أحدث الأخبار
الأحد 22 كانون أول/ديسمبر 2024
«عرب إسرائيل» عرب فلسطين ونتنياهو وعباس في حيص بيص!!
بقلم : سهيل كيوان ... 13.11.2014

يوجد إجماع صهيوني من اليمين واليسار على أن تكون إسرائيل هي القوة الوحيدة في المنطقة العربية التي تملك السلاح النووي، ويرى الجميع فيه سلاحا استراتيجيا يحمي إسرائيل من أي ضغوط مستقبلية قد تحدث لإرغامها على القبول بحلول لا ترضاها.
إلا انهم ورغم غناهم النووي الفاحش، يرون في الحجر الفلسطيني سلاحا استراتيجيا خطيرا، فقد شدد نتنياهو (وهو شخصية تافهة حسب تسريبات من البيت الأبيض)، على رفع سقف العقوبات على من يلقون الحجارة والألعاب النارية على جنود الاحتلال والإسراع في هدم بيوت منفذي عمليات «داهس» أو «طاعن» بعد إعدامهم.
نتنياهو واقع في حيص بيص، من جهة يريد أن يكون أكثر تطرفا من أكثر المتطرفين في حكومته من خلال تكثيف توسيع الاستيطان والمصادرات والسماح بالسيطرة على الأقصى (جبل الهيكل حسب تسميتهم) والإمعان بالتحريض على أبو مازن، والتأكيد بأنه ليس شريكا للسلام، وبنفس الوقت، لا يريد أن يُحرج الملك الهاشمي صاحب الوصاية (الافتراضية) على الأماكن المقدسة في القدس. احتلال اليهود للأقصى ومنع المسلمين من حرية دخوله يعني إحراج ملك الأردن والعبث باتفاقية سلام تعتبر من أهم إنجازات الحركة الصهيونية بعد كامب ديفيد، هذا سيحرج نتنياهو (التافه – حسب البيت الأبيض)، وستكون ورقة قوية ضده في انتخابات أصبحت حتمية في العام القادم.
نتنياهو يتهم الرئيس محمود عباس بالتحريض على الدهس والطعن، وذلك ردا على نشاط عباس الدبلوماسي الضاغط في محاولة لإرهابه وردعه ولحشره في خانة المتطرفين، بينما يحرّض عباس من ناحيته على نتنياهو وحكومته ويتهمهما بدفع المنطقة إلى حرب دينية، وهذه حقيقة، لكن أبو مازن أيضا في حيص بيص، فهو يعلن أنه ضد أي عمل «عنيف»، وفي الوقت ذاته يعرف أنه لا يمكن وقف الهجمة الإسرائيلية على الأقصى بالذات بدون حد أدنى من المقاومة الشعبية التي تسمى في إسرائيل «إرهابا»، بل هو يريد التأكيد أنه في الجانب الذي يحارب «الإرهاب» بل انه ضحيته، فيوازن بين تطرف نتنياهو و «تطرف» حماس في الخطاب نفسه خلال إحياء الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس ياسر عرفات، فاتهم حماس بتفجير بيوت قادة من فتح في قطاع غزة، بدون إثباتات ولا دلائل، ففي وضع قطاع غزة وحالة الحرب التي يشنها النظامان الصهيوني والانقلابي المصري على حماس يستثني السيد عباس إمكانية أن تكون التفجيرات من تدبير مخابرات وعملاء واحد من النظامين المنسّقين أمنيا «ضد الإرهاب»، أو كليهما،حيث تجمعهما مصلحة مشتركة،هي رأس المقاومة في غزة، ثم انه تقدم برسالة شكر للدكتور توفيق عكاشة على مواقفه الحداثية من القدس حيث دعا لتحريرها، فكيف يطلب تحرير القدس من يحرض على قتل الفلسطينيين بالشبشب ومبيدات الصراصير، وعلى ماذا يستحق الشكر والتقدير!
أراد عباس القول إنه شريك مع النظام المصري وفي خندق واحد في مواجهة حماس.
نتنياهو (التافه – حسب تسريبات من البيت الأبيض) هدد عرب «اسرائيلستان» بسحب جنسياتهم، وطلب من «المشاغبين» أن يرحلوا إلى بلاد قطاع غزة الواسعة والضفة الغربية الشاسعة، ولكنه عندما رأى إلى أين تتجه الأمور بتسارع، توجه إليهم بلغة دبلوماسية مؤدبة نوعا ما فقال «أنتم مواطنون متساوو الحقوق»، وكي لا يكون هذا القول مأخذا تاريخيا وانتخابيا عليه فقد أتبعها بجملة «ومتساوون في الواجبات أيضا». أي انه اشترط المساواة في الحقوق بخدمة علم الاحتلال، وهذا ما ترفضه الأكثرية الساحقة من العرب، علما أن هذا أيضا غير صحيح، فمن خدموا في الجيش لم يحصلوا على المساواة، أضف لهذا أن الجماهير العربية تطالب بحقوقها كأقلية قومية وليس فقط بحقوقها المدنية!
