزقة خضراء بغداد بحبوحة الفساد بعد ان زرعت الخراب في بلاد الرافدين ونساء سوريا يسبأن في مخيمات اللاجئين ويتضورن جوعا في سوريا بعدما زرع النظام الخراب والدمار في بلاد الشام؟!
نعم لتحقيق العداله وتقديم رموز النظام السوري للعداله بتهمة ارتكاب جرائم حرب وفظائع مرعبه بحق الشعب السوري, لكن لا للعقاب الجماعي على اسس طائفيه وعرقيه وهذا الاخير هو وصفه للدمار والخراب الوطني وعليه ترتب القول نعم لمحاكمة مجرمي الحرب في سوريا ومن خارج سوريا..نعم لمحاكمة كل من تورط في قتل السوريين سواء رموز النظام او رؤساء ومسؤولي الميليشات الطائفيه من داخل سوريا وخارجها...ندرك ان الامور معقده ومركبه في سوريا وان الامور تسير على حافة الهاويه لكننا ندرك ونؤمن ان القوه والطاقه الكامنه في الشعوب قادره على امتلاك زمام المبادره واصلاح كامل سوريا لصالح كامل شعبها ...عاشت سوريا بشعبها ولكل شعبها واهمية النصر القادم لا تكمن في هزيمة النظام واسقاطه فقط لا بل ايضا في هزيمة الفتنه الطائفيه ووأدها في مهدها بعد سقوط النظام؟!

1