أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
فلسطين:النفَّق المُتدحرج!!
بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 10.10.2013

يوم شئنا ام لم نشاء وابينا ام رضينا جاء المغتصبون من كل حدب وصوب من كل القارات وعبر كل البحار ليغتصبوا بين ليلة وضحاها وطن كامل وشامل بسهوله وجباله وبحاره وصحاريه ومدنه وقراه ومساجده وكنائسه وليشردوا شعبنا واهلنا ويشتتوهم على طول وعرض هذه الدنيا وهذا العالم الذي لطالما كال بالف مكيال اذا تعلق الامر بفلسطين الوطن وفلسطين الشعب الذي شُرد من وطنه العامر بكل ما تعتمر الكلمه من معاني من اعتمار الكوفيه ومرورا باعتمار الشعب وطنه وحتى الارض العامره والمعتمره بكل العمَّار والاشجار وكل ما يشير الى رائحة الوطن من الزعتر الى الزيتون وحتى البرتقال الذي ما زال حزينا على اهله الراحلين قسرا وظلما منذ عقود من الزمن..عقود تطارد عقود..!
قبل عقود من الزمن...يوم اخذ اجدادنا واباءنا وامهاتنا مفتاح الدار وكيشان الارض ورحلوا على عَّجل تحت وابل من الرصاص والقنابل واصوات المدافع وصدى المذابح والمجازر الذي ارتكبها المغتصبون بحق اهل فلسطين اللتي كانت دوما عامره باهلها من النهر الى البحر ومن جبال الجليل الى صحراء النقب ومن حيفا وعكا ويافا وغزه ومدن الساحل الفلسطيني غربا وحتى جبال الخليل شرقا...شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وعرضا وطولا كانت هذه وما زالت فلسطين ولا ينكر هذه الحقيقه التاريخيه الا الغاصبون والمحتلون وحلفاءهم ومشتقاتهم من فلسطيينيون وعرب صهاينه يظنون كما يظن الصهاينه المغتصبون ان الوطن مجرد خريطة من ورق يقصقصونها بمقص الاحتلال والاستيطان وما يتبقى من فتات ورق يكتبون عليه اراضي متنازع عليها يقطنها بعض الغرباء!...نعم كل الملايين التي تشكل عدد ووجود الشعب الفلسطيني اصبحت غرباء داخل الواقع القسري لوجود الدوله اليهوديه..من وجهة نظرهم : إنتهينا من مرحلة بناء الدوله والان نريدها جغرافيا وديموقراطيا دولة يهود بحته.. من اكذوبة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض تحَّول الامر او تطور الى مرحلة "سلام" بلا ارض ولا شعب فلسطيني...هكذا هو بالفعل تصورهم للسلام وكبير المفرطين الفلسطينيين يعرف هذا الحقيقه, لكنه تحول الى مقاول سلام دون رصيد ولربما انه يأمل ان يكون له نصيب في امتيازات حالة النصب والاحتيال الجاريه في فلسطين وعلى ارض فلسطين!!
نعم في فلسطين تتدحرج الامور من من نفق الى نفق والفلسطينيون يبحثون عن نقطة ضوء حتى ينتقلون من نفق الى نفق دون ان يخرجوا من مربعات الانفاق ولسخرية التاريخ الفلسطينيون يحفرون الانفاق حتى يضيئوا عتمة غزه ويطعموا اهلها..قصة نفق لا تفارق الفلسطيني بالمعنى والفحوى ونحن عندما نتحدث عن النفق والانفاق لا نعني حالة قطاع غزه ومأساوية وضعها لا بل نعني حال الشعب الفلسطيني ككل ومأساوية حاله السياسيه والوطنيه والتاريخيه في ظل دخوله الى اتون شبكة انفاق مظلمه فما ان يخرج من نفق حتى يجد الاخر فاغر الفم وهكذا دواليك منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا!!
نفق يطارد نفق وانتظار ينتظر انتظار منذ زمن بعيد هذا هو الحال الفلسطيني والمؤسف في الامر ان اخطاء قيادات الشعب الفلسطيني قد ساهمت في فشل محاولات هذا الشعب في الخروج من المصايد والانفاق الذي نصبها وحفرها له اعداءه واذا تحدثنا عن الشعب الفلسطيني كشعب فهو جمل المحامل وشعب مقاوم ومناضل ولم يَّكل ولم يمل من النضال من اجل وطنه في يوم من الايام وهو شعب الثورات والانتفاضات وشعب المناضلين والمناضلات الذي قدم قوافل من الشهداء جيل بعد جيل وما زالت فلسطين بالنسبه له حلم سيتحقق ولو بعد حين..حلم وهَّاج يضئ قلب الفلسطيني اينما كان وتواجد وطنا ومهجرا.. كارثة الفلسطيني تجلت في قرارات قياداته وليست في جبروت اعداءه العنكبوتيون بالمعنى والفحوى وبالتالي ما يلفت النظر هو انه ومنذ ثورة عام 1936 ومرورا بانتفاضة الحجاره 1987 وحتى انتفاضة الاقصى 2000 قاتل الفلسطينيون شيبا وشبابا ورجالا ونساءا واطفالا ببطولة فائقه وكانوا دوما قوب قوسين او اكثر من تحقيق النصر على اعداءهم المحتلين لارضهم, دائما ودوما حالت قرارات القيادات الفلسطينيه دون تحقيق هذا النصر,,ففي عام 1936 وصلت الثوره الفلسطينيه ضد الاحتلال البريطاني والاستيطان الصهيوني ذروتها وكانت قاب قوسين او اقل من هزيمة الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونيه, لكن نداء الحكام العرب بوقف الثوره وترك حل الامور لقوات الاحتلال البريطاني واستجابة القياده الفلسطينيه انذاك لهذا النداء ادى الى كارثة فشل الثوره دون ان تحقق اهدافها لابل ان هذا الفشل مهد الطريق امام الصهاينه في نكبة عام 1948..!
