شدد مجلس الوزراء المصري، العام الماضي، عقوبة ختان الإناث إلى السجن حتى 20 سنة، من خلال تعديل القانون رقم 58 الصادر عام 1937، لكن الإجراء لم يحدّ من انتشار هذه الممارسة.
وفرض القانون المعدّل عقوبة السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات على أي شخص "يجري ختاناً لفتاة عبر إزالة جزء من أعضائها التناسلية أو يعدّلها أو يشوّهها، أو يلحق إصابات بها"، وحدد عقوبة التسبب في عاهة مُستديمة بالسجن 7 سنوات على الأقل، والوفاة بالسجن 10 سنوات على الأقل.
ونصت التعديلات أيضاً على سجن كل من يطلب ختان أنثى، أو يروّج هذه الممارسة ويشجعها، أو يدعو لارتكابها حتى في حال عدم تنفيذها.
وأكد رئيس مجلس النواب حنفي جبالي حينها أن "البرلمان أخذ برأي الأزهر الشريف، والمجلس القومي لحقوق المرأة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، في شأن تشديد عقوبة ختان الإناث". أما رئيس اللجنة الدينية في البرلمان علي جمعة فقال إن "تجريم الختان يتفق مع الشرع الشريف، ومصدر الخلاف حوله ليس فقهياً، بل يرتبط بالثقافات الموروثة".
وجاء ذلك بعد عقود طويلة من الجهود المبذولة لحث المجتمع والسلطات على الاعتراف بجريمة الختان، علماً أن مجلس الشعب أصدر عام 2008 أول تشريع جرّم ختان الإناث، والذي عاقب حينها كل من يقوم بممارسة الختان بالسجن بين ثلاثة أشهر وعامين، ودفع غرامة تراوح بين ألف جنيه (63.43 دولاراً)، و5 آلاف جنيه (317.18 دولاراً). لكن ذلك لم يمنع احتلال مصر المركز الرابع عالمياً على صعيد عدد النساء اللواتي تعرضن لعمليات ختان، وفقاً لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف). ووصلت نسبة ختان الإناث في مصر عام 2000 إلى 97 في المائة، ثم انخفضت إلى 92 في المائة عام 2015، و87 في المائة عام 2016، قبل أن ترتفع مجدداً إلى 91 في المائة عام 2017.
وأشارت دراسة "يونيسف" أيضاً إلى أن ممارسة الختان شائعة في 28 دولة أفريقية وشرق أوسطية، وفي صفوف المهاجرين في أوروبا والولايات المتحدة، وأعلنت عن تعرّض أكثر من 130 مليون امرأة في 29 دولة في أفريقيا والشرق الأوسط للختان، علماً أن الاتحاد الأفريقي جرّم الختان في "الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل" الذي أصدره عام 1990، حيث لم تعترض عليه إلّا دول في وسط القارة.
ويرى ناشطون في مصر أن التعديلات القانونية التي شددت العقوبات المفروضة على جريمة الختان، تتضمن ثغرة يستغلها مقدمو الرعاية الصحية للقيام بهذه الجريمة، وتتمثل في "وجود سبب طبي". لذا تطالب جهات حقوقية بإخضاع القانون المطبق لتعديل إضافي، مع تشديدها على أنه لن يكفي وحده لإنهاء الظاهرة المتجذرة في المجتمع لأسباب عدة، أهمها الجهل والبطالة، "إذ يجب تحسين آليات مناهضة الجريمة".
وترى مجموعة "براح آمن" النسوية التي تسعى إلى وضع العنف الأسري الذي تتعرض له النساء في مصر على قائمة أولويات القضايا المجتمعية، أن "تعديل القانون المناهض لجريمة الختان يجب أن يلحظ تعويض النساء الناجيات منها، ويأخذ بآراء الناجيات باعتبارهن الأنسب لتحديد شكل الدعم الملائم، وكيفية الحد من انتشار الجريمة التي سبق أن تعرضن لها. كما يجب أن تترافق إجراءات معاقبة المجرمين مع أنشطة توعوية، وأخرى توفر الرعاية الصحية والمساعدة النفسية المطلوبة للنساء والفتيات اللواتي تعرضن لختان".
وتٌقدر منظمة الصحة العالمية العبء الاقتصادي المتعلق بالرعاية الصحية بسبب ممارسات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث) بـ1.4 مليار دولار سنوياً، وتقول: "من المرجح أن يرتفع هذا الرقم في حال عدم تسريع الجهود المبذولة لمنع هذه الممارسة الضارّة، والحد من الأذى الذي يلحق بالنساء والفتيات، وتقليل العبء الصحي وتكاليف الرعاية الصحية المترتبة على الأنظمة الصحية المرهقة فعلاً من انتشار فيروس كورونا".
وتعتبر مجموعة "براح آمن" النسوية أن "هناك حرباً لإعادة تشكيل وعي المواطن المصري. فالمعتقدات والموروثات الثقافية تؤثر بشكل قوي في استمرار ممارسة جريمة الختان، سواء من جانب الأمهات أو مقدمي الرعاية الطبية، وتجعل الختان ممارسة طبية. لذا يجب أن تتضافر الجهود من أجل شهيدات هذه الممارسة في مصر وأفريقيا، والنساء اللواتي عانينَ نفسياً وصحياً من جريمة الختان. ولأجلهنّ جميعاً يجب الإسراع في وقف الجريمة وإنهائها".
تشديد العقوبة لا يحد من ظاهرة ختان الاناث في مصر!!
بقلم : الديار ... 08.02.2022