من هدّدهم نتنياهو تظاهروا احتجاجا على قتل واحد من أبنائهم برصاص رجال الأمن الذين لا يعدون للعشرة عندما يكون الدم الذي سيهرق عربيا، علما ان الكاميرات المنتشرة في الشوارع فضحتهم، فقد كان ممكنا اعتقاله ببساطة، ولكن وبما أنه رقم (لا بيقدم ولا يأخر) ودمه ليس من النوع الفاخر، فقد تسابق الطامحون بأوسمة الشجاعة والبطولة (والنذالة) على إعدامه بدم بارد، وهذا في قرية كفر كنا،التي قام السيد المسيح فيها بمعجزة النبيذ في العرس، وتغزل الشاعر ابراهيم طوقان بممرضاتها في قصيدة «بيض الحمائم حسبهنه….أنّي أردد سجعهن» ولم يغفل عن مديح رمّانها الشهير.
أتى استشهاد الشاب الكناوي خير حمدان ليؤكد من جديد أن علاقة الدولة الصهيونية بمواطنيها العرب هي علاقة عدائية وليست علاقة بين دولة ومواطنين، وهذا يدحض نظرية إمكانية وجود «دولة يهودية وديمقراطية»، ولم تسلم حتى منال موسى نجمة برنامج (العرب آيدول) من التحريض ضدها على موقع يديعوت أحرونوت العبري، فهوجمت لأنها وصفت خير حمدان بأنه «شهيد» فهم يريدون إعدامه ميدانيا بدم بارد حتى ولو كان على خلفية جنائية بسيطة، وبنفس الوقت لا يريدون من المواطنين العرب اعتباره شهيدا.
في الواقع ان الحركة الصهيونية بذلت جهودا جبارة لاحتواء العرب، فاختلقت لهم قومية أسمتها «الوسط العربي»، كي لا يكونوا إسرائيليين (من الشعب المختار) وفي الوقت ذاته لا تريدهم فلسطينيين (لأنه لا وجود لفلسطين).
أما «عرب أرض إسرائيل» حسب الرواية الصهيونية، فهم كل نسل «إشمعيل»الذين يعيشون بين النهر والبحر، وهذا يشمل سكان الضفة الغربية.
هذا نظريا، أما في الواقع، فعرب إسرائيل هم من يحمون حدود إسرائيل ويقيمون العلاقات معها سرا وعلانية وينسّقون لمحاربة «الإرهاب».
هم من يشددون الحصار على قطاع غزة أكثر مما تستطيع إسرائيل نفسها.
هم من يتعاونون مع الموساد لضمان بقائهم في الحكم.
هم من يقطعون رؤوس البشر ويرتكبون فظائع تتقزم فظائع إسرائيل مقارنة بها.
هم من يقتلون المخالفين والمعارضين السياسيين ويغتالونهم في السجون ويرغمون شعوبهم على الهجرة بحثا عن الكرامة الإنسانية المفقودة.
عرب إسرائيل هم من لا يستحون من مهاجمة العرب الفلسطينيين الذين بقوا في وطنهم ويزعمون أنهم تهوّدوا أو تصهينوا لأنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية ويصطادون تصريحا أو موقفا لعميل هنا أو هناك ويلبسونه لكل الفلسطينيين.
من يردد أقوال توفيق عكاشة وأمثاله بأن الفلسطينيين باعوا أراضهيم للصهاينة وقبضوا ثمنها، ثم صاروا يطالبون بها، رغم كل ما يرونه من قتل وتدمير ومصادرات، هو الإبن الأوفى للحركة الصهيونية.
من يقولون إن العربي لا يستحق من الحكم سوى الدكتاتورية، هؤلاء كنز استراتيجي لإسرائيل.
من يردد كلام أفيحاي أدرعي الناطق باسم الجيش بأن هيثم خلايلة ومنال موسى في برنامج عرب أيدول هم «عرب إسرائيل»، ولا يمثلون الفلسطينيين فهو عرب إسرائيل.
من يجبي من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أسعارا للعمرة والحج أكثر بكثير مما يدفع إخوانهم في الضفة والقطاع بحجة أنهم «عرب إسرائيل» فهو عرب إسرائيل.
كذلك من يُعرفهم بأنهم «إسرائيليون من أصـــــل عربي» كما لو كانوا قبيلة على وشك الانقراض كمــــا تفعل كثير من الصحف «العربية»، فهو يسرائيلوفيتش بنفسه، وهو ابن ستة وستين عرب إسرائيل.

1