أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
النصب باسم محاربة الإرهاب!!
بقلم : سهيل كيوان ... 02.07.2015

الأوادم.. عندما يتحدث «الأوادم» عن مكافحة ومواجهة الإرهاب، نتفهمهم ونقول لهم يعطيكم العافية، وألف تحية لجهودكم المباركة، و»الآدمي» في لسان العرب هو الذي يُعرف أهلُه به، أي أنه وجيه بين أهله فهو «أدمتهم»، وكما تنمو الأشجار تنمو الكلمات ويتغير معناها الدلالي، حتى صار يُعرف الإنسان ذو الخصال الحميدة بأنه «آدمي»، وفي السياسة (الآدمي) هو الذي يخدم شعبه ويمنحه الحرية ويوفر له الفرص المتساوية في العيش الكريم وتداول السلطة، هذا (الآدمي) من حقه أن يحارب الإرهاب إذا حصل بين ظهرانيه وأقلق راحة مواطنيه…ب هذا المعنى ممكن القول إن رئيسة الأرجنتين (التي حلت جهاز المخابرات مطلع هذا العام «لعدم شفافيته») وقادة سويديين ودنماركيين وبلجيكيين هم من رؤوس الأوادم.
العلة والمعلول…
بلا شك ان اغتيال النائب العام المصري هو إرهاب، وتفجير سيارة في مكان عام وبدون عنوان هو إرهاب أكبر، وقتل عشرات الجنود المصريين هو كارثة، ورغم كل الإدانات لمثل هذه الأعمال، فالتجربة البشرية تقول إن لكل علة معلول! ألم تقل العرب «كثرة الشد ترخي»، وإذا كنتم لا تؤمنون بما قالت العرب فعلم النفس الأوروبي يقول إن جسم الإنسان يحاول التأقلم في المرحلة الأولى مع الضغط النفسي والفيزيائي عليه، ولكن زيادة الضغط عن قدرة الجسم على التأقلم مع الضغط تؤدي لمرض الجسم أو انهياره»!
ويبدو أن البعض عجز عن التأقلم مع ما جرى ويجري في مصر، فمرض ولجأ للإرهاب، وهذه نتيجة، لأن الإرهاب ليس هواية مصرية أو عربية، هناك أسباب يعرفها الانقلابيون في مصر أدت إلى ردود فعل مريضة وإرهابية بالفعل، فليحاسب المسؤولون أنفسهم، وليراجعوا ضمائرهم قبل التفكير بالإعدامات والأحكام المؤبدة إذا كانوا بالفعل يريدون الخير لشعب مصر. الإعدامات الكثيرة ليست حلا لأنها ظالمة من أصلها، فقط الحوار الصادق بين كل أطراف المعادلة يوقف التدهور، من يفكر بـ»الحل الأمني» على الطريقة الأسدية يدمي قلوبنا وقلوب المصريين ويتحمل النتائج.
عام العنزة…
عندما يتحدث رئيس دولة إسرائيل أمام وزير الخارجية الإيطالي يوم الثلاثاء ويصف شهر رمضان بأنه تحول إلى شهر إرهاب ورعب، بعد عمليات قام بها فلسطينيون ضد جنود إسرائيليين ويدعو العالم لمواجهة «الإرهاب»، نذكّر بأنه قبل عام بالضبط كانت طائرات جيشه وبوارجه الحربية تلقي بقذائف «النصف طن» على أحياء «المشحرين» والمعترين من أهل قطاع غزة، وبالذات في شهر رمضان الكريم، وكانت المحصلة مصرع 500 طفل، لكل منهم أب وأم ربما قتلوا معهم، وربما بقى البعض بدونهم.. إلى جانب آلاف المدنيين من القتلى والجرحى!.
نذكر رئيس الدولة بأن ملايين الفلسطينيين مضغوطون في علب سردين بين جدران العنصرية وحواجز الإذلال ومصادرات الأراضي والسجون وهدم البيوت وترحيل الناس وقتل أبنائهم وانسداد الأفق، ثم تتحدثون عن أن «رمضان شهر إرهاب ورعب»!
