زريبة وعزبة، بشار أو «سوريا سابقاً» نعم، وعذراً لقبح وبشاعة وفظاظة التعبير، فسوريا الأسد، اليوم، ليست أكثر من مجرد عزبة خاصة وحظيرة لا تصلح للعيش اليوم حتى للبهائم، والتيوس الحيوانات، في ظل انعدام الأمن والأمان وسيطرة القتلة والشبيحة والزعران والمافيات، والانهيار التام لأي شكل من أشكال الخدمات، فلا كهرباء ولا ماء، ولا محروقات، ولا غذاء، ولا دواء، ولا مواصلات يواكب ذلك كله ارتفاع جنوني بالأسعار، بموازاة تردٍ غير مسبوق للعملة الأسدية. وكان أبو البراميل رأس النظام الإرهابي الذي بات يناديه السوريون بالمهرّج والطرطور والمجرم السفاح، زعيم المافيا السورية وحامي حمى اللصوص وعصابات النهب والحرامية الذي صرح علناً أن لا مشانق للصوص والفاسدين، قد دعا المهجّرين والهاربين السوريين من بطشه وبراميله ممن شرّدهم في أصقاع المعمورة للعودة إلى سوريا وذلك في لقاء ثنائي افتراضي جمعه مع مجرم الحرب الآخر رئيس روسيا فلاديمير بوتين، وذلك عشية إقرار «المختار» لقانون وباب سرقة وابتزاز جديد يطال المكلفين فيه بخدمة العلم بفرض أتاوات وخوّات باهظة جداً تصل لعشرة آلاف دولار يدفعها للعصابات الحاكمة كل من لا يرغب بأداء خدمة العلم، الأمر الذي أثار موجة عارمة من السخط والغضب في صفوف السوريين.
ولا يدري المرء، إذ يسمع مثل هذا العجن والخلط، هل الرجل جاد وواع بما يقول، وهل هو بكامل ملكاته العقلية، إذ يدعو من قتلهم وشردهم وسرق لقمة عيشهم والفرحة من وجوهم ويتـّمهم ورمّل نساءهم وثكل أمهاتهم للعودة والعيش ثانية تحت رحمته، وبعد أن حوّل حياتهم إلى جحيم وكابوس لا يطاق هو والعصابات والمافيات والعائلات المجرمة التي تتحكم بلقمة الخبز وتجبر المواطن على دفع خوة وأتاوة عن كل حبة سكر ورز تتناولها لآل الأخرس وآل الدباغ وسواهم من ورثة العرش المافيوزي المخلوفي المجرم، وبات المواطن السوري اليوم، فعلياً، تحت رحمة هذه العائلات والسلالات القدرية التي لا تتورع، أبداً، عن إذلال وقهر وقمع وإهانة المواطن السوري ومرمطته وشرشحته أمام الأفران ومحطات الوقود وما تسمى السورية للتجارة (شركة سلب ونهب تملكها إيما الأخرس وآل الدباغ أقرباء الطرطور من أصوله الكردية من خانقين و«الدم بيحن» كما يقولون وهم نجوم المافيا السورية الجدد الصاعدون بعد الانقلاب على مافيا الطائفة العلوية التي أدارها آل مخلوف لخمسة عقود.
ويتساءل، كثير من السوريين، والحال، مع دعوة بشار هذه، إلى أين سيعود المواطن والمهجّر السوري الذي نجح في الهرب والإفلات من قبضة هذه المجرم وعصاباته، وتذوّق طعم الحرية، وعرف معنى ولذة الكرامة، وشبع الأكل ونام قرير العين مع أسرته وأطفاله بحضن «الإمبرياليين» و«الصهاينة» الذين كان يسمع عنهم في إعلام العصابة المجرمة، وبات يستلم معونات ورواتب خرافية قياساً بالليرات الهزيلة التي كان يتلقاها في كنف الطرطور الذيل ويحظى بتعويضات شهرية بالعملات الصعبة له ولكل أفراد عائلته دون أن يساومه عليها أحد أو يقتطع منها و«يلهط» نصفها ذيل الكلب وزمرته الفاشية المنحطة الحاقدة على السوريين، أو يحاسبه أحد بأسعار تصل لأقل من نصف قيمتها الحقيقية ويسأله من أين أتيت بالدولارات؟
