ألسروةُ إنكسَرَتْ كمئذنةٍ، ونامت في
الطريق على تَقَشُّف ظِلِّها، خضراءَ، داكنةً،
كما هِيَ. لم يُصَبْ أَحدٌ بسوء. مَرّت
العَرَباتُ مُسْرِعَةًعلى أغصانها. هَبَّ الغبارُ
على الزجاج... ألسروةُ انكسرتْ، ولكنَّ
الحمامة لم تغيِّر عُشَّها العَلَنيَّ في دارٍ
مُجَاورةٍ. وحلّق طائران مهاجران على
كَفَاف مكانها، وتبادلا بعضَ الرموز.
وقالت امرأةٌ لجارتها: تُرَى، شأهَدْتِ عاصفةً؟
فقالت: لا، ولا جرَّافةً... والسروةُ
انكسرتْ. وقال العابرون على الحُطام:
لعلَّها سَئِمَتْ من الإهمال أَو هَرِمَتْ
من الأيّام، فَهْيَ طويلةٌ كزرافةٍ، وقليلةُ
المعنى كمكنسةِ الغبار، ولا تُظَلِّلُ عاشِقَيْن.
وقال طفلٌ: كنتُ أَرسمها بلا خطأ،
فإنَّ قوامَها سَهْلٌ. وقالت طفلةٌ: إن
السماءَ اليوم ناقصةٌ لأن السروةٌ انكسرت.
وقال فتىً: ولكنَّ السماءَ اليوم كاملةٌ
لأن السروةَ انكسرتْ. وقُلْتُ أَنا
لنفسي: لا غُموضَ ولا وُضُوحَ،
السروة انكسرتْ، وهذا كُلُّ ما في
الأمرِ: إنَّ السروة انكسرتْ
السروة انكسرت!!
بقلم : محمود درويش ... 13.11.2016