أحدث الأخبار
السبت 21 كانون أول/ديسمبر 2024
«رايتس ووتش»: 11 لاجئة تعرضن لعنف جنسي محرومات من العدالة في مصر!!
بقلم : الديار ... 25.11.2022

تقاعست السلطات المصرية عن حماية اللاجئات وطالبات اللجوء المستضعفات من العنف الجنسي المتفشي، بما يشمل التحقيق في الاغتصاب والاعتداء الجنسي، حسب منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي وثقت 11 حادثة عنف جنسي في مصر بين 2016 و2022، تعرضت لها سبع لاجئات وطالبات لجوء من السودان واليمن، بينهن طفلة.
لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، قالت: «لا تعيش النساء والفتيات اللاجئات في مصر أوضاعا هشة ويتعرضن لخطر العنف الجنسي فحسب، ولكن يبدو أيضا أن السلطات لا تهتم بحمايتهن أو التحقيق في الحوادث، أو تقديم المغتصبين إلى العدالة. عدم اهتمام السلطات الواضح بهذه القضايا يترك اللاجئات بلا ملاذ للعدالة».
مشكلة متفشية
حسب المنظمة «العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في مصر، مشكلة متفشية في السنوات الأخيرة، إذ تقاعست الحكومة إلى حد كبير عن وضع وتنفيذ سياسات وأنظمة تحقيق مناسبة أو سن التشريعات اللازمة لمعالجة المشكلة».
ويقع العديد من مجتمعات اللاجئين في القاهرة والجيزة في أحياء فقيرة ومناطق ترتفع فيها معدلات الجريمة، ما يؤدي إلى «تفاقم المخاطر التي تتعرض لها النساء والفتيات اللاجئات، اللواتي يبدو أن المهاجمين يستهدفونهن بناء على ضعفهن الفعلي أو المتصور المرتبط بالفقر والوضع القانوني».
ونقلت المنظمة عن ست نساء ووالدة الطفلة، وثلاث عاملات إغاثة، أنهم تعرضن للاعتصاب.
ورغم أن النساء الست «تعرضن لآثار جسدية بالغة جراء الاغتصاب، مثل النزيف أو الالتهاب، وصعوبة المشي، والكدمات، وألم العضلات، وإصابات أخرى، وأدت ثلاث حالات اغتصاب إلى الحمل»، فإن «الشرطة لم تُحِل أيا من النساء الأربع اللواتي اشتكين إليها إلى الطب الشرعي أو خدمات الرعاية الصحية».
وأبلغت الضحايا أيضا عن «العديد من المشاكل النفسية بما فيها مشاكل النوم، والشعور المستمر بالخوف بما فيه من الملاحقة، والغضب، والإحباط، والاكتئاب، ومشاكل الذاكرة».
وخمس من النساء سودانيات، وهن لاجئتان وثلاث طالبات لجوء مسجلات لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وصلن جميعا إلى مصر بين 2016 و2020. أما المغتصِبون، فأحدهم من سوريا، وآخر سوداني، والباقون مصريون.
وطالبت «رايتس ووتش» السلطات المصرية بـ«أداء واجباتها القانونية، وإجراء تحقيق شامل في جميع مزاعم الاغتصاب، وإنشاء آليات حماية للفصل بين عمليات إنفاذ قوانين الهجرة وضرورة حماية الناس، بما فيه في سياق استجابة الشرطة للجرائم العنيفة».
ودعت لأن «يكون اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون الذين لا يحملون وثائق، أو الذين انتهت صلاحية وثائقهم، قادرين على إبلاغ الشرطة بحوادث العنف دون خوف من الأعمال الانتقامية المتعلقة بوضعهم القانوني كمهاجرين».
وحتى أغسطس/آب 2022، كانت مصر تستضيف أكثر من 288 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، معظمهم من سوريا أو من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حسب المنظمة التي رجحت أن يكون العديد من الأشخاص الآخرين غير مسجلين.
وفي عام 2021، قدمت مفوضية اللاجئين خدمات الاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى أكثر من 2300 لاجئة مسجلة، مشيرة إلى أن الاغتصاب كان الشكل الأكثر شيوعا للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي المبلغ عنه في عام 2019، حيث شكلت المواطنات الأفريقيات معظم الضحايا.
وتلقت بلاغات عن 85 حالة اغتصاب و30 اعتداء جنسيا، و18 اعتداء جسديا، وست حالات اعتداء نفسي. وتحدثت «رايتس واتش» عن عوائق إبلاغ الشرطة والحصول على المساعدة القانونية والطبية. كما قابلت ثلاث موظفات في وكالتي إغاثة دولية، بالإضافة إلى محام في منظمة محلية لحقوق المرأة، وجميعهم يعملون مع ضحايا العنف الجنسي في مجتمعات اللاجئين في مصر.
