لا صحة للأخبار التي تحدثت عن رفض مصر لأي دور لتركيا في معبر رفح، فهذا الخبر قد نفاه على مسامعي المهندس زياد الظاظا أحد قادة حركة حماس، وهذا ما يصدقه العقل، لأن بلداً مثل تركيا، لا تقبل أن تحشر طاقتها الكبرى في معبر حدودي يقع ضمن النفوذ المصري من جهة، وتختصم على إدارته السلطة الفلسطينية وحركة حماس من جهة أخرى.
إن مصالح تركيا في المنطقة تؤهلها لأن تبحث لها عن معبر مستقل عن كل المعابر، سواء كان معبر رفح الواصل بالحدود المصرية، أو المعابر الإسرائيلية، ولا يتسنى لتركيا ذلك إلا من خلال ممر بحري، يهدف إلى فك الحصار عن غزة، وتشكل فيه تركيا موطئ قدم لسكان القطاع في حلهم وترحالهم، وهذا ما وضعه الرئيس التركي شرطاً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وهذا الممر البحري هو محور التنافس بين مصر وتركيا، إذ ترى مصر بهذا الممر البحري بديلاً لمعبر رفح، وسيكون سبباً في تقليص نفوذها وحضورها وتأثيرها على حياة الناس في قطاع غزة، ومن ثم ضعف تأثيرها على القرار السياسي الفلسطيني بشكل عام.
موقف قيادة السلطة الفلسطينية من الممر البحري لا يختلف كثيراً عن موقف مصر، وكلاهما يضغط على إسرائيل كي لا توافق عليه، وللمتشككين أقول: لقد ظهر التوافق في هذا الموقف أثناء محادثات وقف إطلاق النار التي جرت في القاهرة قبل عام ونصف.
الخلاف التركي المصري على تمثيل مصالح سكان غزة من خلال المعابر والممرات ينعكس إيجاباً على إسرائيل التي تناور بين الطرفين، فإسرائيل لا تريد أن تخسر رؤيتها الاستراتيجية لحل الصراع، والتي تتمثل في التخلص من غزة، وإلقائها في البحر، حتى ولو وصلت إلى تركيا، وفي الوقت نفسه لا تريد إسرائيل أن تفرط بورقة مصر التي اهدتها دبلوماسيًا كبيرًا مثل حازم خيرت ليتولى منصب السفير في تل ابيب، وفي الوقت نفسه فإن إسرائيل لا تريد أن تخسر التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
وبين معبر رفح الذي يفضي إلى مصر، وبين الممر البحري الذي يفضي إلى تركيا، سيحتمل سكان قطاع غزة المعاناة، التي لن تطول كثيراً، والسبب يرجع إلى أن ارتفاع وتيرة التنافس على فتح المعابر والممرات سيتحول قريياً إلى سباق في تقديم يد العون إلى سكان قطاع غزة، والتقرب منهم، وذلك من خلال فك الحصار والتسهيلات في السفر، لذلك لا أستبعد أن تبادر مصر قريباً إلى فتح معبر رفح، كخطوة تستبق فيها توقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل، وما سينجم عنها من فتح الممر البحري، إن توقيع الاتفاقية سينعكس سلباً على مصر التي قد تجد نفسها خارج دائرة التأثير الفلسطينية.
ما ينطبق على مصر بخصوص معبر رفح البري يجري على السلطة الفلسطينية التي قد تجد نفسها خارج اتفاقية الممر البحري، لذلك سارعت السلطة الفلسطينية إلى الترحيب بمبادرة التنظيمات الفلسطينية التي اشترطت الشراكة بين السلطة وحماس في إدارة معبر رفح، هذه الشراكة تمثل فرصة رائعة لحركة حماس كي تنطلق من جديد، وتلقي بهموم الناس عن ظهرها، وتخفف من غلواء الاتهام الباطل بأنها السبب في إغلاق معبر رفح.
رفح بين تركيا ومصر!!
بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 04.01.2016