أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
تساؤلات حول اختطاف المستوطنين الثلاثة…!!
بقلم : سهيل كيوان ... 20.06.2014

وقعت قبل أسبوع عملية اختطاف لثلاثة فتيان من فتية المستوطنين الصهاينة، أحدهم في الواقع في سن الخدمة العسكرية (19 عامًا) واثنان في سن السابعة عشرة في طور الإعداد للخدمة العسكرية. نتنياهو وحكومته اجتمعوا ثم قرّروا وأعلنوا أن حماس هي التي فعلت هذا، وهي التي تتحمل المسؤولية، وتوالت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأنه لا يوجد حصانة لأي فرد من حماس سواء كان مدنيًا أو سياسيًا، في القطاع أو في الضفة الغربية، وهذا ليس جديدًا، كذلك لم يبرّئوا ساحة أبو مازن من المسؤولية، الذي فعل المستحيل لإرضائهم وقدم وما زال يقدم الخدمات الأمنية تحت مسمى التنسيق الأمني دون جدوى، واعتبروه مسؤولا لأن «المخطوفين» موجودون في منطقة نفوذه! بل وطالب بعضهم باعتقال زوجته التي كانت تتلقى العلاج في مستشفى بالقرب من تل أبيب! وكأن هناك صعوبة باعتقالها لو شاؤوا ذلك من بيتها! بل وطالب البعض بإخراج سجين أمني إلى الإعدام صبيحة كل يوم حتى يتم إطلاق سراح المخطوفين، وطالب بعضهم بسحب الجنسية عن النائبة حنين زعبي من التجمع الوطني الديمقراطي التي لم تقبل ثنائية (يا اسود يا ابيض) ورفضت وصف الخاطفين بأنهم إرهابيون، وحمّلت المسؤولية لحكومة نتنياهو،الأمر الذي أثار موجة من التحريض الدموي ضدها. وبدأت سلطات الإحتلال باعتقالات واسعة في صفوف حماس وغير حماس ومن الناس العاديين، ودخلت البيوت بداية بالخليل بيتا بيتا وزنقة زنقة، واعتقلت المئات في الضفة بينهم خمسة وخمسون أسيرًا كانوا قد حُرّروا في صفقة شاليط، وكأنها تقول إن كل الصفقات السابقة لاغية، وهذا ليس جديدًا، فمعظم الذين يطلق سراحهم في صفقات، يعاد اعتقالهم لاحقًا أوحتى اغتيالهم.
إلا أن أكثر من سؤال يُطرح حول عملية اختطاف هؤلاء المستوطنين الثلاثة، أولا حركة حماس لم تتبن العملية وتصرّ أنه لا علاقة لها، ثانيًا لماذا حدث هذا في الوقت الذي يخوض فيه الأسرى الإداريون الفلسطينيون إضرابًا عن الطعام كان مركز اهتمام وسائل الإعلام! لماذا حدث هذا في الوقت الذي كانت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس تدعو للاعتصامات ولتصعيد معركة الأمعاء الخاوية والتضامن مع الأسرى! فمنذ عملية «الإختطاف» ذهبت الأنظار كلها إلى هذه العملية بينما الإضراب مستمر بلا غطاء إعلامي كافٍ، فقد خفت الإهتمام بإضراب الأسرى الخافت أصلا،هل يمكن لحماس أن تقوم بهكذا عملية في أوج إضراب السجناء الإداريين! أم أن عملية الاختطاف جاءت كرد على قرار الكنيست قبل أيام منها بمنع أي صفقة تبادل أو إطلاق سراح أسرى أمنيين! أم أن الأمر حدث بدون تخطيط أبدًا ولا علاقة لأي تنظيم به..أم أن هناك قصة أخرى مختلفة عن كل ما نسمع!
ثم لماذا لحماس أن تقوم بهكذا عملية في الوقت الذي لم يمر على الوحدة الوطنية سوى أيام قليلة، وما زالت قيد الامتحان، وهي تعرف هشاشة هذه الوحدة التي قد تنهار لسبب أقل بكثير من هذا، فعملية كهذه محسوبة العواقب، وهو الرد الإسرائيلي الذي بدأ حتى قبل عملية الإختطاف، ولا يحتاج أصلا لذريعة للعدوان كما عوّدنا.
