راهن مؤسسو الكيان الصهيوني بعد احتلال مدن وقرى فلسطينيّة وإعلان (دولتهم) التي كانت مؤسساتها جاهزة برعاية بريطانيا (المنتدبة)على فلسطين..رهانا برهن على جهلهم بتاريخ فلسطين وانتسابها وموقعها في قلب الوطن العربي الكبير الذي يربط بين المشرق والمغرب العربي، بين آسيا العربية وأفريقيا العربية، وأطلقوا مقولتهم المطمئنة لأنفسهم كلصوص: الكبار سيموتون و..الصغار سينسون!.
اطمأن مؤسسو الكيان الصهيوني وهم يرون من شُرّدوا وباتوا تحت الخيام إلى أن مقولتهم هي بمثابة حكم مُبرم على شعب الخيام..خاصة وأن اسم فلسطين بعد إعلان اسم الكيان مقترنا بصفة (دولة) قد حُذف بتواطؤ (عربي) رسمي..وبتقاسم أرض فلسطين، وبتحويل الفلسطينيين إلى رهائن في أماكن متباعدة متنافرة متصارعة أنهكت الفلسطينيين ويأستهم وواصلت الكذب المفضوح عليهم...
مبكرا جدا افتضحت مخططات العدو الصهيوني والدول العربية المتنافرة المستهدفة للفلسطينيين ودورهم في تحرير وطنهم ورفض اللجوء، فعمل الفلسطينيون على زرع فلسطين في نفوس أبنائهم وبناتهم، بتعريفهم بنسبهم بمخاطبتهم أفرادا وجماعات تحت الخيام وفي المدارس التي بدأوا رحلتهم التعليمية فيها تحت الأمطار التي تخترقها فسقوف الخيام لا تحمي من برد الشتاء أو شدّة حرارة الصيف.
عرفنا مبكرا، نحن جيل النكبة الأوّل من أي القرى أو المدن نحن، ولماذا نحن تحت الخيام، ومن الذين شردونا، من هم ومن أين جاءوا..ومن تآمر..ومن تواطأ..ومن يعمل على تنسيتنا وطننا بالقوة والتخويف أو الشراء.
لعب الآباء والأمهات والأجداد والجدات دورا عظيما بتعريفنا بقرانا وبحقولنا، بتيننا وزيتوننا وبقمحنا وبشعيرنا وبالبرتقال الذي كان يأتي لأهلنا من مدننا الفلسطينية الساحلية..وبأن الأنقليز حلفاء (لليهود) وهم سلّحوا ودرّبوا أعداءنا ومكنوهم من الإستحواذ على قرانا ومدننا..وأن بعض مدن وقرى فلسطين ما زالت عربيّة فلسطينيّة و..كان يجب أن تتواصل مقاتلة اليهود الغزاة حتى يطردهم شعبنا مع الإنقليز..فلا نبقى لاجئين تحت الخيام.
أساتذتنا الذين علمونا في مدارس المخيمات ضخّوا المعلومات التي تعرّفنا بفلسطين وتاريخها وأهمية جغرافيتها..وبأننا نحن جيل التحرير والعودة، وأننا يجب أن لا ننسى..وهكذا ونحن نكبر كان وعينا بقضيتنا ودورنا يكبر معنا..وتكبر أحلامنا بالتحرير والعودة.
نعم مات كثيرون من جيل الكبار، ولكن الصغار..جيلنا..والأجيال التي تلاحقت لم ينسوا وحيثما توجهوا للعمل في بلاد العرب كأساتذة وموظفين مهندسين وإداريين كان همهم الدائم الذي حرصوا على ضخّة في العقول والنفوس والضمائر الوعي بعروبة فلسطين كقضية جامعة الانتصار لها هو طريق وحدة ونهوض العرب كأمة ترفض الاحتلال، والإقليمية وكل مستتبعاتها التي هي سّر ضعف وتفكك الأمة وتبعيتها..ومن قبل ومن بعد: دولة الكيان الصهيوني خطر داهم على كل الوطن العربي القريب منها والبعيد عنها فالخطر واصل إليها لا محالة.
لجأ الصهاينة لقتل أطفال الفلسطينيين عندما اكتشفوا أن مقولتهم بأن الصغار سينسون كانت مجرّد وهم قرروا قتل الأطفال لردعهم بجرائم مفتعلة تخيفهم وتدفع ذويهم لردعهم حرصا عليهم، وطالت جرائم الاحتلال الصهيوني أطفال لبنان مع تصاعد المقاومة اللبنانية والفلسطينيّة..نسأل: من ينسى مذبحة بحر البقر في مصر التي حصدت أرواح الأطفال وهم في صفوفهم يتلقون التعليم، وذلك إمعانا في تيئيس مصر التي كانت تخوض حرب الإستنزاف ردا على هزيمة حزيران؟!.
أصيب الكيان الصهيوني وقادة كيانه وجيشه بالجنون وفقدان التوازن بعد انفجار (طوفان الأقصى) الصاعق..فجيشهم وكيانهم اعتاد على الحروب الخاطفة المطمئنة لمجتمعه اللمم من كل أركان الدنيا والتي تدور على ( أراضي) الآخرين..والذين يُهزمون بسرعة ..وينتشون بانتصاراتهم التي لا تكلفهم سوى القليل من الخسائر وتوسع كيانهم بآراض جديدة.
