منحت عضوية اتحاد الكتاب العرب – سورية في العام 1972 ، وكنت قد عدت للإقامة في دمشق التي أقمت فيها مع والدي بين عامي 1957-1965 وعدنا إلى أريحا، تحديدا مخيم النويعمة، بعد صدور عفو عام عن اللاجئين السياسيين.
شجعني صديقي الشاعر أحمد دحبور على تقديم طلب للعضوية،وجاءت الموافقة مع الترحيب بعد أيام،وهكذا منحت عضوية اتحاد الكتاب العرب- السوريين، وقد كانت قوانين الاتحاد، وما زالت، تمنح العضوية لكل كاتب عربي أسوة بالكتاب العرب السوريين، ولذا فهناك كتاب ،روائيون، وشعراء، ونقاد أدب، يتمتعون بعضوية الاتحاد ومنكل الأقطار العربية.
هذا الأمر يعود إلى خيار سورية، والتأكيد على هويتها القومية، والنظرة العميقة للثقافة، ودور المثقفين العرب على المستوى القومي، وحض لهم على تجاوز الحدود والإقليميات والحواجز، وفيه تشجيع لهم على القيام بدورهم القومي وحمل هموم أمتهم والانحياز لتطلعاتها، والتصدي لكل ما يشوه الثقافة والانتماء القومي العربي.
كان مقر الاتحاد آنذاك في شارع مرشد خاطر، في الدور الثاني من بناء متواضع، وفي الدور الأول كانت وما زالت سفارة فلسطين، وكنا نتردد على الاتحاد ونلتقي هناك بزملائنا رغم ضيق المكان.
انتقل المقر إلى المزة أوتوستراد، وهو مبنى فخم من عدة طوابق، وفيه قاعات متعددة، وبعض طوابقه مؤجرة لتزيد من دخل الاتحاد الذي يقدم لأعضائه الكثير، وأكثر مما يقدمه أي اتحاد للكتاب في الوطن العربي مشرقا ومغربا..وحتى في الدول الثريّة جدا.
في سورية يعامل العرب الفلسطينيون كما يعامل المواطنون السوريون، وهذا ينسحب على حضورهم في اتحاد الكتاب العرب السوريين، وهم يتساوون في الاتحاد مع أخوتهم السوريين، وعضويتهم ليست( شرفية)، فلا يمكن أن تعاملهم الدولة السورية بالمساواة ولا ينسحب هذا على الاتحاد.
عضوية الكتاب هي في واقع الحال شرفية ومعنوية، وهم حرصاء عليها، أما أنا فقد أقمت سنوات طويلة في دمشق، ولذا حرصت على العضوية، وحملت هوية الاتحاد واعتززت بها، وشاركت في بعض نشاطات الاتحاد، وفي إحدى المرات مثّلت الاتحاد مع الأستاذ الناقد محمود منقذ الهاشمي في ملتقى القصّة القصيرة في ( أبوظبي).
في زيارتي الأخيرة لدمشق توجهت للقاء القائمين على الاتحاد، وفي مقدمتهم الصديق الدكتور نضال الصالح رئيس الاتحاد، الناقد الكبير والقاص والأكاديمي والنقابي، وطلبت تجديد هويتي المنتهية الصلاحية.
بعد يومين تسلمت هويتي الجديدة بالرقم 18.
في زيارتي هذه سمعت همسا حول عضوية الكتاب العرب الفلسطينيين المقيمين في سورية، ولهذا أكتب هذه المقالة.
هناك من يقترح أن ينتقل هؤلاء الكتاب إلى اتحاد الكتاب الفلسطينيين!
لماذا؟! هل هذا الاقتراح بريء؟! أم إنه ينسجم مع همس معلن عن أن (العرب) آذوا سورية كثيرا، وأنه آن الأوان لرفع شعار: سورية أولاً؟!
قد تكون هذه الأصوات محدودة، وأصحاب دعوة سورية أولاً غير فاعلين ومعزولين!
هؤلاء لا يطرحون إسقاط عضوية ( كل) الكتاب العرب من اتحاد الكتاب العرب في سورية، هم فقط معنيون ( بالتخلّص) من الكتاب العرب الفلسطينيين، وهذا ينسجم مع: سورية أولاً، أي ( أقلمة) سورية..وما لنا ولفلسطين؟ وهكذا على سورية أن تتخلّى عن هويتها التي قاتلت للحفاظ عليها طيلة ثمانية أعوام في حرب جهنمية أمريكية بريطانية فرنسية رجعية عربية، وها هي تنتصر ومعها قوة عالمية صديقة هي روسيا، ومعها إيران، وحزب الله، ومعها جيش التحرير الفلسطيني، ولواء القدس البطل، وفصائل فلسطينية ما زالت في الميدان دفاعا عن عروبة سورية..وعن قضية فلسطين، القضية الأولى لملايين العرب رغم ( خيانة) السادات وورثائه المطبعين ( الحكام العرب) الذين موّلوا الحرب التدميرية على سورية البطلة.
حرصت على تجديد هويتي، وأنا منتم للاتحاد منذ 46 عاما..أنا العربي الفلسطيني، حامل الجنسية الأردنية، المؤسس في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، عضو رابطة الكتاب الأردنيين.
أوّد أن أذكّر بأن ( قادة) في ما سمي ( بالمعارضة) صرحوا وهم في عواصم التآمر على سورية، بأن أحد مآخذهم على الدولة السورية أنها توظّف ألوف الفلسطينيين! وهم أنفسهم من نظّروا لاقتحام مخيّم اليرموك وتشريد أهله بحجة أنه أرض سورية..وأنهم يريدون عبره اقتحام دمشق!
إذا كانت الهزائم قد لحقت بالمنظمات الإرهابية، وسورية الباسلة تنتصر وتستعيد أرضها وتحمي شعبها، فإن دعاة الإقليمية والانعزالية يفحون سمومهم، وهؤلاء أخطر على سورية وهويتها وصمودها وإعادة البناء لمؤسساتها وإنسانها من داعش والنصرة وأخواتهما...
العضوية رقم 18..تاريخها عام 1972!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 03.11.2018