يواجه آلاف المعلمين من سكان منطقة الشمال، خصوصًا النساء من بينهم، صعوبات يومية في عملهم بمنطقة النقب، إذ يضطر كثر منهم إلى السفر لمدة 6 ساعات يوميا ذهابا وإيابا، فيما تواجه طلبات انتقالهم من الجنوب إلى الشمال مصاعب جمة قد تصنف مهمتهم تلك بالمستحيلة، وذلك في ظل منظومة محوسبة لوزارة التربية والتعليم التي سهلت مهام الفساد الإداري من خلال تجاوز النظام المحوسب بعد الموعد الأخير الذي تحدده الوزارة لانتقال معلم من منطقة إلى أخرى.ويتهم المعلمون مدراء المدارس بشراكة المفتشين في ترسيخ نظام فاسد عبر تبادل مصالح واضح بين مدراء ومفتشين لتعيين المقربين وتجاوز المنظومة المحوسبة وفقا لأهوائهم؛ على حد تعبير المعلمين.ونصح المعلمون الطلاب الجامعيين الامتناع عن تخصصات التربية والتعليم، نظرًا للفائض الكبير في الأكاديميين في مسارات التربية والتعليم، علمًا أن هناك أكثر من 4 آلاف معلم من الشمال يداومون في منطقة النقب.
وقال النقابي، جمال قدورة، الذي يتابع قضايا معلمي الشمال، لـ"عرب 48"، إنه "مع الأسف الشديد هناك تقاعس كامل تجاه قضايا معلمي الشمال في النقب، إذ أن العقبة الأساسية التي تواجه نقل معلمي الشمال إلى الجنوب، هي تحديد الوزارة لتاريخ 31 آب/أغسطس كحد أقصى لنقل معلم، ما يفوّت الفرصة على آلاف المعلمين الانتقال سنويا ويتيح فرصة إخفاء الساعات من قبل المدراء والمفتشين إلى ما بعد هذا التاريخ وفجأة تظهر وظائف وساعات".
وأضاف أنه "بهذه الطريقة يستطيع المفتش أو المدير تعيين من يريد في الشمال، فيما تدعي وزارة التربية والتعليم أن هذا التاريخ حدد خصيصا لعدم المساس بالطلاب بعد دوام شهر مع الطلاب وعدم القدرة على توظيف بديل، وهذا الادعاء غير صحيح، لأن هناك فائض معلمين في النقب كما هو الحال في الشمال".
ورأى "يواجه معلمو الشمال أيضا تحديات كبرى، إذ أن بعضهم يسافر يوميا لمدة 6 ساعات ذهابا وإيابا، وما يحصل عليه المعلم لا يعوض جزءا بسيطا من تكاليف السفر، وآخرون يسكنون في النقب مع إيجار شهري مرتفع بين 2500-3000 شيكل، وما يحصل عليه المعلم بدل سكن يعادل 700 شيكل شامل الضرائب، وفعليا ندفع أكثر من 10 أضعاف مما نحصل عليه بدل سكن".
وتساءل قدورة "هل النظام موحد في الوزارة؟ وهل يحصل المعلم اليهودي على بدل سكن حسب الاتفاق الفعلي أم حسب نفس النظام في التعليم لدى العرب؟".
وأشار إلى أن "هناك معضلة أخرى متمثلة بعملية تسجيل أبناء معلمي الشمال في رياض الأطفال بالنقب، إذ تطالب السلطات المحلية تغيير عنوان السكن حتى يحصل أبناؤهم على مقاعد في رياض الأطفال، وكل هذه التحديات لا تقابل بأي حل من قبل الوزارة أو نقابة الهستدروت مع الأسف".
