أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
وثيقة تأمين لتحصين المطلقات في مصر من الضغوط المادية!!
بقلم : الديار ... 24.03.2022

**تسعى الحكومة المصرية لوضع حد لمعاناة المطلقة حيث سيتم بموجب قانون وافق عليه البرلمان منحها تأمينا ماليا يقيها العوز والحاجة بعد أن تخلى عنها عائلها، شريطة مرور ثلاث سنوات على زواجها. ويؤدي ترك المطلقة وأولادها دون نفقة مالية إلى حين الفصل في دعاوى النفقة الزوجية وحصول السيدة على حقوقها المالية إلى المزيد من الصعوبات.
القاهرة - أوشكت الحكومة على إنهاء معاناة المطلقات في مصر تماما مع تنامي ظاهرة الطلاق، وفشل الجهود التي اتخذتها للتصدي لها، حيث يحوي مشروع قانون التأمين الموحد الذي وافق عليه مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)على مادة ترتبط بصرف مبلغ مالي كتأمين إجباري يدفعه الزوج عند إنهاء العلاقة الزوجية، بما يعين المطلقة على صعوبات الحياة.
وتتلخص وثيقة التأمين الإجباري للطلاق في أن يُصرف لكل سيدة مطلقة 25 ألف جنيه (نحو 1500 دولار) بعد الطلاق البائن، شريطة مرور أكثر من 3 سنوات على الزواج، وتستهدف الحكومة، ممثلة في هيئة الرقابة المالية، من هذه المادة منح المطلقة تعويضا ماديا مؤقتا معقولا يساعدها على استكمال مسيرتها بعد توقف إنفاق العائل بسبب الطلاق وإلى حين الحكم القضائي في مسألة النفقة.
وأدركت الحكومة أن ترك المطلقة تواجه وأولادها صعوبات الحياة إلى حين الفصل في دعاوى النفقة الزوجية وحصول السيدة على حقوقها المالية، أن يجلب المزيد من الصعوبات ويخلف وراءه المزيد من الأزمات الأسرية وتشريد الأطفال وحرمانهم من حقوقهم في أن يعيشوا حياة كريمة لمجرد أن العلاقة بين الأب والأم لم تستمر.
ووجدت هيئة الرقابة المالية، وهي الجهة التي قدمت القانون، أنه بعد دراسة أجريت لحالات الطلاق في مصر أن الفترة الزمنية بين صدور قرار الطلاق وتوثيقه رسميا، حتى حصول المطلقة على حقوقها في النفقة الشرعية والمؤخر وغير ذلك، تستمر قرابة عام، وكحد أدنى تسعة أشهر، وأغلب المطلقات في هذه الفترة ليس لديهن مصدر للدخل مستقر ومنتظم.
وحصول المطلقة على بضعة آلاف من الجنيهات سيكون بالنسبة إليها مصدرا مؤقتا يوفر لها الحد الأدنى من الحياة الكريمة، خاصة إذا كانت تعول أبناء، والميزة الأهم أن هذا المبلغ سوف تحصل عليه المرأة فور توثيق عقد الطلاق من دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء والحصول على حكم بشأنه، وتصرفه من شركة التأمين المسؤولة.
واستقبلت أوساط نسوية فكرة التأمين الإجباري ضد الطلاق بترحيب واسع لأنه يوقف إذلال المطلقات ويجنبهن التعرض لضغوط قاسية، بحكم المعاناة التي يتعرضن لها بعد الانفصال من شح مالي ما يدفعهن لتسول المال والاستدانة لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، والمعضلة عندما يكون لديهن أبناء في مراحل تعليمية مختلفة ولا يستطعن الإنفاق عليهم.
ترك المطلقة تواجه وأولادها صعوبات الحياة إلى حين الفصل في دعاوى النفقة الزوجية يجلب لها المزيد من الصعوبات
وهناك من اعترض على مشرع القانون لكونه لن يحد من معدلات الطلاق وقد يزيدها، حيث تفضل بعض السيدات عدم الانفصال لغياب العائد المادي أو العائل لهن ولأولادهن، وكل واحدة تتحمل مشكلات زوجية كثيرة كي لا تواجه المصير المجهول، ومع شعورها بأنها ستتحصل على مبلغ مالي مناسب إلى حين صدور الحكم بالنفقة قد تسارع إلى طلب الطلاق.
وتخشى مروة مجدي التي وصلت علاقتها بزوجها إلى طريق مسدود من وقوع الطلاق لأن أسرتها أبلغتها بعدم استضافتها في منزلها حال انفصالها عن شريكها، وعليها أن تبحث عن مكان آخر، مع أنها لا تعمل ولديها طفلان، بالتالي قد تتسول لقمة العيش إلى حين أن يفصل القضاء في قيمة النفقة التي تستحقها، وحصولها لاحقا على المؤخر، وكل ذلك في حاجة إلى وفرة مالية ولو مؤقتة.
