شد انتباهي الاحتفاء الكبير الذي أبداه الكثيرون برئيسة كرواتيا كوليندا غرابار- كيتاروفيتش على مواقع التواصل الاجتماعي، وصورها التي تم تداولها على نطاق واسع من قبل عدد كبير من الرجال، مع عبارات الثناء والإعجاب والانبهار لما بدر منها تجاه منتخب بلادها.
نالت كوليندا تكريما ذكوريا عربيا بامتياز، كما لو أنها أصبحت ملكة على عرش قلوب الرجال في مونديال روسيا 2018، وهي تستحق فعلا أن تكون حاملة لهذا التاج، لما أبدته من حماس وإصرار على مساندة منتخب بلادها، الذي وصل لأول مرة في تاريخه إلى نهائي كأس العالم، وأبهر الجماهير العريضة بتمكنه من هزيمة روسيا وإنكلترا.
مزّقت سيدة كرواتيا الصورة النمطية للرؤساء، فارتدت زي المنتخب ودخلت حجرة تغيير ملابس اللاعبين لتعانقهم جميعا، وتتقاسم معهم مشاعر الفوز والخسارة، ورقصت فرحا لفوزهم وبكت حزنا لخسارتهم، بل وصل الأمر بها إلى حد توزيع قمصان منتخب بلادها على زعماء العالم أثناء قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتكسّر كل القواعد البروتوكولية المتعارف عليها بين السياسيين.
وبالرغم من أن البعض من الرؤساء قد لا يحبذ هذه العلاقة العمودية بين الرئيس والمواطن، لكن لا أحد أنكر أن كيتاروفيتش برغم منصبها الشرفي قد استطاعت منذ توليها الرئاسة أن تصمم الكثير من البدائل للتخلص من تركة الماضي الحالك لبلادها، وتساهم في دفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام، وتؤثر على توجهات شعبها بالإيجاب من خلال ما طرحته عليهم من أفكار ورؤى لتحفيزهم على اختيار الأفضل. عندما تحظى امرأة بهذا الكم الهائل من الاحترام من قبل الرجال، تتراوح مشاعرنا نحن النساء العربيات بين الغبطة والتمني في أن نرى امرأة عربية في منصب الرئيس، ولمَ لا؟
من المؤسف حقا في البلدان العربية التي تتولى فيه العديد من النساء مقاليد الأمور التجارية والأكاديمية، ألا تصل فيها المرأة إلى هرم السلطة وتحقق نسبة قليلة فقط من النساء النجاح في بعض المناصب السياسية.
لدينا الكثير من النماذج النسائية ممن يمتلكن براعة سيدة كرواتيا وأكثر، ولديهن من المهارات والمؤهلات ما يخول لهن التفوق على الرؤساء الذكور في إدارة شؤون بلادهن.
وقد أظهرت العديد من الدراسات أن النساء يتّبعن طرقا تختلف عن الرجال في القيادة، فهن أقرب لأن يكن أكثر مرونة وتعاونا، كما أنهن يتمتعن بروح العمل الجماعي، وكلها صفات تجعل القيادة أكثر نجاعة.
نحتاج في الوقت الحالي لأن يتيح الرجال الفرصة للنساء لمشاركتهم في اتخاذ قرارات قد تساهم في تطور المجتمعات العربية واستقرارها، خاصة وأن العديد من البلدان قد عانت الكثير من الأزمات في ظل تفرد الذكور بالقيادة.
أعتقد أن المرأة يمكنها القيام بمسؤوليتها على أكمل وجه، إذا ما وضعت في المناصب القيادية، فلوقت طويل، كان ينظر لها على أنها أقل كفاءة من الرجال، وتفتقر للقدرات الذهنية التي تمكنها من اتخاذ القرارات التي تحتاجها القيادة، ولكن التجارب النسائية الناجحة على مستوى العالم أثبتت العكس.
لذا يا حبذا، بدلا من الاحتفاء بالرئيسة الكرواتية أن يتعلم الذكور قليلا من النموذج الكرواتي، فقد يمثل ذلك بداية ممتازة للتغيير في الواقع الحالي للمرأة العربية.
سيدة المونديال خطفت قلوب الرجال !!
بقلم : يمينة حمدي ... 20.07.2018