أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
من المسؤول عن ضم الضفة الغربية إلى "إسرائيل"؟
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 02.01.2018

قرار حزب الليكود بضم الضفة الغربية مصيبة، والتقليل من المصائب بحد ذاته مصيبة، وتقزيم الهموم وهم كبير، والقفز عن الواقع هوة سحيقة ستكسر عنق الشعب الساكت عن حقه المغتصب، والغاصب للحق الفلسطيني ليسوا هم الصهاينة فقط، كما تذكر كتب السياسة، الغاصب للحق الفلسطيني هم كل أولئك الذين مدوا يد المساعدة للعدو الإسرائيلي كي يغتصب الأرض الفلسطينية، وهؤلاء هم أمريكا وحلفاؤها الذين انساقوا خلفها بالنهج السياسي التدميري، وتساوقوا مع الصهاينة بالتنسيق الأمني التخريبي.
إن من يدقق في نص قرار ضم أرض الضفة الغربية، والذي يقول بلسان حزب الليكود: "في الذكرى الخمسين لتحرير يهودا والسامرة، بما فيها القدس، عاصمتنا الأبدية، تدعو اللجنة المركزية لليكود قيادات الليكود المنتخبة للعمل من أجل السماح بالبناء الحر، وتطبيق قوانين إسرائيل وسيادتها على مجمل المجال الاستيطاني المحرر في يهودا والسامرة".
قد يظن البعض أن هذا القرار قد سحق اتفاقية أوسلو، ولم يبق للمفاوضين شيئاً يتحدثون عنه، وقد يقول البعض إن القرار قضى نهائياً على فكرة حل الدولتين، وقد يقلل البعض من شأن القرار، ويدعي أن القرار سيطبق على الأرض التي تقام عليها المستوطنات، وهذه لا تمثل أكثر من 60% من أرض الضفة الغربية، وهنالك فرصة لمقارعة إسرائيل في الأمم المتحدة، وقد يقول البعض أن هذا قرار حزبي غير ملزم للحكومة، متجاهلين أغلبية حزب الليكود، وقد يدلي البعض بتصريحات نارية، ويقول: هذه قرارات لاغية، لن نسمح بتمريرها، سننظم إلى المزيد من المنظمات الدولية، وسنفشل المؤامرة، وأرض الضفة الغربية فلسطينية، وبعد ذلك يذهب هذا ليتعاون أمنياً مع المخابرات الإسرائيلية ضد المقاومة، وقد يقول البعض: سندعو لاجتماع القيادة، وستدرس أنجع الطرق للرد على قرار حزب الليكود، وهكذا
والصحيح أن الشعب الفلسطيني أمام كارثة سياسية، ونكبة حياتية لا تقل قساوة ووحشية عن نكبة 48، فدولة إسرائيل لم تقم سنة 48 فجأة، بل قامت بعد أن أسست لوجودها على الأرض عبر عشرات السنين، وهذا ما يحدث اليوم، فقرار حزب الليكود بضم الضفة الغربية لم يسقط من السماء كالمطر، بل سبقه فعل الاستيطان على أرض الضفة الغربية على مدار سنوات الرضا الفلسطيني، والتعاون الأمني، والمفاوضات مع غض الطرف عن الممارسات الإسرائيلية، أو الصمت المريب طوال سنوات الانتظار لنتائج فعل الممارسات الإسرائيلية على أرض الواقع.
لقد جاء القرار الإسرائيلي بضم الضفة الغربية كنتيجة طبيعية للنهج السياسي الفلسطيني الذي مكن الصهاينة من أرض الضفة الغربية، وعليه فإن تصحيح المسار لا يعني الوقوف في وجه القرار الإسرائيلي فحسب، وإنما ضرورة الوقوف بحزم في وجه السياسة الفلسطينية التي أسهمت في تمكين اليهود من أرض الضفة الغربية، بل ويجب محاسبة كل مسؤول فلسطيني أسهم في ضياع الأرض، ويجب القصاص من كل صاحب قرار أضاع فرص مقاومة الغزاة، وسهل لهم البقاء آمنين فوق أرض الضفة الغربية.
وسأضرب لكم مثلاً باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة العدو الإسرائيلي، الذي يفسره البعض على أنه اعتراف بإسرائيل ضمن حدود سنة 1948، والتي تمثل نسبة 78% من أرض فلسطين السياسية، والصحيح هو أن منظمة التحرير الفلسطينية قد اعترفت بدولة إسرائيل التي لم تعلن حتى يومنا هذا عن حدودها، فحدود دولة إسرائيل مفتوحة على كل قرار إسرائيلي، والاعتراف الفلسطيني مفتوح على تسوع وأطماع إسرائيلية.
إن جريمة الاعتراف بدولة إسرائيل تعني مأساة الاعتراف المسبق بكل قرارات إسرائيل المفتوحة على ضم المزيد من الأرض الفلسطينية، بما في ذلك قرار حزب الليكود بضم الضفة الغربية.
إن خلاص الفلسطينيين من هذه النكبة يكمن في خلاصهم من قيادتهم السياسية التي مهدت الأرض لقرار الليكود من خلال التنسيق الأمني، ودون التخلص من هذه القيادة، فكل حديث عن مواجهة أو شكوى، أو رفض، او استنكار أو شجب أو إدانة أو دعوة للقاء او اجتماع أو مؤتمر هو حديث مسخرة، ونهج فيه تسخيف لدم الشهداء الذي يصرخ صباح مساء: ليرحل صاحب القرار السياسي الذي يحز بسكين الصمت والانتظار على رقبة الأرض الفلسطينية.

1