تتواصل مخططات السلطات الإسرائيلية على حساب الأراضي العربية في النقب، جنوبي البلاد، تحت غطاء القانون. وكشفت السلطات في الأشهر الماضية عدة مخططات منها مخطط القرية الاستخباراتية "لاكيت" ومخطط منجم الفوسفات في الفرعة ومنطقة الصناعات العسكرية "رمات بيكاع"، الذي يهدد ألف عائلة في النقب بالتهجير وخرج إلى الضوء مخطط "شارع 6- عابر النقب" الجديد الذي يهدد باقتلاع وتهجير المئات من العرب في النقب حسب التخطيط الحالي.
وسيعاني الآلاف من عرب النقب من خطر التهجير القسري في السنوات المقبلة في أعقاب المخططات الإسرائيلية المطروحة، دون توفير أي بدائل حقيقية، ولم تغيّر السلطات مخططاتها وسياساتها منذ نضال العرب ضد مخطط "برافر"، وعرضها الوحيد الذي طرحته بواسطة ما يسمى "سلطة تطوير النقب" أمام عرب النقب المهددين بالتهجير بالآلاف من منازلهم وأراضيهم هو تركيز العرب في أحياء فقر ضيقة في البلدات العربية القائمة.
ويدين القانون الدولي التهجير القسري حسب عدة مواثيق دولية أهمها اتفاقية جنيف الرابعة (1949) الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحروب؛ والتي حظرت النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المدنيين، أو نفيهم من أراضيهم إلى أراضٍ أخرى أيًّا كانت الدواعي. ووفقًا للمادة السابعة لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يُعتبر إبعاد السُكان أو النقل القسري لهم جريمة ضد الإنسانية، أمّا المادة الثامنة فتعتبر أن الإبعاد أو النقل غير المشروعين جريمة حرب.
مخاطر المخطط الجديد
وجاء مخطط „شارع 6“ المقطع ما بين مفرق السقاطي ولغاية مفرق النقب، منذرًا بتهجير نحو 100 عائلة بعد أن تمت المصادقة عليه، وحسب الخطة الأصلية وجب أن تدور المفاوضات بين الأهالي المهددين وشركة "عابر إسرائيل" التي التزمت بتعويض الأهالي سابقا بشكل مباشر.
وحسب المخطط الحالي لـ"شارع 6- عابر إسرائيل" في النقب، المخطط يهدد عدة قرى عربية في النقب بالمصادرة الجزئية، وهي: أم بطين، بير الحمام، خشم زنة، صويوين ووادي أم شاش بالمصادرة ومحدودية البناء وتقييد البناء العربي في حيز التوسعة للشارع.
وأعد مركز التخطيط البديل"بمكوم" دراسة شاملة لأخطار مخطط شارع 6 في النقب، وعرض النقاط المركزية مشددا على خطورة المخطط على النقب ومنها إنهاء جميع إمكانيات توسع قرية أم بطين في النقب المعترف بها منذ العام 2000، إذ أن 7.400 دونم أرض أي ثلث المساحة المخطط مصادرتها تقع في مراحل متقدمة من دعاوى حق الملكية لعرب النقب عليها، وحسب "بمكوم" فإن شبح التهجير يلاحق بين 2.500 ولغاية 3.000 مواطن عربي في إطار مسطح المخطط أو على مقربة منه، وعلى صعيد الاعتراف فإن تنفيذ المخطط بصورته الحالية سوف يؤثر بشكل على مساعي الاعتراف المتقدمة بقريتي وادي النعم وخشم زنة وغيرها.
المصادرة هي الهدف
لم تسمح ما يسمى "سلطة تطوير النقب" لشركة "نتيفي يسرائيل" بإدارة المفاوضات مع العرب في النقب.
وحسب رواية الشركة المسؤولة عن إنشاء الشارع فإن الهدف المعلن لبناء مقطع شارع 6 من مفرق السقاطي ولغاية مفرق النقب "خدمة المواطنين جميعا في الجنوب"! وسيتم ربط المناطق النائية بمدينة بئر السبع شمالا، وهو ما سيخفف العبء والمسافات والازدحامات على سكان المنطقة في السنوات القادمة، حسبما ذكرت.
