أكدت دراسة عربية حديثة أنه رغم بعد المسافة واختلاف نمط العيش، يعيش المسنون في الدول العربية تقريبا نفس الظروف، مثل تدني المستوى التعليمي وارتفاع معدل الأمية ومحدودية المشاركة في الاقتصاد. وبالإضافة إلى ذلك فإن زيادة حركة هجرة العمالة من الشباب أثرت بدورها على وضع المسنين، فارتفعت نسبة إعالة كبار السن في البلدان العربية.
عمان - استنتج المؤتمر العربي حول كبار السن الذي احتضنته الرباط مؤخرا إن المنطقة العربية تشهد تحولا ديمغرافيا عميقا، من المنتظر أن يتجاوز فيه كبار السن، أي الأشخاص الذين يزيد عمرهم عن 60 عاما، عدد الأطفال دون سن الـ10 لأول مرة في التاريخ، وذلك بحلول عام 2050.
وقالت منظمة الأمم المتحدة إن عدد المسنات يتجاوز عدد نظرائهن من الرجال، إذ يبلغ عدد المسنات اللواتي يتجاوز عمرهن 60 عاما، حوالي 66 مليون نسمة، كما يتفوق عدد المعمرات أيضا على عدد المعمرين الذكور بخمسة أضعاف وذلك لأول مرة في تاريخ البشرية.
وأشارت إلى أنه تم إحراز تقدم، ولكن كثيرا ما كانت هذه الجهود مجزأة، ودون التزام سياسي وموارد مخصصة، مما جعل كثيرات يتخلفن عن الركب، ولا سيما أولئك الأكثر تهميشا واستبعادا.
وأشارت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” إلى أن ورقة نقاشية أصدرتها منظمة “مساعدة المسنين” الدولية حول العنف ضد كبيرات السن، أكدت أنهن يعانين داما من أحد أشكال العنف والإيذاء والإهمال بسبب أعمارهن وكونهن نساء وبسبب بعض الخصائص الأخرى.
وقالت إن معاناة كبيرات السن من العنف في معظمها غير مرئية ولا ترصد بشكل كامل ومفصل في التقارير والإحصاءات الرسمية المحلية منها والإقليمية والدولية.
وكشفت المنظمة الدولية أن العنف ضد كبيرات السن لا تتناوله معظم الدراسات والأبحاث، أو السياسات والبرامج لحمايتهن، كما أن الأطر القانونية الدولية والإقليمية والمحلية فشلت في معالجة العنف وسوء المعاملة والإهمال الذي تتعرض له كبيرات السن.
ونبهت “تضامن” إلى أن تقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2013، أكدت على أن حوالي 20.6 بالمئة من كبيرات السن اللاتي تجاوزن الـ50 سنة تعرضن لعنف الأزواج أو الشركاء الحميميين في مرحلة ما من مراحل حيواتهن. ومِن المرجح أن هذه النسبة أقل من نسبة العنف الحقيقي الذي يتعرضن له وغير المبلغ عنه، فيما إذا تمت مقارنتهن بالنساء من الفئة العمرية 15-49 عاماً.
وأضافت أن المشكلة تكمن في عدم توافر أرقام وإحصائيات حول العنف ضد كبيرات السن، إذ يتم التركيز على حالات العنف ضد النساء في الفئة العمرية 15-49 عاماً، وذلك في معظم السياسات الإحصائية على مستوى الدول والمنظمات الأممية.
وشددت منظمة “مساعدة المسنين” على ضرورة اعتراف صناع القرار بأن كبيرات السن يتعرضن للعنف وسوء المعاملة والإهمال، ويتم إدراجهن بطريقة هادفة في أي دراسات أو أرقام أو إحصائيات تتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات، وضمان أن تكون عملية رصد التقدم في مجال المساواة بين الجنسين ضمن أهداف التنمية المستدامة شاملة للجنس والعمر والإعاقة، ويجب أن تشمل عملية الرصد 900 مليون امرأة مسنة، يشكلن 24 بالمئة من نساء العالم.