لقد مارستم بسياستكم واحتلالكم وعنجهيتكم، في كل أيام السنة الميلادية والهجرية وعام الحصان والعنزة والثعبان والقرد والخنزير وكل السنين في التقويم الصيني، الإرهاب، وحديثكم عن محاربة «الإرهاب» ودمج هذا بالإرهاب الذي حدث في تونس وفرنسا لا معنى له، سوى أنه محاولة للتهرب وإنكار للمسببات الحقيقية التي تولد العنف والتي أدت وستؤدي لإراقة المزيد من دماء العرب واليهود للأسف..
الغثيان…
عندما يتحدث وليد المعلم، كما فعل في موسكو مع بوتين هذا الأسبوع عن جبهة موحدة ضد الإرهاب، يصاب الإنسان بالغثيان! المعلم ما زال يردد أسطوانة أن النظام بريء ووقع ضحية للإرهاب والمؤامرات! يريدنا أن نتقبل كذبته على أنها حقيقة، يريدنا أن نعتبر إرهاب الدولة ضد الناس أمرا مشروعا!
النظام طبخ الإرهاب وظن أن الناس سيتراجعون عن ثورتهم وسيفضلون الديكتاتورية وإرهاب الدولة على إرهاب فوضوي متوحش!
من يدعو ويتحدث عن محاربة الإرهاب يجب أن تكون سجونه نظيفة من المعتقلين السياسيين قبل الثورة بكثير! من يريد الخير لشعب سوريا فليعلن استقالته الآن من منصب رئيس الجمهورية ويدعو العالم كله إلى التفاوض لتدبير حل وليس الإجهاز على ما تبقى من سوريا.
100 رأس مقطوعة…
منذ بداية هذا العام قطع في السعودية مئة رأس بشرية! السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هل يوجد في السعودية هذا الانتشار الواسع من الجريمة! إذا كانت الجريمة منتشرة بهذا الاتساع فهناك مشكلة كبيرة، وخصوصا أن في السعودية أقدس مقدسات المسلمين وأكثر الدول «تشددا» في الجانب «الأخلاقي»! هل تقطيع هذه الرؤوس كان كله انتصارا للحق ودين محمد (ص)! أليس وراء هذه الرؤوس ما وراءها! ألم تقطع رؤوس البعض ظلما بتهمة الردة! ألم تلفق هذه التهمة لمعارضين، أليس هذا هو منطق داعش نفسه وممارساته في الساحات العامة!
حق العقل وليس المعدة فقط!
عندما نتحدث عن حقوق الإنسان، فهذا لا يعني حقه بأن يأكل ويشرب وينام ويتزوج ويجد مأوى فقط! هذا حق بديهي يجب أن يحصل عليه بكرامة، وليس بمكرمة ولا بواسطة من أحد، إلى جانب هذا من حق الإنسان أن يستخدم عقله وليس معدته فقط؟
من حق الإنسان أن يفكر وأن يطرح الأسئلة الصعبة والمحرجة للبعض! أي سؤال يخطر في البال كما لو كان طفلا! من حقه يسأل أسئلة وجودية حتى تلك التي تساءل بها الأنبياء عن الوجود وغايته! علينا أن نقبل وجود المختلفين عنا في فهم العالم في أوطاننا وبيوتنا، فلنترك الخلق للخالق، طالما أنهم لم يضروا أحدا ولم يسعوا في الأرض فسادا، فليس من حق أحد أن يعاقبهم على تفكيرهم.
والأنظمة التي تتحدث عن الأمن والأمان،عليها أن تحقق هذا ليس بقطع الرؤوس وملء السجون بالمعارضين والمقاومين وقطع أرزاقهم! بل بالعدل، فالعدل أساس الملك، وهذا يشمل ثروات الوطن وتداول السلطة بصفتها ثروة وطنية يجب أن لا تقتصر على فئة دون أخرى أو على أناس دون أناس.

1