ويرى أهالي النقب الأهداف المعلنة للمشاريع الإسرائيلية في السنوات الأخيرة وعلاقتها بالرؤية الأمنية لإسرائيل في المنطقة، حيث تصب معظم المشاريع في مصلحة تعزيز الحضور الأمني في النقب وربط المنشآت العسكرية الإسرائيلية بشبكة الطرق والمواصلات القطرية.
وتدخلت ما يسمى "سلطة تطوير النقب" في مسار شارع 6 الذي كان يهدد 100 عائلة في النقب فقط، وبدعم من وزارة الزراعة التي بدورها قالت إنه "سوف يتم استغلال هذا المخطط لإعادة آلاف الدونمات إلى الدولة، وعليه سيتم ترحيل نحو 900 عائلة إضافية".
هدم وتهجير
وقال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، عطية الأعسم، عن الأهداف المعلنة والخفية لمخطط شارع 6، لـ"عرب 48" إن "هذا الشارع سيصادر 33 ألف دونم من القرى العربية أم بطين، بير الحمام، خشم زنة، صويوين ووادي أم شاش، وسيتعرض لخطر الهدم والترحيل ما يقارب ألف بيت للسكان العرب، بالإضافة إلى أن بلدة تل السبع سيتم محاصرتها من الجهة الشرقية، وهي المنطقة الوحيدة التي يمكن أن تتوسع فيها حسب مجالات التوسع الهيكلي المتبقية للقرية، وبالمحصلة سيتم محاصرة أم بطين من أي توسع مستقبلية أيضا".
وأضاف أن "اختيار عبور هذا الشارع من هذه المنطقة هدفه مصادرة الأراضي العربية وتهجير تلك القرى وعزل هذه القرى عن بعضها البعض، وغطاء تنظيم المواصلات وتوفير الخدمات كما قلنا دائمًا هو قناع للأهداف الدفينة لمشاريع المصادرة، ولكن صلب المشروع يهدف إلى مصادرة الأرض وإنهاء دعاوى حق الملكية على الأرض في المنطقة، وتهجير العرب، مثلهُ مثل الكثير من المشاريع الخدماتية التي أقيمت في النقب خلال السنوات الأخيرة، والتي صادرت الأراضي وضيّقت على القرى العربية وتقوم على نهش المخططات الهيكلية للقرى المخططة، مثل مشروع قاعدة الصناعات العسكرية „رمات بيكاع“ والبلدات الاستيطانية الجديدة في النقب وغيرها".
محور أساسي ومعركة حقوقية
وعن معاناة أهالي قرية أم بطين، إحدى القرى العربية المتضررة من مخطط شارع 6، قال الحاج جبر أبو كف الذي شغل منصب رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف ورئيس مجلس القيصوم الإقليمي السابق لـ"عرب 48" إن "شارع 6 يمر بين بلدة أم بطين وبلدة السيد التابعتين لنفوذ مجلس القيصوم، وتعيش عدة عائلات عربية في الأراضي المهددة بالمصادرة، بين القريتين، وبحسب الوضع القانوني والتخطيطي يبدو أن التهجير حتمي، ويجب إدارة المعركة القضائية بالشكل الصحيح وعدم السماح باجتياز السلطات المسؤولة عن التنفيذ لصلاحياتها".
وأضاف أنه "على الأهالي التنظم بشكل صحيح بهدف تحصيل التعويض المُستحق والملائم من شركة „عابر إسرائيل“ ومنعها من التنصل من المسؤولية، ووجب التمييز بين دور „عابر إسرائيل“ ودور „سلطة تطوير النقب“ التي يتلخص دورها في هذه الحالة في توفير قسائم البناء البديلة للأهالي بلا علاقة بالتعويض من الشركة".
وختم أبو كف بالقول إن "المعركة الحقوقية هي المحور الأساسي في هذه المرحلة. على أصحاب الأرض معرفة حقوقهم والاجتماع تحت راية وقرار واحد، وعدم التنازل عن المعايير الأساسية. أصحاب الأرض هم الوحيدون المخولون بالتفاوض حول مستقبلها، والتمسك بالأرض هو الخط الأساسي في هذه المعركة. وبالطبع علينا الدفع لالتفاف قيادي من قبل الشخصيات الاجتماعية ورؤساء السلطات المحلية واحتضان أصحاب الأرض ونصرتهم في نضالهم".
مخطط "شارع 6 عابر النقب"... على حساب أراضي عرب النقب!!
بقلم : رأفت أبو عايش ... 16.01.2019
المصدر : عرب 48