أحدث الأخبار
الأحد 22 كانون أول/ديسمبر 2024
البروفة الأخيرة قبل تدمير المسجد الأقصى!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 15.05.2013

كانت المشاهد التي وقعت يوم الأربعاء 8 أيّار الجاري ذروة من ذرى اختبار رد الفعل الفلسطيني أولا، والعربي والإسلامي ثانيا، سواء داخل باحات المسجد الأقصى أو في باب العمود، للحدث المدبّر الذي يجري الإعداد له منذ الـ5 من حزيران1967 بشكل عملي، وتحديدا منذ اقتحم جنرال جيش الاحتلال موشي دايان القدس من باب العمود، وبجواره الجنرال اسحق رابين، وتبخترا مختالين مزهوين بالانتصار السهل على جيوش عربية لم تحارب دفاعا عن القدس بما يليق بقداستها، وتاريخها، ومكانتها، وأضافت هزيمة منكرة أشد خسارة وإيلاما من نكبة 1948.
مشاهد يوم الأربعاء ابتدأت في الظلام، حين داهمت وحدة من جيش الاحتلال بيت مفتي الديار الفلسطينية، وخطيب المسجد الأقصى، فضيلة الشيخ محمد حسين، واقتياده للتحقيق معه، وتلك لم تكن المرّة الأولى، فالشيخ عرف بالشجاعة في الدفاع عن الأقصى، وعن المقدسات، ولكن طريقة المداهمة للبيت، وتفتيشه، ومحاولة إرهاب أسرة الشيخ دللت على نوايا عدوانية لا تحسب حسابا لردود فعل عربية وإسلامية رسمية!
قطعان المستوطنين الصهاينة احتفلوا بالذكرى السنوية الـ46 لاحتلال القدس، وهم بعد ان دمروا أعرق حارات القدس، واستولوا على الكثير من بيوتها العربية العريقة، يندفعون لتحقيق الهدف الذي وضعوه نصـــب أعينــــهم، وهو هدم المسجد الأقصى، وإقامة ما يسمونه (الهيكل) مكانه، وفرض الهوية اليهودية الصهيونية على القدس، بحيث تصبح عاصمة للدولة (اليهودية)!
قبل أيّام كان وفد جامعة الدول العربية يقدم مزيدا من التنازلات عن الأرض الفلسطينية، وذلك خدمة لما يسمى بعملية السلام، التي لم تبق للفلسطينيين أرضا من الضفة الفلسطينية، ويعلن استعداده لتبادل أراض فلسطينية باراض فلسطينية أخرى، أمام وزير الخارجية الأمريكي كيري، ورغم تنازلات من لا يملكون الحق في التحدث نيابة عن شعب فلسطين، أي وفد جامعة التقاعس والضعف والتآمر، فإن رد فعل نتنياهو كان فاترا ولامباليا، لأنه لا وزن للجامعة، ولا لوفدها، فالكيان الصهيوني ماض في تهويد الضفة، وقضم ما يحيط بالأقصى، والمسألة باتت مسألة وقت لم يعد بعيدا..ما دمنا في زمن الضعف، والتنازلات المتتالية، من عرب لا عروبة تجمعهم، ولاهم لهم سوى السعي الحثيث لنيل رضى أمريكا والكيان الصهيوني!
القدس حمل ثقيل، ولذا يتم التهرب منها، وهي مُحرجة، وكاشفة، والتلاعب بها وعليها فاضح، وأولاً وقبل أي طرف للطرف الرسمي الفلسطيني!
القدس ليست قضية معزولة عن القضية الفلسطينية، ومن جزّأوا قضية فلسطين، ومرحلوها أوصلوا القضية كلها إلى ما هي فيه اليوم.
الطرف الرسمي العربي سعى دائما للتخلص من القضية الفلسطينية، وعمل على دفع أهل فلسطين ليقدموا هم التنازلات، ولا سيما قياداتهم التي حملت السلاح، ورفعت هدف تحرير فلسطين.
في زمن ما يسمى بـ(ثورات الربيع العربي)، وبدلاً من مجابهة الاحتلال الصهيوني، واستعادة القضية الفلسطينية لتكون قضية الأمة الجامعة لملايين العرب، والمقدسة، والمصيرية، فإن قيدات رسمية (عربية) تعمل بضراوة على وأدها، وبكل صفاقة، منصبة نفسها (ولية أمر) على شعب فلسطين العريق في كفاحه.
ليس المسجد الأقصى فقط هو الذي في خطر، بل قضية فلسطين كلها في خطر، وهذا الخطر الداهم أمريكي .. و(عربي رسمي).
الاحتلال الصهيوني يستثمر حالة التفكك العربي، وما يحدث في سورية من اقتتال مدمر، لنهب المزيد من الأرض، بتشجيع المستوطنين، ورعايتهم، وبحراستهم وهم يقتحمون باحات الأقصى، في سياق تهويد القدس نهائيا، بينما وفد الجامعة يقدم تنازلات إضافية في (أوكازيون) بيع فلسطين!.
شعبنا الفلسطيني الذي يقاوم المشروع الصهيوني منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، وطيلة القرن العشرين، والسنوات التي انصرمت من القرن الحادي والعشرين، يعرف أن معركته طويلة، وأن الانتصار فيها لن يتم إلاّ بنهوض الأمة، وتخلصها من أنظمة التبعية والعمالة، وبزوغ عصر الجماهير العربية التي تجعل من تحرير فلسطين هدفا رئيسيا مع الحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية.
على الفضائيات رأينا مشاهد جديدة في سفر مقاومة شعبنا، في باحات الأقصى، وفي شوارع القدس العتيقة العريقة، وفي باب العمود…
هذه المشاهد تضيف زهوا لنا نحن العرب الفلسطينيين، ولكل العرب المؤمنين بعروبة فلسطين، وتضع على صدور من يقدمون التنازلات (أوسمة) العار والخزي.
دائما سيبقى المجد لائقا بفلسطين وشعبها، وبكل عربي يحملها في قلبه وضميره..وستبقى فلسطين قضية صراع وجودي عربي..صهيوني، إلى أن يتحقق الانتصار المؤزّر القادم حتما مهما امتدت المعركة، ومهما طال الزمن…

1