أحدث الأخبار
الأحد 22 كانون أول/ديسمبر 2024
مَّن اللذي أعاد العراق الى العصور الحجريه والمظلمه؟!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 21.03.2013

في هذه الايام تحل الذكرى العاشره لاحتلال العراق وتدمير هذا البلد العربي التي لم تقوم له قائمه منذ احتلاله عام 2003 من قبل امريكا على المستوى العسكري ومن قبل ايران على المستوى السياسي ففي العشرين من اذار/مارس 2003، قامت امريكا وحلفاءها العرب ومن غير العرب بإطلاق عملية غزو العراق بذريعة البحث عن اسلحة دمار شامل وشبهات حول علاقات صدام مع تنظيم القاعدة وهذا ماتبين لاحقا انه كذب وتلفيق فلا اسلحة دمار وُجدت ولا دليل على علاقات نظام صدام بتنظيم القاعده وبالتالي ماجرى هو غزو امريكي وغربي متعدد الاهداف من بينها: اسقاط النظام والاستيلاء على منابع النفط وتدمير العراق و تفتيت بنيته الاجتماعيه وهذا ماجرى عمليا وفعليا عبر تسلسل الاحداث منذ ذك الحين وحتى يومنا هذا التي لم تتحقق فيه اي اكذوبه من اكاذيب عصابة جورج بوش التي سطت على العراق واطلقت على عملية غزو العراق تسمية" حرية العراق"! .. ماجرى حقا وحقيقه هو استراتيجية الاستباحه و حرية الاحتلال والدمار والذبح و القتل على الهويه الطائفيه والمذهبيه الذي جاء بها بوش واعوانه الى العراق حيث تشهد على جرائمهم اليوم مدينة الفلوجه الملوثه والغير صالحه لعيش البشر منذ عام 2004 وحتى يومنا هذا في اعقاب قصفها من قبل جيش الاحتلال الامريكي بالقنابل الفوسفوريه والاسلحه المحرمه دوليا لابل تشهد عليه تقارير دوليه صدرت عام 2013 تشير الى ان التلوث الاشعاعي والكيماوي في العراق التي خلفتة الاسلحه الامريكيه يفوق بمئات المرات التلوث الذي حدث جراء انفجار مفاعل "تشرنوبل" عام 1986 ابان الحقبه السوفيتيه..في العراق قُتل وشرد وجُرح ملايين العراقيين بينهم عدد كبير من الاطفال والنساء وما جرى هو جريمه تاريخيه ما زالت فصولها متواصله وستتواصل الى زمن بعيد وماهو موجود اليوم في العراق دوله ممسوخه ومسلوخة الهويه يعاني فيها الناس من غياب ونقص الخدمات السياسيه وغياب الامن والامان ناهيك عن اعتماد نظام المحاصصه الطائفيه والمذهبيه والفساد الذي ينخر جميع مفاصل الدوله الكارتونيه في العراق.. من مفارقات غزو وتدمير العراق ان عملاء امريكا كانوا يُعيرون كل من يقف مع العراق بالوقوف مع نظام صدام والطائفيه وضد الديموقراطيه, حيث تبين لاحقا ان الذين قدموا على ظهر الدبابات الامريكيه وبإيعاز من ايران ودعمها كانوا وما زالوا سليلي الدكتاتوريه والطائفيه وداعميها في العراق وهم اليوم يعتمدون بالكامل على التعبئه والدكتاتوريه الطائفيه حتى يضمنوا استمرار وجودهم في خضراء بغداد وفي محيط السفاره الامريكيه اللتي تدير شؤون العراق بالرغم من الانسحاب العسكري الامريكي المزعوم من العراق عام 2011!!