وختم قدورة بالقول إن "ما تواجهه المعلمات من الشمال في النقب خصوصًا الأمهات منهن أمر غير إنساني، إذ أنهن يسافرن لمدة 6 ساعات يوميا، بمعنى أنهن يخرجن من ساعات الفجر من منازلهن ويعدن في ساعات الليل، في المقابل لا يحصلن على ساعة مع أبنائهن بسبب هذه الساعات الطويلة ما يدفع الكثير منهن إلى تقليص وظائفهن من أجل رؤية أبنائهن، وحتى إمكانية التعليم في المدارس اليهودية ليس ممكنا، فما يطالب به المعلمين هو التنازل عن أحقيتهم في المنظومة وليس هناك التزام بوظائف ثابتة إنما بوظيفة مؤقتة لعام
وقالت المعلمة، غزالة مبرشم من جديدة المكر، لـ"عرب 48" إنني "أعمل في الوزارة كمعلمة لغة عبرية منذ 7 سنوات، ومنذ سنوات أقوم بتقديم طلب انتقال، ويكون دوري في المنظومة المحوسبة رقم واحد، في المقابل لا أحصل على فرصة، وقد أمضيت سنوات ولا زلت أعمل في منطقة القدس، فالمنظومة تتيح لمدير استقدام معلم جديد في شهر أيلول/سبتمبر أي بعد انتهاء موعد الانتقال الأخير، وهذا يحدث سنويا وفجأة تصبح هناك ساعات بعد أن ينتهي موعد الانتقال".
وتابعت "أنا أسافر يوميا 3 ساعات تقريبا في كل اتجاه، علمًا أن لدي أطفال صغار وكبار ورغم أنني أصبت بمرض نادر وقدمت طلبا خاصا للوزارة بناء على ظروفي الصحية وكذلك العائلية إلا ان طلبي قوبل بالرفض، ومع الأسف أدخل سنويا إلى المنظومة أكون رقم واحد ثم أصبح بشكل فجائي رقم 7، إذ أحاول الاستفسار مع المفتش حول دخول شخص جديد إلى الجهاز وبالتالي يقوم بإلقاء الأمر على المدير والعكس صحيح، وتتواصل هذه الدوامة ولا نجد حلولا".
وذكرت المربية، عواطف شامية، من باقة الغربية وتدّرس في رهط، لـ"عرب 48"، أنني "أعمل في النقب معلمة لغة عربية في المدارس الابتدائية، وأنا أعمل في جهاز التربية والتعليم منذ 13 عاما وقبلها عملت كمعلمة روضة أطفال لمدة 21 عاما، ومنذ العام 2009 أقوم بتقديم طلبات نقل إلى الشمال، ومع ذلك لم تتح لي الفرصة الانتقال إلى منطقة المثلث، ووفقا للمنظومة المحوسبة كنت في العام الماضي رقم 6 وهذا العام رقم 7 وبعد أسبوع تراجعت إلى المرتبة 9، ولدى الفحص كان الجواب أن هناك نقل مبادر جرى قبلك وهناك مسار المتميزين الذين يمنحونهم حق فرص أفضل، ومع الأسف هناك تلاعب واضح في منظومات نقل المعلمين، وفي كل سنة يدخل معلمون جدد إلى المدارس التي أقدم طلب نقل إليها، فكيف يحدث ذلك لأنهم مباشرة بعد 31 آب/أغسطس تبدأ ساعات التعليم بالظهور وطبعا بعد أن انتهت فرصة انتقالي من الجنوب إلى المثلث ومنهم معلمون جدد".
وختمت شامية بالقول "أسافر يوميا من باقة الغربية إلى رهط، ورغم ظروف مرض زوجي وطلباتي المتكررة للأسف لا أجد أي جواب لها، نحن نعاني بشكل حقيقي وما يحصل لنا هو معاناة يومية حقيقية ولا أحد يأبه للضائقة التي نعاني منها لا على مستوى الوزارة ولا على مستوى النقابة".
