حتى اليوم الجمعة 12تشرين ثاني لم (يصل) الراتب التقاعدي لمناضلين أعطوا أعمارهم لقضيتهم، ناهيك عن رواتب العاملين في( الصندوق) الفلسطيني، ومن رواتبهم تصلهم عن طريق ( الصندوق) في عمّان، ومن ( تحوّل) لهم في الخارج، وهذا يعني أنها لن تصل لهم حتى يوم الأحد من الشهر الجاري إذا ما حوّلت لهم!
و..يبدو أنها لن تصلهم، لأن (هناك) – أي في رام الله- من يعمل منذ فترة غير قصيرة لوضع اليد على ( الصندوق) الوطني الفلسطيني، وهو آخر (معالم) منظمة التحرير الفلسطينية المتبقية بعد تصفية كل مؤسساتها، وتحويل المنظمة، بعد أوسلو، إلى (اسم حركي) لما كان يوما حقيقة واقعة، ثم تم إفراغها، وتحويلها إلى تابع بعد أن لُطّخ اسمها بالاعتراف بالكيان الصهيوني ( دولة) مقابل الاعتراف بالمنظمة ( كممثل) للفلسطينيين ينتهي دوره بالاعتراف بالكيان الصهيوني (دولة)! اقرأوا الصيغة الرابينية ..وتأملوها جيدا!.
لقد تم إنهاء مكتب ( العلاقات الخارجية) – أي وزارة الخارجية في زمن منظمة التحرير الفلسطينية- برئاسة عضو لجنة فتح المركزية فاروق القدومي (أبواللطف)..في تونس، ونُقل الرجل نهائيا إلى عمّان ليتقاعد منسيا مطوي الذكر!(شاهدته آخر مرّة في اجتماع للمجلس الوطني في عمّان، وكان يجلس صامتا صافنا مندهشا).
قد يقال : الرجل كبرن وطعن في السن، ودبّت الأمراض في بدنه، وهذا صحيح، ولكن مكتب العلاقات الخارجية في تونس كان يضم عشرات السفراء المتقاعدين، والعاملين، ويدير شؤون الفلسطينيين( المتبقين) في تونس، فلماذا أغلقتم المكتب العريق، وتركتم ( كل) من كانوا فيه على( الأرصفة)؟!
لقد عاتب مسؤولون – بحسب ما أخبرني صديقي المناضل المحترم جمعة الناجي رحمه الله – في وزارة الخارجية التونسية وفدا ممن تبقوا في تونس، وسألوهم بمرارة: هل قصّرت تونس معكم في شئ؟ لماذا تغلقون مكتب الخارجية في تونس بعد كل هذه السنوات؟! إذا كنتم عاجزين عن تسديد أجور المكتب والعاملين، فنحن في تونس سنغطي لكم كل احتياجاتكم...
ربما عرف الأخوة في تونس أن إغلاق مكتب الخارجية في تونس هو جزء من خطة بدأت مع ( أوسلو): إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية في (الخارج) حتى لا يعاد بناؤها، والنهوض بها، واستعادة دورها، وهو ما يهدد اتفاق أوسلو، و مصير ومصالح ودور من أبرموا ( أوسلو) وانساقوا مع خرابه الفادح بالقضية الفلسطينية.
العمل على وضع اليد على الصندوق الوطني الفلسطيني، والانتقال بتحويل (رواتب) كل من تصلهم من صندوق منظمة التحرير الفلسطينية في عمّان هو واحدة من أخطر خطوات تصفية آخر مواقع المنظمة، ومن الأهداف: (التصرّف) دون رقابة ومحاسبة، والعمل على استتباع (كل) من هم في الشتات، من متقاعدين، وعاملين..للسلطة في رام الله، ووضعهم تحت التهديد الدائم بقطع رغيف الخبز إذا لم ينصاعوا ويستخذوا ويتساوقوا مع سياسات فاشلة عاجزة خسّرت القضية الفلسطينية وطمّعت أعداء الشعب الفلسطيني بقضيته!
كل يوم يتصل بي كثيرون مستفسرين عن (رواتبهم) التي لا تكفيهم، حتى لو انتظم وصولها لهم، وهم باتوا يعرفون الهدف من تأخير رواتبهم: دفعهم لوضع اللوم على الصندوق ومديره العام المناضل الفتحاوي الدكتور رمزي خوري الذي كان دائما مقربا من الراحل أبوعمّار رحمه الله، والذي سجّل كل السفارات وممتلكاتها في الخارج باسم (دولة) فلسطين وليس بأسماء أشخاص يمكن أن يسهل عليهم التصرف بملكياتها، والسيدة سلوى الحوت المديرة العامة ابنة منظمة التحرير الفلسطينية منذ أنشأها الستاذ أحمد الشقيري رحمه الله- وهي شقيقة المؤسس في المنظمة عضو اللجنة التنفيذية، والكاتب والصحفي الكبير رحمه الله الأستاذ شفيق الحوت- وهما مخلصان للمنظمة وما تمثله، ويبدو أنهما يحولان دون وضع يد (جهة) بعينها على الصندوق..وبهدف إنهاء وجود المنظمة في الشتات، وتصفية مؤسساتها، وإبقائها (يافطة) تُرفع للمناكفة، والابتزاز، والمتاجرة...
المناضلون يجوعون، واللصوص يثرون، والطامعون في المناصب و( الوراثة) يتصارعون ويتنافسون و..يتلاعبون، وما عادوا معنيين بما تبقى من المنظمة، ولا بدور فتح، ولا بالوحدة الوطنية...
لماذا تريدون وضع اليد على (الصندوق) الفلسطيني؟!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 12.11.2021