هل يمكن لحماس أن تقوم بهذه العملية وهي تعرف أن إسرائيل سترد بعدوان واسع عليها وعلى كوادرها ومؤسساتها في التوقيت الذي تحتاج فيه لتنفس الصعداء وخصوصًا أن حصار النظام المصري العسكري الإنقلابي يشتد يومًا بعد يوم وينهك الناس في القطاع، وهل تقوم بهذا في الوقت الذي يتهمها نظام السيسي بأنها منظمة تابعة للإخوان المصنفين في القانون المصري كمنظمة إرهابية خارجة عن القانون ويقوم بتدمير الأنفاق يوميًا بين الجانبين المصري والفلسطيني، وهي الرئة التي يتنفس منها القطاع، بل وفي الوقت الذي تردد فيه حكومة إسرائيل موقف مصر وسوريا من الإخوان والحركات الإسلامية وتتمسك به وتدعو لتدمير بنى حماس عسكرية وغير عسكرية، وحظر الحركة الإسلامية في مناطق 48 برئاسة الشيخ رائد صلاح!
هل يمكن أن تقوم حماس بهذه العملية في الوقت الذي بدأت تتضح فيه صورة استشهاد قاصرين في بيتونيا قرب رام الله برصاص جنود إسرائيليين في ذكرى النكبة دون أن يشكلا أي خطر على حياة الجنود، بل قتلا بدم بارد، وعندما بدأت عملية إدانة واضحة لمقتل الفتيين الفلسطينيين من جهات دولية عديدة، وكانت الولايات المتحدة قد طالبت بالتحقيق في مقتلهما!
ثم لماذا أتت هذه العملية لتتساوق مع الرواية الإسرائيلية التي تهدد وتتوعد حماس وعباس بعد التقارب بين الطرفين وعودة التفاؤل إلى الشارع الفلسطيني بتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية!
تأتي التصريحات الإسرائيلية إعدادًا للأجواء لشن عملية واسعة النطاق ضد حماس وأذرعها في الضفة والقطاع ولتخريب المصالحة الهشة، إسرائيل بدأت بالتلويح لأبي مازن بأن شركاءه هم المسؤولون عن الاختطاف وكونه شريكًا لهم فهو يتحمل المسؤولية مثلهم، وكانت قد وجهت تهديداتها له قبل الاختطاف بسبب المصالحة، فهو مقبول على الجانب الإسرائيلي ما دام أنه في الصف المعادي للمصالحة ومع تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني، وبمجرد قبول المصالحة يفقد شرعيته من وجهة نظر الإحتلال لأنه حينئذ يعارض سياسة فرق تسد.
وما دام أنه قرر التصالح مع حماس فعليه تحمّل النتائج، ويبدو أن دولة الإحتلال عاقدة العزم على وضع حماس وفتح ومصالحتهما تحت التجربة القاسية، وهي ماهرة جدًا بضرب الأسافين، وقد بدأت بضربها من خلال تحييد مؤقت لأبي مازن ما دام أنه يتعاون أمنيًا، وهي تلوح وتقول إنها (لا تعمل في الظلمة) بالنسبة للمخطوفين ويبدو أن لديها طرف خيط.
لقد عوّدنا الإحتلال الصهيوني على أبشع الممارسات لتبرير سياساته، والغاية عنده تبرر الوسيلة، وخصوصًا عندما يقرر القيام بعمليات عسكرية واسعة، مثلما عودتنا أنظمة الخزي والعار العربية على اختلاق الأكاذيب والمؤامرات والدسائس كي تفتك بالمعارضين لها، إلا أن إرهاب السلطات سواء كانت احتلالا أجنبيًا أو استبدادًا داخليًا لن تفرّخ سوى المقاومة ومزيدًا من المقاومة لكل أشكال القهر والظلم والاحتلال…

1