...لن نتحدث عن اسباب نكسة 1967..وسننتقل الى نهاية انتفاضة الحجاره 1987..1992 وهي الانتفاضه التي انهكت الاحتلال الاسرائيلي وفضحته عالميا وقد انتهت بقطف القياده الفلسطينيه لثمار هذه الانتفاضه قبل ان تنضج وكانت النهايه بعقد كارثة اتفاقية اوسلو عام 1993 وهذه الكارثه مستمره حتى يومنا هذا 2013 وما اقامته اسرائيل من مستوطنات في الضفه والقدس منذ اوسلو يفوق بعشرات الاضعاف مما كان عليه الحال قبل عام 1987..انتفاضة الاقصى 2000 والتي تصادف ذكراها ال13في هذه الايام انتهت ايضا بكارثه سياسيه سببها ليس فقط القمع الاسرائيلي لابل اخطاء القيادات الفلسطينيه وعجزها عن ادارة الانتفاضه وتوظيفها لصالح حقوق الشعب الفلسطيني...لا ننسى الصراع الفصائلي الفلسطيني على سلطة اوسلو وما جرى من اقتتال وانقسام عام 2007 ..انقسام مستمر حتى يومنا هذا..كانتون غزه وكانتون رام الله...حتى الميثاق الوطني الفلسطيني عبثت به القيادات الفلسطينيه...سكَّبوا قربة كامل حقوق الشعب الفلسطيني على امل سحابة سلام عابره وكاذبه.. مرَّت دون غيث ومن ثم جاءت سنين المحل الطويله مرة اخرى... لا ننسى طبعا ان القيادات الفلسطينيه عبثت حتى بدور منظمة التحرير الفلسطينيه الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني..ماهو موجود اليوم سلطه فاسده وفصائل متناحره....غياب كامل لقياده فلسطينيه راشده ولكينونه قياديه تقود النضال الفلسطيني!!
ما يدمي القلب ان اخطاء القيادات وصراعات الفصائل قد ادخلت الشعب الفلسطيني في نفق متدحرج منذ عام 1936 ومرورا بعام 1948 وحتى يومنا هذا..حتى فلسطين الداخل ابتليت بقياده انتهازيه روَّضت الناس حتى تبرر ترشيحها ووجودها كاعضاء في الكنيست الاسرائيلي.. هذه القياده الانتهازيه والعضوه في الكنيست الاسرائيلي تختبئ داخل تسمية ذاتها ب " النائب" فلان او علان حتى تخفي حقيقة عضويتها في كنيست اسرائيل التي تشرعن احتلال فلسطين واضطهاد الفلسطينيون وسلب حريتهم ووطنهم وهدم بيوتهم وبالتالي ما يسمى بالقيادات الفلسطينيه وعلى راسها السلطه الفلسطينيه ساهمت وما زالت تساهم في ادخال الشعب الفلسطيني في نفق متدحرج من حقبه زمنيه الى اخرى دون امل في بزوغ شعاع نور في اخر النفق... هل سمعتم في التاريخ بقيادة شعب مُحتل تنسق امنيا وسياسيا مع الاحتلال لتطيل عمره وتحول دون مقاومته؟...اعطونا مثال واحد على وجود قياده فلسطينيه لها برنامج وطني نهضوي مقاوم؟... لا يوجد!!.. ماهو موجود سلطه في رام الله واخرى في غزه وكليهما فاسد ومحاصر..هنالك صمت وركود وماهو جاري ان الاحتلال الاسرائيلي يعيث استيطانا واحتلالا في كل فلسطين التاريخيه... الاحتلال يتقدم في فلسطين شبر شبر ..يبتلع الارض ويهمش الوجود الفلسطيني والقدس ليس في طريقها للتهويد لابل هودَّت بالكامل حتى بوابات المسجد الاقصى.... شعب فلسطيني تجاوز عدده ال11 مليون نسمه ويعيش حالة تيه وضياع وشتات يستفيد منها الاحتلال والفاسدون والانبطاحيون المعنيون ببقاء الشعب الفلسطيني وراء الجدران و في نفق مظلم ومتدحرج .. والسؤال : متى سيقفز شعب الجبارين عن هذه القياده ويتخطاها ليخرج من هذا النفق المتدحرج نحو سرح وطريق الحريه المتدحرج؟...في بيتنا الفلسطيني اكثر من عدو متواطئ مع الاحتلال ومستفيد من وجوده..هؤلاء اخطر من جيش لحد لانه ببساطه لحد كان يساوم على جنوب لبنان وليست على كامله بينما في فلسطين يساومون على كامل الوطن الفلسطيني..انَّ للفلسطيني ان يدُك النفق من كل جوانبه حتى يبزغ النور ويتدحرج.. اينما دَّكيت النفق بزغ نور الوطن.. فلسطين:النفق المتدحرج.. دائما ودوما الظلمه الحالكه تسبق بزوغ الفجر...حتما سيبزغ...لكن ليس قبل تغيير القياده الفلسطينيه..!!

1