أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
هل الموقف الأمريكي المنحاز(لإسرائيل) مفاجئ؟!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 15.10.2023

هل الموقف الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني، والمعادي للشعب العربي الفلسطيني.. مفاجئ؟!
ألم تتآمر الإدارات الأمريكية دائما على القضيّة الفلسطينيّة والشعب العربي الفلسطيني؟
ألم تتهم أمريكا الرئيس جمال عبد الناصر بأنه( هتلر)، لأنه أراد لمصر أن تكون مستقلّة سياسيا واقتصاديا، ليبني السّد العالي الذي رفضت أمريكا تمويله، لتركيع النظام الوطني الثوري المصري؟
ألم تنحز أمريكا ضد مصر للكيان الصهيوني في حرب حزيران 67؟!
ألم تعمل أمريكا على تدمير العراق وقصف شعبه بالأسلحة المنضبة نوويا، وتنشر الأمراض والأوبئة في أبدان الأطفال العراقيين الذين ولدوا مشوهين، وما زالوا يولدون مشوهين، بسبب الذخائر التي استخدمت وجرّبت في العراق بحيث لم تعد بعض أرضه تصلح للزراعة؟!
ألا تعمل أميركا على تدمير اليمن وشعبه، وتحاصره، وتجّوعه، و..لكنه يقاوم بكبرياء؟
ألا يحتل الجيش الأمريكي مناطق واسعة شمال شرق سورية، ويضع يده على نفطها وحقول قمحها، ويستخدم العملاء التابعين الذين يخونون الوطن الذي احتضنهم، لتأدية دورهم كمرتزقة، ويؤدون دورا سيحاسبون عليه لأنهم يجوعون الشعب السوري العريق عقابا له ولدولته؟!
أمريكا وقياداتها تعادي كل من يفكّر بالاستقلال وبناء بلده، ويخرج عن أوامرها، ويرفض نفوذها، وأي عاقل يفترض أن لا ينسى تاريخها الإجرامي الشرير، تاريخ إباداتها لأصحاب البلاد الأصليين في تلك البلاد المنكوبة التي اجتاحتها قطعان الغزاة الأوائل وأسستها على دم ولحم ملايين أصحاب تلك البلاد الذين بلغت أعداد من أُبيدوا منهم قرابة مائة وسبعة عشر مليونا، سواء بالرشاشات التي حصدتهم حصدا، أوبالبطانيات الملوثة بميكروبات الكوليرا والأوبئة التي لم يكن يعرفها أبناء تلك البلاد التي ابتلاهم بها (المتحضرون)، والذين بعضهم تبوّأوا مناصب رؤساء أميركا مكافأة لهم على دورهم في (تطهير) البلاد من أهلها؟!
لقد برر أسلاف بايدن رئيس أميركا إبادة أصحاب تلك البلاد بادعاء أنهم (شعب الله المختار) و..وبأنهم يُبيدون (سكّان) أرض كنعان!..تصوروا؟! فماذا تتوقعون من معتنقي الصهيونية الذين يباهون بأنهم بروتستانت صهاينة يؤمنون بأن أرض فلسطين ،كما أرض أميركا، هي حق (لليهود) الذين من حقهم إبادة الكنعانيين العرب..المباح إبادتهم في قطاع غزّة الذي حلم مؤسسو الكيان الصهيوني، ومنهم الجنرال رابين مكسّر عظام الفلسطينيين في الانتفاضة الكبرى..بأن يستيقظ فيرى أن غزة ابتلعها البحر!
يعرف الفلسطينيون أن بريطانيا المجرمة زرعت في أرضهم المشروع الصهيوني، وقهرت الفلسطينيين بقوانينها اللصوصية، ومنح أراضيهم (لليهود) المجلوبين من الغرب الاستعماري، وأعدمت ثوارهم، ولم تغادر فلسطين بجيوشها إلاّ بعد أن سلّمتها (للدولة) اليهودية الجاهزة بمؤسساتها بالرعاية البريطانية..واحتضنت أمريكا المشروع، ورعته، وسلحته ومولته وبات مشروعها في قلب الوطن العربي، وقوتها الرادعة لأي تطلع عربي للتحرر والاستقلال والخروج من حالة التخلّف والتمزّق والضعف.
هناك من تصرفوا بسذاجة فراهنوا على (عدل) أميركا، وحكّامها، فماذا كانت النتيجة؟
ثلاثون عاما من التيه، وتمزّق الصفوف، وانتظار عدل لن يتحقق، لأن الانحياز الأمريكي لا يتبدّل ولا يتغيّر بتغيّر الإدارات الأمريكية والرؤساء الأمريكيين..والتجربة الفلسطينية منذ التوقيع في حدائق البيت الأبيض بتاريخ 13أيلول 1993و..حتى يومنا هي البرهان على الانحياز التام..فإلى متى سينتظر الفلسطينيون؟! هل سيواصلون سياسة الانتظار، والرهان على عدل أمريكا والدول الأوروبية التابعة الذليلة للسياسة الأمريكية المتصهينة دائما..والتي لا تقدّم للفلسطينيين سوى بعض التصريحات الداعية للتريّث ومواجهة التطرّف..وبعض التبرعات التخديريّة الإذلالية!
