أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
أزمة دولة الإحتلال تتعمق!!
بقلم : راسم عبيدات ... 09.06.2021

من الواضح حتى اللحظة بأنه ما زال هناك مسافة بين الإعلان عن النجاح في تشكيل حكومة الإحتلال الجديدة "حكومة التغيير" بقيادة لبيد - بينت وبين المصادقة عليها،وخلال هذه الفترة الفاصلة أقل من أسبوع، ما زال متسعاً من الوقت امام نتنياهو وتحالفه من أجل منع ولادة هذه الحكومة المسماة بالتغير التي قامت على أرضية واحده اسقاط نتنياهو فقط لا غير دون امتلاك رؤيا وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية وكذلك عدم القدرة على اتخاذ قرارات متعلقة بالشق السياسي والعودة للتفاوض مع السلطة الفلسطينية،اي حكومة عاجزة عن التقدم سياسياً واستراتيجياً..وفي هذا الوقت المستقطع تشهد دولة الإحتلال المزيد من التفسخ والتفكك والإنقسامين السياسي والأيدولوجي.. والتحريض الداخلي بلغ حد الخطر الجدي والحقيقي للمس بحياة أعضاء من قيادات احزاب اسرائيلية مثل بينت وشاكيد وساغر وغيرهم،مما دفع برئيس " الشاباك" الصهيوني من التحذير بأن التحريض قد تجاوز كل الخطوط الحمر،وربما يتسبب في عمليات اغتيالات،كما حدث عندما اغتال ايغال عمير رئيس وزراء الإحتلال الأسبق رابين عام 1995 على خلفية توقيع اتفاق أوسلو.. حيث تُشارك في هذه الحملة الحاخامات الدينية والتي دعت الى فعل كل شيء من أجل منع ولادة هذه الحكومة التي تشكل خطراً على دولة الإحتلال،في حين نتنياهو رئيس وزراء الإحتلال في تغريدة له على توتير اقتبس عبارة من التوراة يشبه فيها بينت وشاكيد بالجواسيس،وضرورة التعاطي معهما على أساس أنهما جواسيس......في الفترة المتبقية للمصادقة على الحكومة...نتنياهو قد يقود عملية تخريبية داخلية او خارجية، خارجية على جبهة ايران - ح ز ب ا ل ل ه،وهذا الإحتمال ليس بالقوي ولكنه بالوارد،لأن الثمن المترتب على ذلك باهظ جدياً وتداعياته ونتائجه ستكون كبيرة وخطيرة،وفوق طاقة تحمل دولة الإحتلال لها، وداخلية من خلال إقدام أعوانه على تنفيذ عملية اغتيال سياسي او السير على خطى صديقه المتطرف الرئيس الأمريكي السابق ترامب الذي اقتحم مبنى الكونغرس..ونتنياهو قد يقدم على اقتحام "الكنيست" الصهيوني،لطرد الجواسيس من داخله...أو ربما يستغل الحالة الناشئة في القدس من دعوات ما يسمى بجماعات امناء الهيكل الى القيام بأوسع عملية اقتحام للأقصى يوم الخميس القادم،وترافق ذلك مع اعلان عدد من اعضاء الصهيونية الدينية مثل بن غفير وسموتريتش وماي جولان وغيرهم قيادة مسيرة ما يسمى بالأعلام التي الغتها الشرطة بتوصية من المستويين السياسي والأمني،إرتباطاً بعدم القدرة بالسيطرة الأمنية على ما قد يترتب على تلك المسيرة وخط سيرها،وما ينجم عن ذلك من اشتباك شعبي واسع مع المواطنين المقدسيين الذي أعلنوا جاهزيتهم للتصدي لهذه المسيرة العنصرية المتطرفة، وكذلك المعادلات الردعية التي رسمتها فصائل ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية والعربية،بأن مصير القدس يعني التدخل العسكري وحرباً اقليمية ...نتنياهو مثل الذئب الجريح يضرب في كل الإتجاهات ....ولديه المتسع من الوقت،لكي يرتكب واحدة من حماقاته الداخلية او الخارجية والتي ربما تكون فتيل اشتعال المنطقة بكاملها،ولذلك نحن نرى بأن جبهة مدينة القدس عادت لتسخن من جديد ،حيث المستشار القضائي لدولة الإحتلال أفيخاي مندلبليت يرفض التدخل قضائياً،في قضية الشيخ جراح،ويقول بأنها قضية إدارية وقانونية،في هدف واضح هو اضعاف قضية الشيخ جراح وعدم التعاطي معها كقضية دستورية وقضية ذات بعد بالقانون الدولي او حقوق الإنسان،والقول بأنها قضية قانونية،تجافيه الوقائع والحقائق بشكل جلي واضح،فمحاكم الإحتلال على مختلف درجاتها صلح ومركزية وعليا ترفض النظر في اوراق الملكية والمستندات والوثائق التي تثبت حق السكان في الأرض،بل الإعتبار الرئيسي التي تجري المحاكم على أساسه سياسي من الدرجة الأولى ويستهدف طرد وتهجير سكان حي الشيخ جراح،وإقامة بؤرة إستيطانية من 230 وحدة إستيطانية،تسهم في إقامة طوق وحزام استيطاني يعزل قرى شمال مدينة القدس الشيخ جراح وشعفاط وبيت حنينا عن قلب مدينة القدس، وبما يفتت وحدة الجغرافيا والديمغرافيا المقدسية،ويحول العرب المقدسيين الى جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع،وبما يفتح الطريق نحو طرد وتهجير وممارسة التطهير العرقي بحق المزيد من الأحياء المقدسية "بطن الهوى" و" البستان" ..الخ.
