أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
سودانيات يأملن في تغييرات قانونية اجتماعية جذرية!!
بقلم :  الديار ... 25.11.2019

مع تصاعد العنف للنساء في السودان، وتزامنًا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف اليوم الإثنين، تعلق العديد من السودانيات آمالا على إحداث تغييرات سياسية واجتماعية.
وبحسب منظمات حقوقية سودانية، تعتبر السودان كأكثر دولة تعسفية ضد المرأة، فيها تطبق قوانين تنص على معاقبة النساء بـ"جلدهن" على تهم ارتكاب "جرائم أخلاقية"، إحداها هو "قانون النظام العام" المطبّق في السودان منذ 1996، والذي يقيّد الحريات العامة والفرديّة، وينصّ على عقوبات مشدّدة مثل الجلد والسجن لفترات تصل لخمس سنوات وغرامات مالية كبيرة.
وتعبر ناشطة نسوية وتحمل درجة ماجستير في "دراسات الجندر والتنمية"، حليمة عبد الله (41 عامًا)، عن غضبها لوكالة "فرانس برس"، على القانون المذكور بمعاقبتها بـ40 جلدة بتهمة "شرب الخمر" بقولها : إنّ "عقوبة الجلد تكسر شيئاً في داخلك (...) أصبحتُ أكثر عدوانية وأكثر عنفاً، صار لديّ جانب عنيف في شخصيتي وسببه ما حصل لي"، مضيفةً أنها تأمل اليوم، وبعد "الثورة" التي أطاحت بالرئيس عمر البشير وأرست بداية مسار ديموقراطي في البلاد، بأن القانون والذهنيات ستتغير.
وتابعت حليمة، أنه ما لم تكن تعلمه، هو أنّ شخصيّتها القوية التي ورثتها عن والدتها، وشعرها القصير غير المستور بمنديل، ولباسها الغربي المختلف في حينه عن هندام عموم السودانيات، سيستفزّون القاضي لدرجة أن يشدّد العقوبة إلى مئة جلدة وأن يصرّ على أن تنفّذ أمامه. وتضيف: "جُلدت مئة جلدة أو ربّما أكثر، فبعضها أُعيدَ وأنا لم أكن أعدّها". وتصف تعليقات القاضي على شكلها بأنها رجعية و"متخلفة" مضيفةً أن "القاضي كانت لديه مشكلة شخصية معي، مع شكلي... حتى إنّه قال لي نحن الإسلاميين في الحكم منذ أكثر من عشرين سنة ولسّه في بنات كده؟..و انه هو بمثابة الله" .وذكرت أن القاضي أدانها بتهمة إضافية وهي "الزيّ الفاضح" وحكم عليها بمئة جلدة وغرامة. وسرعان ما أمر القاضي بإخلاء قاعة المحكمة لتنفيذ العقوبة أمامه، بينما أصرّ محامي حليمة على أن تنفّذ الجلد امرأة مستعينا بمادة في القانون تنصّ على ذلك. وكان القاضي يأمر بإعادة الجلدات الخفيفة، كما تروي الأخيرة.
وتقول المديرة العامة لـ"وحدة مكافحة العنف ضدّ المرأة والطفل" في السودان، سليمى إسحق شريف (44 عامًا) لوكالة "فرانس برس" إنه "نحن لدينا أصلاً عنف كثير ممنهج ممارس على النساء للحدّ من مشاركتهن السياسية والاجتماعية. ولدينا حتى قوانين تلزم أو تحثّ على ممارسة العنف على النساء، بالقانون". وتوضح أنّ "قانون النظام العام" لا يتضمن "ثوابت معروفة معمولا بها، وليس قانوناً واضحًا بل يطبّق وفق مزاج من ينفّذ الحكم".
وشاركت آلاف النساء في التظاهرات التي اندلعت ضد نظام الرئيس السوداني السابق البشير، في كانون الأول/ ديسمبر 2018 احتجاجًا على ارتفاع سعر الخبز، ثم تحولت إلى مطالبة بسقوط النظام الذي أطاح به الجيش. وتواصلت الحركة الاحتجاجية بعد ذلك إلى حين التوصل إلى اتفاق بين منظميها والمجلس العسكري الذي استلم الحكم بعد البشير في إطار مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات وحكم مدني". ومع هذه التغييرات السياسية تأمل حليمة وغيرها أن تتغير القوانين الظالمة ضد النساء.
وعقبت حليمة على الظلم المستمر بحقها، خاصةً عندما تحاكمت للمرة الثانية أمام أسرتها. وبصدد هذا، تقول حليمة إن "ما آلمني هو أنّ المجتمع، ومن ضمنه الأسرة أو الأهل، لا يفهموننا. نحن لدينا حقوق، ونريد أن نعيش كما نشاء" وتضيف:" أن تكون مختلفاً في مجتمع مثل المجتمع السوداني وأن تكون امرأة.. تصبح حياتك صعبة جداً... عليك أن تكون قوياً طوال الوقت لكي تأخذ حقّك، أو تتنازل وتتنازل فتخسر نفسك".
وصرحت حليمة بفقدان الأمل بإمكانية التغيير في السودان، فسافرت إلى الخارج حيث كانت تعتزم الاستقرار نهائيًا، لكنّ الحراك الشعبي الذي أطاح بالبشير في نيسان/ أبريل 2019 أعاد إليها الأمل بإمكانية أن يصبح السودان دولة مدنية، فأعادت فتح مركز للدراسات النسوية التي كانت ستضطر لإغلاقه في 2014.
وتعتبر حليمة أيضًا، أن بائعات الشاي اللواتي ينتشرن في معظم أنحاء الخرطوم حيث يبعن الشاي والأطعمة على الأرصفة بدورهن من أبرز ضحايا قانون النظام العام لأن الشرطة تستخدمه لملاحقتهن.
وتؤكّد الناشطة بالدفاع عن حقوق العاملات في الشارع، لوكالة "فرانس برس"، عوضية محمود كوكو (56 عامًا) ، أنّ حملات الشرطة لا تزال مستمرة ضدّ "ستّات الشاي" اللواتي رفعن قضيتهن لرئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.
وتقول الناشطة عوضية التي منحتها واشنطن في 2016 ، "جائزة المرأة الشجاعة"، إن "لغاية الآن هناك كشّات (حملات أمنية) وبالأمس اشتكينا لحمدوك أنّ الشرطة ما زالت تطارد ستّات الشاي، لماذا؟ ألم نقل (إن السلطة أصبحت) مدنيّة؟ ألم نقل إن الكشّة وهذه الأمور انتهت؟".

1