وهل بعد أن عرف هذا السوري الناجي من محرقة عصابة «خانقين» الإيرانية التي ادعت الانتماء لسوريا والسوريين زوراً وبهتاناً، طعم الحرية، ونعمة العيش الرغيد، ولذة الأمان من بطش الجلاوزة والمحققين والمخبرين السريين، وحلاوة البحبوحة، ونور الكهرباء، وسلاسة المواصلات، ويسر الحياة، ووداعة السلطات، وتلمس لمس اليد معنى الدولة و«الوطن» هل سيعود للقفص، و«عزبة إيما» والزريبة والحظيرة والسجن وللقبر والمعاناة اليومية مع الجوع والقهر والخوف والرعب والذعر والتشبيح بالشوارع من قبل الزعران والقتلة والمجرمين الذين يحظون بغطاء قانوني وحماية خاصة من ذيل الكلب المجرم ويستشهد، ويستذكر السوريون، وخاصة بمناطق سيطرة المجرم، وتحديداً بالساحل السوري، كيف يصول ويجول الشبيحة القتلة الزعران المجرمون بالشوارع بسياراتهم الفخمة «المفيمة» والتي تسير بلا لوحات بالطرقات وينصبون الحواجز الطيارة لخطف السكان وإنزالهم من وسائط النقل العامة وخاصة الشبان وسوقهم وزجهم في ساحات القتال للدفاع عن ذيل الكلب الذليل، وينتهكون أعراض النساء وحرمات البشر، ويستهدفون الآمنين ويصطادونهم برشاشاتهم ومسدساتهم وهم يتدربون على إطلاق النار على المدنيين الأبرياء بالشوارع، ويستذكرون كيف قام المجرم الموتور سليمان الأسد ابن المجرم المقبور الإرهابي هلال الأسد أحد أكبر المجرمين الذين عرفتهم المنطقة، في شهر آب/أغسطس، من العام 2015، باصطياد وقنص العميد المهندس الدكتور الشهيد حسان الشيخ، الضابط العامل بالجيش السوري، واغتياله، أمام المارة، وهو على رأس عمله، وفي وضح النهار، وبالشارع العام، ودون أن تقوم السلطات الأسد باعتقال المجرم، أو محاكمته، بل ظل حتى اليوم، حراً طليقاً، ينعم بحماية ورعاية خاصة و«دعم» مباشر، من والي المهاجرين جزار سوريا، وأكبر مجرم معروف في العصر الحديث الذي قتل وشرد ملايين السوريين.
والسؤال البديهي البسيط، هل يعود هذا السوري المثقل بالهموم والذكريات السوداء والمعاناة اليومية الشاقة لتأمين لقمة العيش المرة، لزريبة وحظيرة مهجورة مدمـّرة مقفرة متسخة مظلمة خاوية على عروشها وتصفر فيها الرياح، ولسجن كبير لا قانون ولا دستور ولا مؤسسات فيه، استباحته شراذم وطغم ومافيات وعائلات النظام المجرم المنحط الذي بات يساوم المواطن ويبتزه بكل حب رز وسكر ورغيف خبز ولا ينعم فيه بالكهرباء بأكثر من ساعتين باليوم؟
هل يعود لتبتزه السلطات على الحدود وتسرق منه 100 دولار و«على عينك يا تاجر» كما يقال؟ أم هل يعود ليقف على طوابير الذل والمهانة والعار الطويلة التي لا أول ولا آخر لها أمام الأفران ومحطات الوقود ويقضي الساعات هناك؟ وهل هذا السوري على استعداد لأن يستبدل «بطاقات الائتمان» والفيزا الغربية الأنيقة ببطاقة «إيما» وابن الدباغ الغبية الشريرة التي تسرقه كيفما تحرك وتبتزه برغيف الخبز؟ أم سيعود، وفي ذاكرته صور التعذيب التي التقطها قيصر، ليضع نفسه، مجدداً، تحت رحمة وتسلط ورعونة وتجبر وإجرام المخابرات السورية وانتظار الموافقات الأمنية لشهور ودهور من أجل شراء علبة متة وجرزة بقلة، والوقوع مجدداً تحت جبروت الأجهزة الأمنية الفاشية المجرمة وجنرالاتها الفاشيست المطلوبين بالجملة والمفرق للجنائية الدولية ومحاكم مجرمي الحرب الذين زربوا ملايين السويين بالسجون والأقبية التي باتت تغص بالأحرار والشرفاء والوطنيين السوريين؟
ختاماً، من منكم لم يرَ «أقفاص» الحديد والشبك الحديدية الحقيقية، التي تشبه «اقفاص» زرب والاتجار بالعبيد في رواية أليكس هيلي الشهيرة «الجذور» تلك الصور المؤلمة التي تناقلتها، وعلى نطاق واسع، وسائل التواصل، لسوريين زُربوا وحشروا كالبهائم والطرش والحيوانات بأقفاص حديدية لا تليق بالبهائم، في زريبة وعزبة بشار الخانقيني من أجل رغيف خبز مغمس بالذل والدم والقهر والعار؟
أفيدونا يا ناس يا عالم يا «هووو» من هو المجنون والأهبل والمغفل و«الأجدب» الذي سيعود لزريبة بشار وقفص المجرمين والجلادين والسجانين وسفاحي العصر الكبار؟
لماذا يعود اللاجئون لزريبة وخربة بشار الأسد؟!
بقلم : د. فيصل القاسم ... 14.11.2020