لقد دفع العراق والشعب العراقي ثمنا باهظا جراء الاحتلال الامريكي وماخلفه هذا الاحتلال ومشتقاته من دمار هائل في العراق وهذا الدمار شمل ويشمل اليوم جميع مجالات الحياه الانسانيه والاجتماعيه والاقتصاديه في العراق الذي قام الاحتلال وعملاءه بتمزيق مقوماتها ونسيجها الاجتماعي والوطني, حيث اصبح العراق الجديد عراق الطوائف والمحاصصه والاقاليم الشبه مستقله عن سلطة الدوله المركزيه لابل ان العراق فقد هويته العربيه التي ضمت تحت سقفها جميع الطوائف وصار مجرد دوله فاشله وفاسده تحكمها ثلل طائفيه وعرقيه جزء منها تابعه لايران وجزء اخر تابع لامريكا والرجعيه العربيه, لكن الجاري في بغداد وتكويش المالكي على السلطه المركزيه في العراق هو نتيجه مباشره للدعم الايراني, حيث استطاعت ايران من ترسيخ نفوذها السياسي في اعقاب اسقاط نظام صدام حسين واحتلال العراق من قبل قوات العصابات الامريكيه والغربيه ومشتقاتها من ميليشيات عراقيه تحالفت مع قوات الغزو وبطشت بالعراق شعبا ودوله.. *على الاقل في زمن صدام حسين كان هنالك دوله عراقيه يشارك فيها العراقيون بكل طوائفهم تحت سقف عروبة العراق ويخطأ من يظن او يزعم ان الشيعه العرب كانوا غير فعَّالين في زمن صدام وغير منتسبين لحزب البعث لان الحقيقه التاريخيه تخالف هذا القول بكون ان النسبه الكبيره من منتسبي وضباط الجيش العراقي اللذي حلَّه الصهيوني بريمر في اعقاب الغزو كانوا من العرب الشيعه وليست من العرب السنه وكذلك الامر نفسه ينطبق على تركيبة حزب البعث العربي في العراق..طبعا نظام صدام حسين لم يكن نظاما ديموقراطيا, لكن من خدموا في صفوف هذا النظام كانوا عربا من الشيعه والسنه والطوائف الاخرى وليس السنه فقط كما يتحدث الطائفيون اليوم في العراق..هؤلاء الطائفيون التابعون لا مريكا وايران هم من دمروا العراق وقسموه عرقيا وطائفيا وضربوا اصول ومقومات شعبه العربي العريق منذعام 2003 وحتى يومنا هذا..عندما نتحدث عن الطائفيون لايجب ظلم العراقيين واتهام طوائفهم ومذاهبهم او بالاحرى اتهام طائفه دون الاخرى لا نه ببساطه افراد وجماعات كثيره من جميع الطوائف وعلى راسها الشيعه والسنه قد دعمت الاحتلال الامريكي واول مجلس حكم شكله بريمر في اعقاب الغزو شمل في صفوفه وقياداته سنه وشيعه واكراد وغيرهم...كانت هنالك ايضا ميليشات شيعيه واخرى سنيه ساندت الاحتلال كفيلق القدس وقوات بدر وميليشيات الصحوات والذي جرى بعد العام 2006 هو استيلاء نوري المالكي على الحكم وإقصاءه خطوه خطوه لحلفاءه السنه وغيرهم..بالمحصله طارق الهاشمي الهارب من سطوة المالكي لايمثل السنه لابل هو احد عملاء الاحتلال الامريكي كما هو حال المالكي والربيعي والجلبي والطلباني وباقي الثله اللذين قدموا على ظهور واجنحة الدبابات والطائرات الامريكيه وشكلوا نواة حكومات الاحتلال الامريكي حتى يومنا هذا..!!
الشعب العراقي ببساطه وقع ضحية للغزو الامريكي وعملاءه من طائفيون وطامعون بمقدرات وموارد العراق.. لاحظوا معنا بان الطائفيه والتطييف واستراتيجية فرق تسد جاءت مع الاحتلال وتجذرت خلال العشر سنوات الماضيه ضمن ديناميكية إستقطاب وتجاذب بين جماعات ومافيات جاء بها الاحتلال او خلقها ودعمها في العراق..العراق اليوم مسلوب ومنهوب ارضا ووطنا وهوية من قبل مافيات سطو طائفيه وغيرها اعادت العراق ليس للعصر الحجري كما تمنى بوش الاب يوم من الايام لابل اعادوه بدبابات الاحتلال الامريكي الى العصور الى المظلمه..الى القتل الجماعي.. الى الفقر والجوع وسوء التغذيه والامراض وغياب المرافق الصحيه والخدماتيه..