وكشفت مروة في حديثها لـ”العرب” أن وثيقة التأمين ضد الطلاق طوق نجاة للمرأة التي تخلت عنها أسرتها، وتفتقر إلى مصدر دخل محدد يعينها وأولادها ويحصنها من القهر المعنوي، لأن مشكلة الكثير من النساء مرتبطة بضغوط عائلاتهن عليهن لعدم الانفصال، وتهديدهن بعدم الإنفاق لإجبارهن على استمرار العلاقة الزوجية.
وفيما يرى بعض المتحفظين على التأمين الإجباري ضد الطلاق أن قيمة التعويض قد تدفع زوجات لافتعال مشكلات بهدف الانفصال والحصول على هذه الأموال، هناك من يعارضون هذه الشكوك، إذ من الصعب أن تجازف المرأة بحمل لقب مطلقة من أجل بضعة آلاف من الجنيهات، إلا لو كانت تعيش معاناة يصعب تحملها من زوجها وتريد التحرر منه بأيّ طريقة.
واشترط القانون مرور ثلاث سنوات على العلاقة الزوجية لتستحق المطلقة الحصول على هذه الأموال، ومنع التلاعب من بعض السيدات بأن تكرر حالات الزواج والطلاق لتستحق التعويض، أي أن المبلغ لن تحصل عليه كل امرأة مطلقة، إلا التي تعيش مع زوجها فترة طويلة ولم تبادر بطلب الانفصال أو تم تطليقها غيابيا، وما دون ذلك فلن تكون هناك تعويضات.
ويتذمر الكثير من السيدات لكون التأمين ضد الطلاق لا يغطي حالات الخُلع، وهو أن تطلق المرأة زوجها عن طريق القضاء، لكن ثمّة مبرّرات كثيرة للحكومة في هذا الشأن ترتبط بأن العديد من حالات الطلاق بالخلع تكون لأسباب واهية ومثيرة للاستهجان، ولا تستحق إنهاء العلاقة الزوجية بسببها، كأن تطلب امرأة الانفصال لأن شريكها ينام كثيرا أو يسهر طويلا.
حصول المطلقة على بضعة آلاف من الجنيهات يوفر لها الحد الأدنى من الحياة الكريمة خاصة إذا كانت تعول أبناء
حصول المطلقة على بضعة آلاف من الجنيهات يوفر لها الحد الأدنى من الحياة الكريمة خاصة إذا كانت تعول أبناء
وقال إسلام عامر نقيب المأذونين لـ”العرب” إن التأمين الإجباري ضد الطلاق سيغطي حوالي 20 في المئة من السيدات، باعتبار أن باقي الحالات تقع بسبب الخلع وليس منطقيا أن تبادر امرأة بإنهاء العلاقة الزوجية دون رغبة شريكها ثم يتم إدراجها ضمن حالات الاستحقاق، فهي التي اختارت، في حين يهدف القانون إلى توفير حياة كريمة للسيدات اللاتي طلقهن الرجال.
وغاب عن الجهات الرسمية ومجلس النواب أيضا أن هناك شريحة ليست قليلة من السيدات اللاتي يرفعن قضايا خلع يسلكن هذا المسار لرفض الرجال تطليقهن بعد إذلالهن وقهرهن حتى يلجأن إلى القضاء برفع دعاوى خلع، ويخسرن كل شيء، مثل النفقة والمؤخر وباقي الحقوق، حيث يتعامل القانون مع المرأة التي تخلع زوجها باعتبارها تنازلت عن مستحقاتها لأجل الانفصال.
وترى عبير سليمان الناشطة الحقوقية في قضايا المرأة بالقاهرة أن وثيقة التأمين ضد الطلاق تحفظ آدمية المرأة عقب انفصالها عن زوجها ولا تكون في حاجة إلى من يمنّ عليها بالمساعدة ولا تعيش حياتها في معاناة مع النفقة أو تكون مضطرة للبحث عن شريكها السابق ليدفع لها حفنة من المال كنوع من الترضية، فهي سوف تعيش بقيمة وثيقة التأمين إلى حين فصل القضاء في كل مستحقاتها.
وتؤكد سليمان لـ"العرب" أن الحرمان المادي للمطلقة أكبر عقوبة لها من جانب الرجل بعد الانفصال، من خلال الضغط عليها والامتناع عن مساعدتها وأحيانا تلجأ أسرتها إلى نفس الفعل لإجبارها على العودة إلى سكن الزوجية، لكن وجود وفرة مالية نسبية بعد الطلاق يجعلها مستقلة الرأي وحرة في اتخاذ القرار، ومطمئنة إلى أن لديها سندا ماليا يعينها مهما عوقبت على رغبتها في التحرر من الحياة الزوجية القاسية.

*المصدر : العرب
1