أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
نساء يسجنّ في الأردن بسبب عصيان ولي الأمر !!
بقلم : الديار ... 26.10.2019

منظمة العفو الدولية تنتقد نظام الوصاية التمييزي وتتهم الحكومة الأردنية بإساءة معاملة نساء وفتيات.
كشف تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية عن تعرّض النساء المتهمات بالغياب عن المنزل أو الفرار منه أو ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، إلى خطر السجن دون تهمة أو محاكمة في الأردن بسبب عصيان سلطة الذكور داخل الأسرة، حيث تزعم السلطات أنها تعمل على حماية النساء ممّا يُسمّى بجرائم الشرف.
عمان - اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة الأردنية بإساءة معاملة نساء وفتيات يعتقد أنهن تجاوزن سلطة وليّ الأمر، أو تصرّفن بشكل يعتبر غير أخلاقي، وذلك عبر فرض حجز إداري عليهن، وإجبارهن على الخضوع لفحوصات العذرية.
وقالت المنظمة في تقرير نشر الأربعاء بعنوان “سجن النساء، وانتزاع الأطفال: الرقابة الشرطية على الجنس والزواج والحمل في الأردن”، إن “على السلطات الأردنية الكفّ عن التواطؤ مع نظام وصاية ذكوري مسيء للسيطرة على حياة النساء والحد من حرياتهن الشخصية”.
وتتعرض نساء متهمات بمغادرة منازلهن دون إذن أو ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، لاحتمال “التحفظ الإداري” عليهن والإهانة من خلال خضوعهن لـ”فحص العذرية”، في حين تواجه نساء حوامل خارج إطار الزواج “انفصالا قسريا عن أطفالهن حديثي الولادة”.
وأفادت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة هبة مرايف في التقرير، إنه “يجب على الحكومة أن تعالج سريعا هذه الانتهاكات المشينة.. بدءا من الاستخدام المتحمّس لصلاحية الاحتجاز من قبل حكّام إداريين، ونظام الوصاية التمييزية للذكور الذي يسمح بتوقيف النساء البالغات بسبب مغادرتهن المنزل دون إذن”.
إساءة معاملة نساء وفتيات يعتقد أنهن تجاوزن سلطة وليّ الأمر، أو تصرّفن بشكل يعتبر غير أخلاقي، عبر فرض حجز إداري عليهن
وأضافت “على مدى السنوات العديدة الماضية، اعتمدت الحكومة عدّة تدابير إصلاحية مهمة للتصدي للعنف القائم على نوع الجنس، بما في ذلك افتتاح ملجأ “الدار الآمنة” للنساء المعرّضات للخطر، ولكن حان الوقت الآن لوضع حدّ للاحتجاز وسوء معاملة النساء لمجرّد عصيانهن أوامر وليّ أمرهن أو مخالفتهن القواعد الاجتماعية”.
وتقول منال إبراهيم مديرة “دار آمنة” إن “الدار استقبلت منذ افتتاحها في 30 يوليو عام 2018 ما مجموعه 86 حالة تم تحويلها من قبل الحكام الإداريين (المحافظين)”.
وأضافت أنه “تمت إعادة تأهيل ودمج 64 حالة منهن بأسرهن، ولم يتبق لدينا سوى 22 حالة يتم إعادة تأهيلها حاليا”.
وأوضحت أن “نزيلات الدار يخضعن لبرنامج إعادة تأهيل من قبل أخصائيين اجتماعيين وأطباء نفسيين ومستشارين قانونيين لأن بعضهن يعانين من اضطرابات نفسية، وتعرّضن لاستغلال وعشن ظروفا إنسانية صعبة وتفككا أسريا”.
وتابعت “نقوم كذلك بتدريس الأميات منهن على القراءة والكتابة وكيفية استخدام الكمبيوتر وتصليح الأجهزة الخلوية، وورش عمل حول كيفية الرسم على الأواني الزجاجية وصناعة الصابون وأخرى شبيهة بصالون التجميل”.