في الحرب التي فاجأت جيشه بعد فجر 7تشرين أوّل 2023 ووجهت لرأسه لطمات هزّته وبددت ثقة مجتمعه وأيقظته على حرب ما بعد الطوفان المختلفة عن الحروب السابقة..ومع خساراته المتلاحقة لجأ لتدمير البيوت والبنايات والأحياء ومدن قطاع غزّة، وعندما يئس جيش الانتصارات السريعة الرخيصة التكلفة أسقط صواريخه وقذائف دباباته على رؤوس من باتوا يعيشون في العراء من نساء وأطفال وكهول يعجزون عن التنقل طلبا للسلامة، وصبّ جنونه على الأطفال وأمهاتهم، ولم يكن مستغربا أن نرى جثة أم وهي تحتضن طفلها أو طفلتها ويموتان معا...
لم يكتف العدو بالصواريخ والقنابل الأمريكية المُدّرة فلجأ إلى (سلاح) التجويع المقصود والعقابي الذي استهدف الأطفال بمنع حليب الأطفال عنهم وحرمانهم من الدواء ومطاردة الأطباء لحرمان الأطفال من العلاج، هذا بعد أن يئس من ركونه إلى أن أطفال الفلسطينيين سينسون فاكتشف أنهم يقاومون لتحرير فلسطين جيلاً بعد جيل..فقرر قتلهم قبل أن يكبروا ويعرفوا أنهم ينتسبون لفلسطين فيكون خيارهم الحتمي المقاومة حتى التحرير التام.
قبل أيّام دوّت تصريحات طبيب يهودي أمريكي عنده ضمير هو الدكتور مارك برلموتر زار قطاع غزة وبعد مغادرته صرّح لفضائية أمريكية هي سي ب س بما يلي: لدينا مستندات تثبت قتل الأطفال عمداً..وأضاف: لم أشاهد في حياتي أطفالاً مُقطعين ومُصابين كما شاهدت في قطاع غزة. الجيش قنص أطفالاً بصورة متعمدة..وأضاف مؤكداً: رأيت أطفالاً استهدفوا برصاص قناصة حتى الموت..وأضاف: الجيش قنص أطفالاً بصورة متعمدة.. ولدينا مستندات تثبت حالات الإستهداف الممنهج لقتل الأطفال..لقد شاهدت في أسبوع واحد أكثر مما شاهدت في حياتي كلها.
هذا بعض ما جاء في شهادة الدكتور اليهودي الأمريكي لذي عنده ضمير، ولذا أزعج جيش الاحتلال والقادة الصهاينة فردوا بمواصلة قتل الأطفال والمزيد من التجويع والحرمان من الدواء.
ينكر قادة الكيان الصهيوني اللمم أن الفلسطينيين ليسوا شعباً. من قبل أنكرت غولدا مائير أن الفلسطينيين شعب، أمّا هم، اليهود الصهاينة، فيدّعون أنهم كانوا في فلسطين قبل2000سنة..وأنهم وعدوا بأرض فلسطين..فما العمل مع هؤلاء الأدعياء ومن زرعوهم في أرضنا..ومن يسلحونهم..وبمن يحرسون لهم الحدود..ومن يُطبعون معهم استرضاء لأمريكا؟!.
لقد تابعت تصريحات ذلك الطبيب الأمريكي اليهودي النزيه مارك برلموتر التي أثارت ضجّة فضحت وحشية جيش العدو وتعمده قتل أطفال الفلسطينيين وإبادتهم عمدا من قناصته، ولو لم يكن يهوديا ما انزعج جيش الكيان وقادة الكيان من تصريحاته، والذي يضاعف رّد الفعل عليه أنه أمريكي!.
هذا بعض ما صرّح به الطبيب الأمريكي اليهودي الذي يملك ضميرا مهنيّا وإنسانيّا، فبماذا ردّ ناطق بلسان جيش الكيان الصهيوني: نحن لا نستهدف الأطفال في المعارك ونرفض هذه الإدعاءات!..وواصلوا التدمير وقتل الأطفال في أحضان أمهاتهم..وهذه الجرائم البشعة غير مسبوقة في كل الحروب لتي عرفتها البشريّة من قبل.
عدونا يعمل على قطع نسل عرب فلسطين..فماذا يريد، وعلى ماذا يعمل حكّام دول يفترض أنها عربيّة بتفرّحهم على مذبحة تستهدف كل عرب فلسطين وفي مقدمتهم الأطفال قتلاً بالقنص و..تجويعا وحرمانا من الدواء والحليب بهدف القضاء على نسلهم وعلى الأمهات اللواتي ينجبنهم؟!
نحن نعرف الجواب..وبقي أن يعرفه كل عربي و( مسلم) وإنسان في هذا العالم الذي يشهد المذبحة..ولا بُدّ أن يكون شعار كل شرفاء العالم: فلسطين من النهر إلى البحر..فالكيان يجب أن ينتهي حتى تنتهي شروره على العالم.
قتلة أطفال الفلسطينيين تفضحهم شهادات أطباء شرفاء!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 01.08.2024