ليس فقط ان حكومات اسرائيل المتعاقبة تعمدت إهمال النقب العربي ارضا وانسانا ، بل انها سعت الى منع سبل الحياة عنه ، وسبل المعونة للمعوزين والفقراء وأبناء القرى والمضارب التي تحرمها الاعتراف لا لشيء الا لأنها تسعى للسيطرة على اراضيها وابتلاعها وتسخيرها لأهدافها الصهيونية في السيطرة على الارض وتفريغها من انسانها العربي .
في النقب عموما وفي هذه القرى والمضارب يعيش كثير من الناس أوضاعا معيشية مزرية يلفها الفقر ويحيطها العوز من كل زاوية تصل درجة فقدان الطعام ، ناهيك عن أن هذه القرى والمضارب تتجاوزها تمديدات الكهرباء والماء الى المستوطنات اليهودية التي زرعت قريبا منها ، بل وفي حالات كثيرة على أراضي أصحابها فترى هذه المستوطنات – وقد تكون مستوطنات فردية – مضاءة وتجري فيها المياه انهارا ، بينما القرى العربية المحاذية والتي تمر منها هذه التمديدات او من فوقها تعيش عطشى في الظلام ، وتجد اطفالها يغوصون في وحل الشتاء يقطعون المسافات الطويلة صباحا في رحلة المعاناة الصباحية التي تبدأ مع اطلالة الصباح حتى يصلوا الى مدارسهم في القرية منهم ، وهذه القرى القريبة منهم يصل بعدها عنهم احيانا كيلومترات عدة ، وتجد نساءها الوالدات حديثا يضطررن الى السير على الاقدام مسافات طويلة يحملن الرضع حتى يصلن الى المراكز لصحية – ان وصلن – وتجد الاهمال والحرمان من كل شيء الا من الهواء الذي لو كان للسلطات عليه حكم لمنعوهم اياه.
في ظل هذه الاجواء ولدت مؤسسة النقب للأرض والانسان ، وكانت صاحبة رسالة انسانية اغاثية تعمل على توفير سبل الحياة الكريمة للممنوعين منها من الاهل في النقب فكان نشاطها ما يلي :
• اعمار وبناء وترميم البيوت ومد الطرق وأنابيب المياه وصيانة مصليات ومساجد وتسييج مقابر ومدارس ورياض اطفال
• كانت تقدم سنوياً 100 منحة تعليمية للطلاب الجامعيين
• كانت تقدم 250 حقيبة مدرسية سنويا تشمل كل القرطاسيات والكتب إلى طلاب ما بين الابتدائي حتى الثانوي
• قامت ببناء وترميم 400 بيت
• زودت 100 تجمع سكني بشبكات المياه
• ربطت 70 بيتاً بالطاقة الشمسية المولدة للكهرباء
• شقت 30 طريقاً للقرى غير المعترف بها
• أقامت 30 جسراً من إسمنت
• بنت 20 مسجداً
• كانت تقدم 500 طرد غذائي شهرياً للأسر المستورة
هذا غيض من فيض هذه المؤسسة الانسانية التي وفرت ضروريات الحياة ، تلك التي من الطبيعي والبديهي وجودها في حياة الناس أي ناس وفي أي مكان في الدنيا .
بعد كل هذا ، لماذا تحظر مثل هذه المؤسسة لولا ان حكومات اسرائيل المتعاقبة التي عبرت عن سياسة دولة ارادت ان تمنع عن هؤلاء الناس سبل الحياة ، وارادت ان تخلق نقبا خاليا من اهله وناسه ، سعيا الى تهويد الارض وفرض المستوطنات عليه ، فلما ان منعت هي عنه هذه الضروريات ، ولما ان قام من أهلنا من قام وأنشأ هذه المؤسسة لتسد هذا الفراغ في حياة أهلنا حظرتها حكومة نتنياهو لأنها تسعى لحظر حياة أهلنا في النقب ، فهل يمكن ذلك؟؟
لماذا حُظرت مؤسسة النقب للارض والانسان! ؟
بقلم : توفيق محمد* ... 11.01.2016
* كاتب واعلامي ومحلل سياسي