أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
عودة مرسي والشورى والدستور!!
بقلم :  راسم عبيدات  ... 08.10.2013

... جماعة الإخوان في مصر لا تريد ان تستوعب الحقائق الجديدة،وهي تخوض حرباً مفتوحة ضد النظام الجديد،تحت شعار ان ما حصل هو انقلاب على الشرعية،وليست إرادة الشعب والجماهير التي منحت الإخوان الشرعية،وعندما اساؤوا الإستخدام والتصرف والسلطة،بادر الشعب الذي منحهم السلطة والشرعية الى سحبها منهم،وهم يريدون عودة الرئيس المعزول مرسي والشورى والدستور،ويرون في مرسي وحركة الإخوان قدر الشعب المصري والعربي،وهم كحال من يجادلون بأن الإسلام هو الحل ولا شيء غير الإسلام،فلا سلطة في مصر أو العالم العربي غير سلطة الإخوان،ولكن الوقائع تقول بأن عودة مرسي صارت من خلف ظهر المصريين،بل وأصبح العالم واقرب المقربين من جماعة الإخوان يتعاملون مع الوقائع الجديدة،ولا اظن بان إستمرار الإخوان في حربهم ضد النظام الجديد سيحقق لهم أية نتائج ايجابية،بل إستمرار مسلسل العنف،قد يدفع بالنظام الجديد من اجل فرض النظام وإعادة الحياة الى طبيعتها،الي اتخاذ اجراءات اقصائية وإجتثاثية بحق حركة الإخوان لا تطالهم ليس فقط بالاعتقال لقياداتهم وكوادرهم والمحاكمات الجماعية لهم،والزج بهم في السجون لسنوات طويلة،بل سيكون التركيز على مصادرة اموالهم وممتلكاتهم،واغلاق مؤسساتهم وجمعياتهم التجارية والخيرية والإغاثية والإجتماعية،وتدمير كل بنيتهم التحتية،والتي شكلت عصب تواصلهم وخداعهم وتضليلهم للجماهير من خلال شبكة واسعة أقاموها في العمل الإجتماعي والإغاثي،ناهيك عن سيطرتهم على الكثير من المؤسسات والشركات التجارية،والحرب ربما تصل بالنظام الى أبعد من ذلك لتطال كل مؤسساتهم الدينية،والتي من خلالها يمارسون التحريض والتعبئة ويبثون أفكارهم المتعارضة ليس فقط مع نظام الحكم القائم،بل ضد كل ألوان الطيف السياسي المصري،فهم غير مستعدين للتشارك في السلطة والقرار مع أي فئة او تنظيم آخر.
الإخوان كحركة عالمية،يدركون جيداً بأنه وجهت لهم ضربة قاصمة،بسقوط حكمهم في مصر،حيث ان مصر هي مولد حركة الإخوان،فيها نمت وترعرعت الحركة،ومارست دورها وتأثيرها على الفروع في البلدان الأخرى،وكان على مر وجود الحركة رئيس مجلس الشوري،وأغلبه من إخوان مصر،وهم المتحكمين في قرار الحركة على مستوى المركز والفروع،ولكن بعد الضربة التي وجهت لهم في مصر،بدات الأصوات تعلو في إجتماعاتهم الأخيرة في إسطنبول وباكستان،من اجل التغير في قيادة مجلس الشوري،وبما يطال المرشد العام،وان لا يكون حكراً على مصر،وهذا مؤشر في ظل المعركة المحتدمة مع النظام الجديد،إذا ما إندفع النظام نحو خطوة اخرى على طريق قطع شعرة معاوية مع حركة الإخوان المسلمين،وبدء بتطبيق الحكم القضائي بحق حركة الإخوان المسلمين،والقاضي بحظرها ومصادرة ممتلكاتها واموالها،وتدمير شبكاتها الاجتماعية والإغاثية والتعليمية والدينية،فهذا يعني بأن زلزالاً سيحدث في الحركة،حيث ستتعالى الأصوات من داخل الحركة في مصر وخارجها،المحملة لمن كان في مركز القيادة واتخذ القرارات بالمواجهة والتصعيد مع النظام المسؤولية عما وصلت إليه الأمور،وبالتالي جسم الحركة على مستوى المركز والفروع مرشح للتصدع والإنشقاقات،وهذه التصدعات قد تكون باتجاه التطرف والتشدد للجناح المتطرف في الحركة،أي الذهاب للجماعات التكفيرية والجهادية والسلفية والقاعدة،ومن لهم مصالح اقتصادية وتجارية،قد تدفعهم تلك المصالح للتصالح مع النظام أو مهادنته وإقامة احزاب اكثر ليبرالية وغير قائمة على أساس ديني.
