سخيفة تلك الأخبار التي يتناقلها البعض، والتي تتحدث عن نقل مصر لتهديدات عدوانية إسرائيلية ضد غزة، ومكمن السخافة في هذه الأخبار أنها تسخف دور مصر، وتتعامل معها كساعي بريد لا حول لها ولا قوة، ومظهر السخافة في محاولة إظهار العدو حنوناً رحيماً على أهل غزة، الذين سترتعب فرائصهم خوفاً من التهديدات الإرهابية الصهيونية.
التهديدات الإسرائيلية لغزة تصل صباح ومساء عبر وسائل الإعلام، وبشكل مباشر من خلال قيادة العدو الإسرائيلي، بدءاً من نتانياهو الذي هدد غزة بالموت الزؤام، وتلاه وزير الحرب ليبرمان الذي ادعى أن حكومة الاحتلال استنفدت جميع الخيارات المتاحة مع قطاع غزة، وأن الأمور تسير نحو ضربات عسكرية قاسية، ومن ثم تصريحات معظم وزراء المجلس الوزاري المصغر، الذين امهلوا غزة حتى يوم يوم الجمعة، وإلا ستقوم قيامة غزة.
الواضح حتى اللحظ أن غزة ترفض التهديد، ولا تخاف الوعيد، وقد استعدت للمواجهة، ولن تتراجع خطوة واحدة إلى الوراء، ولن تسمح لعدوها بأن يملي عليها إرادته من خلال التهديد، وهي التي تخرج في كل يوم جمعة واثنين إلى المواجهة في مسيرات العودة دون كلل.
غزة وعلى لسان أكثر من مسؤول فلسطيني تؤكد أنها ستحافظ على رخم مسيرات العودة ذاتها، الذي أثبت أنها موجعة، ومربكة، ومقلقة للاحتلال، لذلك فإن قرار غزة هو تكثيف الحضور الجماهيري في مسيرات العودة، بل ستكون الجمعة القادمة جمعة التحدي، حيث سيتضاعف عدد المشاركين في مسيرات العودة كأحسن رد ميداني على تهديدات القيادة الإسرائيلية، ولا سيما أن غزة التي تفتش عن حياتها ومستقبلها بعيداً عن الاحتلال، غزة هذه التي وقفت شامخة، مرفوعة الهامة في ثلاث حروب، غزة هذه لن تنكسر من تهديدات متخبطة ومتناقضة لوزراء إسرائيليين يتنافسون فيما بينهم على التهديد اللفظي، ويتهمون بعضهم بالتردد والتخبط عند الجد.
وللتأكيد على هذا التخبط الإسرائيلي تجاه غزة، سأنقل تصريح وزير الاستيطان الإسرائيلي يوآف جالانت قبل يومين، حين استخدم ألفاظاً سوقية ضد حركة حماس، وهدد بأن دولته لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مسيرات العودة التي أرهقت إسرائيل دوليا، هذا الوزير جالانت نفسه، عاد يوم الاثنين ليقول: علينا التفكير عشرة مرات قبل الدخول في حرب غير ضرورية ضد غزة.
حرب غير ضرورية ضد غزة، جملة استخدمها رئيس الوزراء، واستخدمها وزير الحرب، واستخدمها إسرائيل كاتس، واستعان بها أكثر من وزير في الحكومة اليمينة التي لم تتعود على التهديد، وإنما اعتادت على التنفيذ، واعتادت على القصف والضرب والذبح بقوة كلما تسنى لها ذلك، دون وازع من ضمير، ودون احترام لرأي عام دولي، ودون خشية من ردة فعل عربية، وقد اعتادت على اتباع سياسة ما لا يأتي بالقوة، سيأتي بمزيد من القوة، حتى اصطدموا بجدران غزة، فاكتشفوا أن مزيد من القوة ضد غزة يعني مزيدا من التحدي، ومزيداً من العناد المقاوم.
غزة تتحدى، وتعرف أن التراجع قليلاً عن مسيرات العودة يعني الانكسار، ويعني الخضوع لإملاءات الصهاينة، لذلك ستهب غزة للمواجهة، والتحدي، وستذهب رجالاً ونساءً وشباباً وصبايا إلى مسيرات العودة بكل قوة وعنفوان وطني لا ينضب، طلباً للعودة والحرية وفك الحصار.
ملاحظة: عضو الكنيست الإسرائيلي ديفيد بيتان، يتهم رئيس الأركان جادي أيزنكوت بأنه المسؤول عن فقدان الجيش الإسرائيلي لقوة الردع.
ونسي عضو الكنيست أن الجيش بكل أذرعه العسكرية قد أوصى بعدم جدوى المواجهة مع غزة.
غزة بين التهديد والتحدي!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 16.10.2018