اكثر من ثلثي عدد سكان العراق البلغ عددهم33 مليون نسمه يعيشون اليوم تحت خط الفقر في اغنى بلاد غنيه بالنفط ... اعادو شعبه الى الاميه[23 بالمئه من العراقيين أميين] والتخلف ودمروا مدارسه وجامعاته ومعاهده وقتلوا علماءه واطباءه ودمروا تاريخه وحضارته وسلبوا متاحفه واثاره واقاموا القواعد العسكريه عنوة فوق الاماكن الاثريه بهدف تدميرها...لَّوثو ارضه ومياهه ومدنه وقراه باليورانيوم المشع والفوسفورالابيض والنتيجه امراض قاتله وخطره تنتشر في العراق ومواليد ذوو تشوهات خلقيه في الفلوجه وغيرها من المدن العراقيه الذي قصفها الهمج باليورانيوم واالفوسفور والاسلحه االمحذوره دوليا..قتلوا شعب العراق وهجَروه وشردوه الى كل بقاع الدنيا.. لم تبقى بقعه في العراق الا واصابها الدمار والخراب الذي جلبه المجرم جورج دبليو بوش ومشتقاته.. تصوروا ان هذا المجرم ينعم اليوم بالحياه والحريه دون اي مساءله قضائيه حول جرائمه مسؤوليته عن تدمير العراق وقتل شعبه؟... فقط للمثال لا للحصر وبشهادة وزير العمل والشؤون الاجتماعيه في العراق عام 2011 وهو ان هنالك مايقارب ال 5. 4 مليون طفل عراقي فقدوا والديهم، أي أن هناك نسبة مخيفة تقدر ب 14' بالمئه من أطفال العراق من الأيتام. ومنذ الغزو عام 2003 وصلت نسبة يتم الأطفال في العراق الى 70 بالمئه. وهنالك مايقارب ال 600.000 طفل منهم يعيشون في الشوارع، فيما يبقى القليل منهم في ملاجىء ناهيك عن ملايين النساء الارامل جراء الحرب في العراق.. وألاف مؤلفه من المفقودين والمعتقلين الذين اعتقلهم الاحتلال وحكومته في خضراء بغداد!!
نعم وما لا يجب ان ننساه هو ذكر المقاومه العراقيه الشريفه اللتي كبدت الاحتلال المتغطرس خسائر فادحه وساهمت في رحيله العسكري و تخفيف وجود قواته على ارض العراق ولا ننسى القول بان على كل الاصوات اللتي تتبكبك ب" المظلوميه" التاريخيه ان تصمت لانها ظلمت العراق وشعب العراق اشد ظلم عندما تعاونت مع جحافل الاحتلال والذين تعاونوا مع الاحتلال كما ذكرت اعلاه من كل الطوائف وليست من طائفه واحده ومن المعيب ان يُربط اسم طائفه بالاحتلال ووجوده لتبرير وجود نظام طائفي ومذهبي في بغداد... المظلوميه المزعومه هي كذبه طائفيه سياسيه لانه ببساطه العرب الشيعه والعرب السنه خدموا سواء بسواء في جميع مناصب و مفاصل الدوله العراقيه ابان حكم صدام وقبل هذا.. المظلوميه هي عملية تبرير بهدف تمرير الحكم الطائفي وترسيخ سلطة ايران في بغداد والعراق بشكل عام!!
واخيرا وليس اخرا نعود للاجابه على السؤال المهم وهو: من هو الذي أعاد العراق الى العصور الحجريه والمظلمه؟!... والجواب بسيط ومعروف نسبيا وهو الاحتلال الامريكي وحلفاءه من عراقيين واكراد ولا ننسى الانظمه العربيه وخاصة الخليجيه منها وكامل اعضاء الجامعه العربيه الذين تواطؤا مع الاحتلال ودعمو وجوده في العراق الى حد منحه مقعد العراق في الجامعه العربيه والامم المتحده.. هذه الانظمه العربيه تتبكبك اليوم على عروبة العراق وهي اللتي سلمت رسنه لامريكا وايران..المفارقه ان هذه الانظمه نفسها ومعها نظام خضراء بغداد ينعقون اليوم على سوريا ويقومون بالامر نفسه وان تغيرت الادوات والاساليب وهو تدمير سوريا على راس اهلها...نعيد ونكرر ان ماجرى في العراق جريمه كبرى والمسؤولين عنها كثر, لكن يبقى جورج بوش وتوني بلير ومستشاريهم المسؤولين الرئيسيين عن المجزره المستمره في العراق منذ عشرة اعوام... القوانين والاخلاق البشريه التي تترك بوش وبلير دون محاكمه هي قوانين انحطاطيه وانتقائيه.. المطلوب هو العدل والقصاص لا اكثر والسؤال المطروح : اما ان للشعب العراقي ان يلملم جراحه ويعيش في وطنه في امان وفي دولة العراق لكل مواطنيه؟.. شبع العراقيون حروب ودمار وهي حروب مستمره منذ ثمانينات القرن الماضي حصدت ارواح ملايين العراقيين وشردت ملايين اخرين.. كفى..اعينوا العراق على محاربة الطائفيه والدكتاتوريه...عراق لشعبه وليست عراق للفاسدين والمحتلين!!

1