ليست آمنة
وقالت عاملات الإغاثة الثلاث إن أقسام الشرطة في كثير من الأحيان ليست آمنة للاجئين، لأن الشرطة يمكن أن تحتجزهم إذا كان تصريح إقامتهم غير صالح، وهو ما يحدث في كثير من الأحيان بسبب عوائق التجديد.كما قلن إن الشرطة المصرية تطلب في معظم الحالات من ضحية الاغتصاب تقديم الاسم الكامل للمغتصِب للموافقة على إعداد محضر بالحادثة، وتقديم بلاغ أمر ضروري، لكنه لا يضمن أن تباشر الشرطة بالتحقيقات.وبينت عاملة إغاثة أن الشرطة في بعض الأحيان لا تسمح للاجئات حتى بدخول قسم الشرطة أو تطلب منهن دفع رشوة للدخول.ونقلت المنظمة عن محام مصري متخصص في قضايا العنف الجنسي، قوله إنه بسبب غياب خدمات المساعدة القانونية للاجئات، فهن لا يستطعن اتباع طرق قانونية أخرى لتسجيل شكوى عندما تكون الشرطة غير مستعدة لتقديم بلاغ عن اغتصاب مزعوم.وفي أغسطس/آب 2017 ويونيو/حزيران 2021 وفبراير/شباط 2022، لم تسمح الشرطة لطالبة لجوء، ولاجئتين قابلتهن «رايتس ووتش» بالإبلاغ عن حوادث اغتصاب في أقسام الشرطة في أحياء عين شمس، والحي العاشر، ودار السلام في القاهرة. اثنتان منهن قالتا إن الشرطة في هذه الأقسام، طلبت منهما تقديم الأسماء الكاملة للمغتصبين وعناوينهم لتسجيل الشكوى، لكن لم يكن لدى أي منهما هذه المعلومات، بينما قالت الثالثة إن أحد عناصر الشرطة لمسها في جزء حساس من جسدها، ما دفعها إلى مغادرة القسم دون تقديم بلاغ.وروت امرأة لاجئة في شهادتها للمنظمة، أن مجموعة من الرجال المصريين اغتصبوها في سيارة خاصة بعد اختطافها تحت التهديد بسلاح أبيض في يناير/كانون الثاني 2022.وأضافت أنها لم تقدم بلاغا إلى الشرطة عن الحادث بسبب تجربة سابقة في عام 2020 لدى شرطة القاهرة، حيث احتُجزت تعسفا في زنزانة الرجال بتهم متعلقة بـ «الآداب» بسبب هويتها الجندرية، وخلال هذه الفترة اعتدى عليها جنسيا أحد عناصر الشرطة. كما قالت امرأتان في شهادتيهما للمنظمة، إنهما تلقتا تهديدات من أرقام هواتف مجهولة بعد حوادث الاغتصاب، على الأرجح من المرتكبين أو أشخاص مرتبطين بهم.وقالت ضحية أخرى في شهادتها للمنظمة: إنها زارت في يونيو/حزيران 2021 مستشفى حكوميا في القاهرة للحصول على رعاية صحية بعد تعرضها للاغتصاب.وأضافت أنها كانت تنزف، لكن قال لها طبيب في قسم الاستقبال «أنا آسف، لكن لا يمكنني مساعدتك». وقالت ضحيتان ووالدة الطفلة في شهادتهن، إن الاعتداءات أسفرت عن حمل.وحسب المنظمة: في الوقت الذي يُجرم الإجهاض في أي مرحلة في مصر، بما فيها حالات الاغتصاب، تمكنت إحدى الضحايا البالغات ووالدة الطفلة من تأمين حبوب منع الحمل خارج أماكن الرعاية الصحية القانونية للإجهاض الطبي. وعلمت المرأة الأخرى بحملها بعد فوات الأوان على إجراء عملية إجهاض طبي، كما تعرضت لضغوط من والدتها لعدم الإجهاض.سارة لاجئة سودانية روت معاناتها للمنظمة، وقالت إنه في فبراير/شباط الماضي خرجت مع طفليها لشراء حاجيات في ضاحية عين شمس في القاهرة، حيث تقيم.وقالت إنها عندما عادت إلى المنزل وفتحت باب شقتها، وجدت فجأة رجلين اعتقدت أنهما سودانيان خلفها، دفعاها وطفليها إلى الشقة وأغلقا الباب. وتابعت: «أبقى أحدهما ابنتي البالغة من العمر ستة أعوام وابني البالغ عامين في غرفة المعيشة، وأمسكني الآخر وأخذني إلى غرفة النوم. كان يحمل سكينا وقال: «إذا بكيتِ سأعطي هذا السكين لصديقي وسيقتل طفليك»، ثم اغتصبني. بعد أن غادرا، جاء طفلاي إلى غرفة النوم؛ كنا جميعا نبكي».