الضفّة الفلسطينيّة تُمزّق، وأرضها تصادر، والمستوطنات توسّع وتزحف ملتهمة المزيد من الأرض التي تضيق على الفلسطينيين، و..غزة تختنق بالحصار، والمطبعون العرب التابعون يزدادون وقاحة واستهتارا ويديرون ظهورهم للقضيّة الفلسطينيّة ولشعب فلسطين..فهل يستمر الفلسطينيون في الانتظار و(الاستجداء) و( مجاملة) الحكام الفاسدين، و( أمريكا) ..علّ هؤلاء الممسكين بمصيره يشفقون ويُقدرون التزام (قيادته) المسالمة، بل والملاحقة لكل( متطرّف) ..يقاوم الاحتلال، ويتصدى لنهب أرضه، ويرفض التلاعب بقضيته، ويواصل مواجهة سياسة الكذب والخداع والتلاعب بمصيره.
إذا كانت المقاومة الفلسطينيّة المنطلقة منذ 7تشرين أوّل من قطاع غزّة قد رفعت شعارا لها: طوفان الأقصى، وتحرير السجناء والسجينات..وهي مطالب شديدة الاعتدال، وهي ليست مطالب حماس وكتائب القسّام، ولكنها مطالب الشعب الفلسطيني بأغلبيته الساحقة، فهل كان على الشعب الفلسطيني أن يرضى بحالة الإذلال والهوان في الضفّة والقطاع، وأن يبقى سجينا مستباحا مُذلاً ومهانا، بينما الاحتلال يضيّق الأرض عليه، ويحوّل مدنه إلى معازل؟!
لم يكن القائد أبوعمّار زعيما لحركة حماس عندما اتفق رئيس وزراء الاحتلال شارون مجرم صبرا وشاتيلا..مع رئيس أميركا بوش الإبن على قتله، ولكنه عوقب على رفضه التنازل في مفاوضات كامب ديفد برعاية كلينتون عن حق الفلسطينيين في القدس (الشرقيّة)، فدُس له السم..وقُتل بجريمة معلنة..وبعد رحيله رحمه الله تواصل احتلال الأرض الفلسطينيّة واستمّرت عدوانات واستباحات المستوطنين برعاية جيش الاحتلال لباحات المسجد الأقصى، وتصاعدت مؤخرا بهدف هدم المسجد الأقصى وبناء ما يسميه اليهود بالهيكل (الثالث)!
لم يكن أبوعمّار متطرفا، فقد تم التوقيع على وثائق أوسلو برعايته، ورضي ب22%من مساحة أرض فلسطين لإقامة دولة فلسطينيّة عليها..ومع ذلك قتلوه بالسم، ومن بعد واصلوا تسميم حياة شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع.
أمّا نتنياهو فقد وقف ضد أوسلو منذ البداية، وواصل قمع الفلسطينيين ومعه في وزارته عتاة المتطرفين التوراتيين الذين يبيحون قتل الفلسطينيين ويرونهم (حيوانات)! وصرّح نتنياهو بوضوح : يجب اقتلاع فكرة دولة فلسطينيّة من رؤوس الفلسطينيين..فماذا بقي أمام الفلسطينيين؟
لا، هذه ليست حرب حماس وكتائب الأقصى، ليست حرب سرايا القدس والجهاد، ولكنها حرب كل من يحمل السلاح وأوّل من حمل السلاح هم أبطال العاصفة أبناء الفتح وفجّروا الثورة المعاصرة بتاريخ 1/1/ 1965..أم نسينا؟!
ماذا قدّمت أمريكا، ورؤساء أمريكا للشعب الفلسطيني؟! التخدير، والأكاذيب، وإضاعة الوقت عليهم، والعمل على شق صفوفهم، و..لا يختلف بايدن عن بوش الإبن، ولا ترامب عن كلينتون، والرئيس ( الأسود) ابن المسلم حسين أوباما بل إنه أشد لؤما ممن سبقوه لأنه أراد أن يبرهن على أنه أكثر انحيازا (لإسرائيل) وللأطماع الصهيونية.
الحرب التي تُشّن على شعبنا في قطاع غزة ليست عقابا لحماس ومجاهديها الأبطال، ولكنها حرب متواصلة برعاية بريطانية وأمريكية على شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربيّة، قبل إنشاء (دولة) الكيان الصهيوني، وثقافة حكّام أمريكا هي نفس ثقافة نتنياهو وبن كبير..ومن قبل مناحم بيغن، وكل رموز الشر والإجرام الذين عرفهم شعبنا وهم ينفذون عمليات الذبح في (دير ياسين) حتى صبرا وشاتيلا..وشعبنا الفلسطيني لا ينسى، وهو يحتضن أبطال حماس والجهاد كما احتضن من قبل أبطال فتح و..الشعبيّة، والقيادة العامة، وكل من آمنوا بتحرير فلسطين..ومعهم كل أحرار أمتنا لأن معركة طوفان الأقصى هي معركة ملايين العرب والمسلمين والشعوب المظلومة التي عانت وتعاني من شرور أمريكا والصهيونية.

1