نتنياهو حتى لو انتقل الى صفوف المعارضة،فسيبقى يعمل بشكل متواصل وبكل الطرق من أجل إسقاط حكومة بينت- لبيد والتي يعتبرها خطراً على دولة الإحتلال،وسيمارس أقصى الضغوط على عدد من أعضاء أحزاب "يمينا" و" هتكافاه حدشاه" و"كاحول لافان"،من اجل تراجعهم عن دعم هذه الحكومة التي حد زعمه تبيع النقب للعرب والقائمة الموحدة،وتخون مبادى اليمين،ولكن اذا ما أقرتها الحكومة وتمت المصادقة عليها،فإن اوراق نتنياهو في المناورة ستضعف وتتقلص،وخاصة بأن الخطوة اللاحقة بعد تنحيته عن رئاسة الوزراء،هي العمل على تنحيته عن زعامة الليكود،الذي قد يتفسخ ويضعف،ويفتح المجال امام تشكيل حكومة تضم أوسع الطيف الديني والعلماني اليميني.
دولة الإحتلال دولة تختنق بعنصريتها وتطرفها،ولذلك الصراعات فيها أثنية وطبقية قد تقود الى نخرها وسقوطها من الداخل،كما حصل مع الإمبراطورية الرومانية قديماًوالإتحاد السوفياتي حديثاً،ولكن ما يؤخر و"يفرمل" تسارع تلك التناقضات والصراعات،هو وجود عدو خارجي،ألا وهو الشعب الفلسطيني النقيض لهذا الكيان المحتل.
لا نعتقد أنه مع تشكيل حكومة بينت- لبيد سيكون هناك تغيرات لها علاقة بالموقف من قضية وحقوق شعبنا،فهناك إجماع صهيوني على مواصلة وتكثيف الإستيطان في الضفة الغربية وعلى وجه التحديد مناطق ( سي) والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية،بالإضافة الى تعزيز سيطرة الإحتلال على مناطق القدس وتعزيز الإستيطان فيها ونقل المقرات الحكومية الصهيونية إليها كعاصمة لدولة الإحتلال.
في ظل تعمق أزمة الكيان الصهيونية،وزيادة الضغط في مدينة القدس،لفرض شروط وإملاءات الإحتلال،لتهويد المكان وتغيير المشهد الكلي ومحاولة تزييف ونفي الرواية الفلسطينية،يشتد صراع الهويات،والصراع على السيادة، صراع بين هوية صهيونية توراتية تلمودية عنجهية عنصرية مصطنعة وبين هوية عربية اسلامية – مسيحية تريد الحفاظ عىل الهوية الحقيقية للمكان وإرثه التاريخي وإستعادة المقدسيات لأصحابها الحقيقيين.
ولذلك ستشهد مدينة القدس المزيد من التصعيد،وسيزداد مرجل "القدس" في الغليان،هذا الغليان نتيجة الحرب المسعورة التي يشنها الإحتلال على المقدسيين،قد يدفع نحو انفجار تطال تداعياته،ما هو أبعد من مدينة القدس وجغرافيا فلسطين،ولربما ينفجر الإقليم بأكمله.
الإنفجار قادم والمسألة أصبحت مسألة وقت وتوقيت ،فالتناقضات لم يعد من الممكن حلها سلما وبالحوار،فهي من نوع التناقضات الجذرية التناحرية والإستراتيجية،ولا يمكن حلها سوى بالتغيير الشامل.

1