ربما تكون الحركة في معركة كسر العظم التي تخوضها مع النظام،تريد أن تبعث بمجموعة من الرسائل الى الداخل والخارج،رسالة تقول فيها للنظام بأنها قادرة على قلب الطاولة،وبالتالي تريد رفع سقف الثمن السياسي الذي تطالب به للمشاركة في العملية السياسية والحكم،وهذا الخيار قد يفوت عليه الآوان اذا ما تصاعدت عمليات العنف والقتل واستهداف مقرات الجيش والسلطة والحكومة،بحيث يقدم النظام على شن حرب لا هوادة فيها على الحركة،بقصد اقتلاعها وإجتثاثها،وربما الرسالة الأخرى موجهة للدول المحيطة والتي يتمتع فيها الإخوان بالسيطرة على السلطة أو بالقوة الكبيرة والجماهيرية،بأن"لحم الإخوان والحركة مر ولا يأكل بسهولة " ومن يحاول ان يسلك نفس المسلك الذي سلكها النظام مع الحركة في مصر،سيترتب عليه دفع ثمن باهظ.
على كل المعطيات والدلائل تشير إلى ان مكتب الارشاد العالمي للحركة يدفع نحو التصعيد وخوض معركة كسر عظم مع السلطة والنظام،وواضح بأن هذه المغامرة ستؤدي الى تراجع شعبية الإخوان في مصر والعالم العربي والإسلامي بنسبة كبيرة،فالزخم الجماهيري والشعبي الذي كانت تعتمد عليه الحركة،عندما كانت في المعارضة،ليس هو بنفس الحجم بعدما تولت الحركة السلطة في مصر،وإنكشفت على حقيقتها،فهي كانت كالنظام الديكتاتوري السابق،بل وعلى نحو أسوء،فهي لم تلتفت لهموم ومشاكل الجماهير الكبرى الاقتصادية والإجتماعية...الخ،وواضح من حشودها المتواضعة في الذكرى السنوية الأربعين لحرب اكتوبر،بأن الجماهير أخذة في الإنفضاض من حولها،وستزداد عزلتها وإنفضاض الجماهير عنها،عندما يتم قطع وضرب شرايينها المالية والإغاثية والإنتاجية،والتي كانت تستخدمها في إستقطاب وتجنيد وتعبئة وتحريض الجماهير،وشراء الذمم والترويج لأفكارها ومعتقداتها.
الأيام والشهور القادمة ستجيب عن طبيعة العلاقة ما بين النظام وحركة الإخوان،فإما ان تقرأ المتغيرات معمقاً وتراجع نهجها وسياساتها وليس خطابها فقط،وتقتنع بأنها إرتكبت اخطاء وخطايا بحق مصر شعباً ودولة،وتعترف بالهزيمة رغم مرارة الإعتراف،وتعود لخيار المشاركة في العملية السياسية والتي ستتيح للحركة إعادة ترميم علاقاتها مع الجماهير،وحتى وإن لم تتمكن من الوصول للسلطة،أو انها ستواصل تصعيدها وحربها المفتوحة مع النظام،وتكون قد حكمت على نفسها بالإعدام والإقصاء،وحينها ستخسر نفسها والسلطة،وسيخسر الجميع مصر،التي ستغرق في حروب مذهبية وطائفية وفوضى خلاقة،كما هو حاصل الان في سوريا،فهل يتعظ الإخوان من تجاربهم ومن حظرهم السابق،بأن عودة مرسي والشورى والدستور باتت مستحيلة..؟؟

القدس- فلسطين
1