وقالت المعلمة، هبة شيمي، من جديدة المكر لـ"عرب 48"، إنني "أعمل مستشارة في مدرسة رهط، ومنذ 11 عاما أقوم بتقديم طلب الانتقال إلى الشمال، وفي هذه الأيام أضطر للسفر يوميا لأن والدتي أرملة مسنة وقد قدمت طلبا خاصا بسبب ظروف والدتي، وكان الرد أن التعامل فقط على أساس قرابة أولى مثل الزوج أو الابن/ة، ومع الأسف أضطر للسفر يوميا ما معدله 6 ساعات هذا إن كانت الطرق ميسرة".
وأوضحت "للأسف مشاكلنا لا أحد يتعامل معها، سبق وأن توجهنا للنقابة وتوجهت إلى يافا بن دفيد شخصيا إلا أنها لم تد على رسالتي رغم توجهاتي الشخصية والجماعية بالتنسيق مع النقابي جمال قدورة، كما توجهنا إلى نواب الكنيست ومع الأسف أواجه نظاما يتيح لمدير أو مفتش التلاعب بساعات العمل بسبب نظام الانتقال حتى 31 آب/أغسطس".
وأضافت "لا يعقل أنه خلال 11 عاما لم تكن وظيفة جديدة للاستشارة التربوية في الشمال، كما أنه في المنظومة ذاتها هناك عدم وضوح أحيانا أجد نفسي رقم 2 وبعدها أجد نفسي رقم 3 أو 4، حيث أقوم بالتسجيل في المنظومة ولا أحد يتواصل معنا لمتابعة أمر الانتقال، رغم أنني أقدم طلبات الحد الأدنى لانتقال حتى بثماني ساعات فقط، ورغم مرور 11 عاما على طلب الانتقال لم تتوفر لي فرصة واحدة".
ولم تتطرق الوزارة في ردها على لسان المتحدث باسمها في المجتمع العربي، كمال عطيلة، فيما يتعلق بتاريخ الحد الأقصى للانتقال رغم كونه مغايرا في التعليم اليهودي، وجاء في الرد "التعيينات في المجتمع العربي تتم وفق طريقة النقاط وحسب الأفضليّة في الدور، التعيينات تتم حسب لجنة تعيينات والمسؤول عنها موظّف القوى البشريّة في كل لواء مع مفتّش المدرسة ولا يكون هناك تلاعب لا في الدور ولا في النقاط فهذا مناف للتعليمات وللقانون".
وحول إشكالية الموعد الأخير للانتقال وأنه نافذة فساد، عقب بالقول إن "من يشعر أنه ظُلم يستطيع التوجه لقسم القوى البشرية وتقديم شكوى، طريقة التعيينات في المجتمع اليهودي تختلف عن المجتمع العربي بسبب وجود نقص في المعلمين وعندنا هناك فائض كبير".
وحول بدائل السفر، أجاب عطيلة بالقول إن "التعليم العربي واليهودي يتبع فيهما نفس الأنظمة في هذا الموضوع".
وبدورها، جاء في رد النقابة العامة للمعلمين، أن "المشغل للعاملين في مجال التدريس هي وزارة التربية والتعليم، مع ذلك نحن في النقابة نعمل مع الوزارة من أجل تسهيل عملية الانتقال على المعلمين قدر الإمكان، وكانت الوزارة قد أقامت موقعا خاصا لتقديم طلبات الانتقال بعد تدخل نقابة المعلمين حيث يتم من خلال الموقع تقديم الطلبات وفقا لمعلوماتنا بشفافية كاملة ويتم إدراج كل طلب وفقا لنقاط الاستحقاق".
واعتبرت أنه "ليس هناك أي اختلاف في موضوع الانتظار بين المعلم العربي واليهودي، الفرق الوحيد أنه في جهاز التعليم اليهودي هناك نقص
آلاف المعلمين من الشمال في النقب: تحديات ومعاناة يومية في ظل فساد المنظومة المحوسبة!!
بقلم : عمر دلاشة ... 08.10.2022
*المصدر : عرب48