وحسب الشهادة التي نقلها التقرير، قررت سارة إبلاغ الشرطة في قسم عين شمس بالحادثة، وسألني إن كنت اعرف اسم أو عنوان الرجلين، فأجبت بالنفي، فقال لي «لا يمكنك تقديم بلاغ»، ولم يسمح لي حتى بالدخول إلى قسم الشرطة. وتتابع في شهادتها، أنها لم تشعر قط بالأمان في مصر، إذ تعرضت سابقا لاعتداء جنسي في ديسمبر/كانون الأول 2016، كنت أستقلت ميكروباص في مدينة نصر (حي في القاهرة). «كنت حاملا في ذلك الوقت، وبدأ رجل مصري يجلس بجواري يتلمس جسدي. طلبت منه أن يرفع يديه عني، فعرض علي بعض المال للسماح له بذلك. صرخت وتوقفت السيارة».سعاد (53 عاما)، طالبة لجوء سودانية، قالت في شهادتها إنها ذهبت في 23 يونيو/حزيران 2021 إلى منزل في حي المقطم في القاهرة لرسم وشم بالحناء لعروس وغيرها من أفراد أسرتها.وأضافت: «ذهبت إلى المنزل حوالى الساعة 3 بعد الظهر واستمريت في العمل حتى الساعة 3 صباح اليوم التالي. دفعوا لي كل شيء وكان كل شيء جيدا. أخبرني شاب من العائلة أنه يستطيع توصيلي، لذا ركبت سيارته وغفوت في الطريق. استيقظت بعد ذلك في قبو مبنى ما تحت الإنشاء عارية تماما ويداي ورجلاي مقيدة وفمي مغلق بشريط لاصق»، وقام عدة رجال باغتصابها.وقالت سعاد إنهم لم يطلقوا سراحها إلا عندما جاء رجل أكبر سنا، ربما كان من أقارب الثلاثة، إلى القبو وضربهم. ثم أعطاهم مفاتيح سيارته، وأمرهم بأخذها بعيدا وإلا اتصل بالشرطة.
اغتصاب
أما أمل (29 عاما)، لاجئة سودانية، فتروي في شهادتها للمنظمة أنها استقلت حافلة صغيرة فيها ثلاثة ركاب رجال مصريين وسائق مصري، «وسلك السائق طريقا مختلفا عن طريق وجهتنا، فسألته «إلى أين تذهب؟» أخرج عندها أحد الركاب سكينا وأمر صديقتي بأن تصمت، وسحب آخر صاعقا كهربائيا، وقال الشيء نفسه، وهنا اكتشفنا أنهم اختلقوا أمر النقل بأكمله». وقالت أمل إن «السائق توجه إلى منطقة نائية وتوقف هناك، ثم اغتصب رجلان كل واحدة منا، ثم تركانا في تلك المنطقة النائية. واصلنا السير في اتجاه الأضواء حتى وجدنا أخيرا طريقا رئيسيا. كانت ملابسنا وحجابنا مبعثرة. لوحنا للسيارات لمساعدتنا، توقف سائق بعد عدة محاولات وأخذنا إلى أقرب محطة مواصلات. نظر إلينا الجميع وسألنا: «ماذا حل بكما؟». وأكدت أنها قررت إبلاغ الشرطة بالحادثة، لكن صديقتها أخبرتها أنها لا تستطيع الإبلاغ عنها لأن زوجها قد يقتلها إذا علم بما حدث، فذهبت أمل بمفردها إلى قسم شرطة عين شمس.فاطمة، طالبة لجوء يمنية، اغتُصبت في سن 11 عاما، قالت والدتها في شهادتها، إنها أرسلتها في مايو/أيار 2020 للتبضع من بقالة قرب منزلهما، وطلبت منها أن تركب «توك توك» (مركبة ثلاثية العجلات) كالمعتاد، لكن بعد حوالى 20 دقيقة، عادت فاطمة تبكي وكان وجهها أحمر. سألتُ الأم ابنتها، عما حدث، فقالت إن سائق التوك توك أخذها إلى منطقة نائية، واغتصبها، ثم بدأت تلاحظ أعراض الحمل.وقالت الأم إنها تمكنت من تأمين بعض الحبوب التي أنهت الحمل: «أعطيتها هذه الحبوب وبعض المشروبات المحددة».

1