الأطر القانونية الدولية والإقليمية والمحلية فشلت في معالجة العنف وسوء المعاملة والإهمال الذي تتعرض له كبيرات السن
وأوصت المنظمة بأن تتضمن المعلومات والسياسات والبرامج كافة أنواع العنف الذي تتعرض له كبيرات السن، وعدم حصر هذه المعلومات في العنف الجنسي أو الجسدي أو كليهما من قِبل الأزواج أو الشركاء الحميميين. وعلى الدول اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات لحماية كبيرات السن من العنف وسوء المعاملة والإهمال وعلى كافة المستويات التشريعية والبرامجية، وتطبيقها بطريقة فعالة. كما ينبغي اعتماد اتفاقية دولية لحقوق كبار السن تتضمن بشكل واضح وصريح حماية كبار وكبيرات السن من مختلف أنواع العنف وسء المعاملة والإهمال الذي يتعرضون له.
وفي الأردن قالت “تضامن” إن 201 ألف كبيرة سن بحاجة إلى المزيد من الحماية من العنف وسوء المعاملة والإهمال، وأظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 في الأردن أن عدد كبيرات وكبار السن الأردنيين (+60 عاماً) بلغ أكثر من 405 آلاف شخص، منهم أكثر من 201 ألف امرأة وبنسبة 49.6 بالمئة. ويشكل كبار السن الأردنيون ما نسبته 6.1 بالمئة من مجموع السكان الأردنيين، مشيرة إلى أنه كل يوم يحتفل 85 أردنياً -منهم 41 امرأة- بعيد ميلادهم الـ60 وهو ما يعادل حوالي 31.2 ألف نسمة سنوياً.
وأفادت “تضامن” بأن الأمية بين كبيرات السن الأردنيات مرتفعة مقارنة بالأمية بين كبار السن الأردنيين.
أما من حيث التأمينات الاجتماعية فقد بين التقرير الإحصائي السنوي لعام 2014 أن عدد العاملات الأردنيات المؤمن عليهن اجتماعياً (الضمان الاجتماعي) اللاتي تفوق أعمارهن 61 عاماً لا يتجاوز 68 عاملة مقابل 2284 مؤمن عليه من الذكور لنفس الفئة العمرية.
وقالت إن الدراسات أشارت إلى أن 42.5 بالمئة من كبار السن يقطنون في مدينة عمان، كما أشارت إلى أن العنف والاضطهاد والفقر أكثر انتشاراً بين كبار السن في المدن مقارنة بالحالات الموجودة في الريف، وأن 45 بالمئة منهم لا يملكون أي نوع من أنواع التأمين الصحي، وأن 65 بالمئة منهم لا يغطي دخلهم المادي الاحتياجات اليومية، والعديد منهم يتعرضون للعنف الجسدي واللفظي والنفسي خاصة من المقربين منهم.
ونبهت إلى أن ذلك كله يدعو إلى الوقوف وقفة تأمل جادة تفضي إلى عمل مسؤول يؤدي إلى إنصافهم وإنهاء معاناتهم، وحماية إنسانيتهم وكرامتهم وحقوقهم التي كفلتها الشرائع السماوية والتشريعات والمواثيق الدولية. وأكدت “تضامن” أن كبيرات السن يتعرضن أكثر من الرجال إلى العنف والتهميش والإساءة نظراً للتمييز السائد ضد النساء ولقلة مواردهن المالية وضعف مكانتهن في الأسرة والمجتمع. كما أن كبار السن رجالاً ونساء يستحقون التمتع بشيخوخة آمنة مستقرة من خلال تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتقاعدية والإيوائية.
ولا بد من مجابهة كافة أشكال العنف الذي يتعرضون له، حيث يعاني العديد من كبار السن في الأردن من مشكلات وانتهاكات متعددة وعلى رأسها العنف الأسري والفقر بما في ذلك التخلي عن الرعاية والإيواء وعدم تمتع نصفهم بأي مظلة للتأمين الصحي، مما يؤثر على صحتهم وحالتهم النفسية وعلى إمكانيات المساهمة في صياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم.
النساء كبيرات السن يحتجن إلى الحماية من العنف وسوء المعاملة والإهمال!!
بقلم : الديار ... 06.12.2017