وتؤكد أنه “يجري في الوقت نفسه استضافة ذويهم في جلسات الهدف منها حلّ مشاكلهن وإعادتهن إلى أسرهن”، مشيرة إلى أنّ “الدار تبقى مكانا مؤقتا وليس دائما للنزيلات”.
وخلصت إلى أنه “في المرحلة النهائية وعندما يتم الصلح بين الفتاة وذويها وتزول عوامل الخطورة يتم إعادتها إلى ذويها ضمن تعهدات وبرضاء تام من قبلها، حيث نقوم لاحقا بمتابعة حالتها من خلال الزيارات المنزلية والاتصالات الهاتفية”.
ويقول التقرير إن “مكتب رئيس الوزراء ردّ على المنظمة بأن هناك 149 امرأة رهن التحفّظ الإداري، وأن 1259 امرأة قد تم إطلاق سراحهن من التحفظ الإداري خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي”.
وأضاف أن “هؤلاء تم احتجازهن لعدة أسباب من بينها التغيّب عن المنزل دون إذن وليّ الأمر من الذكور وممارسة الجنس خارج إطار الزواج، الزنا”.
وزارت المنظمة مركز إصلاح وتأهيل الجويدة والتقت 22 امرأة مسجونة دون تهمة أو محاكمة قلن إنه تم توقيفهن بسبب الغياب أو بتهمة الزنا.
وأشارت معظم السجينات إلى أنهن تعرّضن للسجن لعدة أشهر، وكن ينتظرن زيارة أحد أفراد الأسرة من الذكور لإنقاذهن.
وتقول العشرينية علا إنها “أصبحت حاملاً وحاولت الزواج من الرجل الذي أقامت علاقة معه، لكن لم تتم الموافقة على الزواج لأنه ليس لديّ وليّ أمر، لقد توفي والداي، ولديّ أخوات أصغر سنا، ولا أخوة.. ذهبت إلى المستشفى وأنجبت”.
وأضافت “سألوني في المستشفى ما إذا كنت متزوجة وقلت لا، فاتصلوا بالشرطة، هكذا انتهى بي الأمر هنا”.
ونبه تقرير المنظمة الدولية إلى أن “النساء غير المتزوجات المحتجزات بسبب غيابهن أخبرن المنظمة بأن عناصر الشرطة أجبروهن على إجراء اختبار العذرية”.
ونقل التقرير عن حنان (20 عاما) قولها إنها فرّت من منزلها مع أختها ثلاث مرات نتيجة تعرضها لسوء المعاملة.
وأوضحت “في كل مرة هربنا فيها، يتم القبض علينا، تأخذنا الشرطة إلى المستشفى، ويصر والدي على إجراء اختبارات العذرية علينا. ووافقنا لذلك كان لا بد علينا من أن نظهر لأبينا أننا عذارى في كل مرة”.
كما دعت المنظمة إلى وقف الإبعاد القسري للأطفال عن أمهاتهم فورا. وحضت مرايف الحكومة على “مراجعة شاملة للقوانين والسياسات لضمان منح النساء الثقة باتخاذ قرارات حرة بشأن حياتهن الجنسية والإنجابية بدلا من تجريمهن ومعاقبتهن وتهميشهن”.وقالت مرايف في مؤتمر صحافي لعرض التقرير “ما نتحدث عنه اليوم هو مسؤولية الحكومة الأردنية والدولة تجاه مواطناتها الأردنيات، في أن توفر لهن حياة دون عنف وسوء معاملة واعتقال تعسّفي، وأن تحترم حريتهن في التصرف، وأن لا تميّز بينهن وبين الرجال”، مشيرة إلى أن “هذه التزامات الحكومة الأردنية بحسب قانون حقوق الإنسان الدولي”.
ومن جانبها، أكدت أسمى خضر المديرة التنفيذية لجمعية “معهد تضامن النساء الأردني” وهي منظمة غير حكومية تُعنى بحقوق المرأة، أن “المسألة أعقد بكثير مما نعتقد ومرتبطة بمنظومة ثقافية وتقاليد وعادات وسلوك اجتماعي للرجال والنساء”. وأضافت “نأمل أن نصل إلى القضاء النهائي على التوقيف أو الاحتجاز الإداري للنساء” و”الإسراع في توفير دور آمنة وليس دار آمنة واحدة”، مشيرة إلى أن “الدولة مسؤولة عن حماية وأمن هؤلاء النساء”.
كما ذكرت المنظمة أنه في يوليو 2018 واستجابة للدعوات طويلة الأمد من قبل المنظمات النسائية والحقوقية، أنشأت وزارة التنمية الاجتماعية ملجأ “دار آمنة” لتوفير بديل لـ”الحجز الوقائي” للنساء المعرضات للخطر. وعلى الرغم من أن العشرات من النساء قد استفدن من هذا المرفق، إلا أنهن مازلن يتعرضن للاحتجاز التعسفي ولفحوصات العذرية ويفصل أطفالهن قسرا.
وأضافت “تصف الشهادات المباشرة كيف تبدو هذه الأفعال مصمّمة، لا لحماية المرأة، ولكن لمعاقبتها وإكراهها على الخضوع لسيطرة أفراد الأسرة الذكور”.

1