أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : صراع البرهان وحميدتي يؤكد أن عهد البشير لم ينته وسيزيد التنافس الأمريكي- الروسي!!
16.04.2023

في اليوم الثاني للصراع على السلطة في السودان، والذي شمل عددا من المناطق، بلغت حصيلة القتلى حسب نقابة الأطباء السودانيين 56 شخصا إلى جانب حوالي 600 جريح.واندلعت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهي القوة التي ظهرت من تحت عباءة جماعات الجنجويد التي روعت المدنيين في دارفور بداية القرن الحالي، واستخدمها الزعيم السوداني السابق عمر البشير لفرض الاستقرار في الإقليم الذي شهد اضطرابات قبلية، وقادها نائب المجلس السيادي الحالي، محمد حمدان دقلو أو حميدتي، والذي يواجه رئيس مجلس السيادة، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وجاء القتال بعد أسابيع من التوتر والتصريحات العلنية والتهديدات المبطنة حول خطط الجيش لدمج قوات الدعم السريع في المؤسسة العسكرية.وعلقت صحيفة “اوبزيرفر” على المواجهات الحالية بأن القتال استمر حتى الساعات الأولى من الصباح من أجل السيطرة على مراكز مهمة في العاصمة الخرطوم. ونفى الجيش مزاعم بأن سلاح الجو شن هجوما على قاعدة تابعة للدعم السريع قرب أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم. وقالت إن أزمة العنف بين الفصيلين الرئيسين داخل مؤسسة الجيش تهدد بزعزعة استقرار السودان ومعظم المنطقة أيضا، كما ستزيد من التنافس يبين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا.
وتقدم القوات المسلحة الولاء للبرهان، الذي يعتبر الحاكم الفعلي للسودان حاليا. أما حميدتي فيحظى بدعم من مقاتلي الدعم السريع، حيث اندلع القتال بعد أسابيع من التوتر حول خطة لدمج القوات هذه في الجيش النظامي. وكانت عملية الاندماج مطلبا رئيسيا في خطة سياسية تسمح بعودة الحكم المدني، وإنهاء أزمة سياسية- اقتصادية نتجت عن انقلاب نظمه كل من البرهان وحميدتي في تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وتقول الصحيفة إن السبب الرئيسي لبدء القتال غير واضح، وربما هاجم الجيش قاعدة للدعم السريع قرب الخرطوم مما أدى لاندلاع القتال، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، إن الوزير أنتوني بلينكن يتواصل مع الدول التي تملك التأثير على السودان لوقف القتال.
وقال مواطنون في الخرطوم إن عاصمتهم تشهد صراعا على السلطة. ونقلت “رويترز” عن مواطن قوله: “على الشعب السوداني ألا يشارك في هذا الوضع المؤسف الذي تم جرنا إليه، وكشعب سوداني، لا مصلحة لنا في ذلك. ومهما كان الرابح، فنحن الخاسرون في النهاية”. ودعت دول إقليمية لوقف القتال. ووصف حميدتي في مقابلة مع قناة “الجزيرة” وقنوات أخرى، البرهان بالمجرم والقاتل. ونفى أن تكون قواته هي التي بدأت القتال. كما نفى البرهان أن يكون الجيش هو المسؤول عن الاشتباكات.
وعلى صفحته في “فيسبوك”، وضع الجيش صورة حميدتي كـ”مجرم حرب” مطلوب للعدالة و”متمرد”، وقال البرهان إنه لن يتفاوض معه قبل حل قوات الدعم السريع.
وفي تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” قال جيري مولاني، إن القتال بين البرهان وحميدتي بدد الآمال بتخلي العسكر عن السلطة، وتسليمها للمدنيين حسب الاتفاق الإطاري الذي وقّعته الأطراف في كانون الأول/ ديسمبر.
ويأتي القتال بعدما أثار السودان انتباه العالم، وتخلص من حكم عمر البشير قبل أربعة أعوام، ورفعوا نفس الآمال التي قدمها الربيع العربي للعالم. ويعتبر السودان ثالث أكبر دولة في القارة الإفريقية مساحة، وعدد سكانه 45 مليون نسمة، وفي موقع استراتيجي مهم جنوبي مصر.
وتحول السودان في السنوات الأخيرة إلى نقطة تنافس بين روسيا والقوى الغربية، وتحديدا الولايات المتحدة. وأرسلت شركة المرتزقة الروسية فاغنر عناصرها لدعم الجيش، وتدير مناجم ذهب كبرى هناك. وضغط الكرملين على السودان السماح للبوارج الروسية بالرسو في ميناء على البحر الأحمر.
وترى الصحيفة أن القتال هو ضربة للجهود الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية التي كانت تحاول في الأسبوع الماضي منع مواجهة كهذه، في وقت ضغط المسؤولون الأمريكيون على قادة الجيش لإعادة البلد للمسار المدني بعد 18 شهرا من السيطرة على السلطة.
وفي قلب النزاع الحالي، الفريق البرهان الذي لم يعرف عنه إلا القليل عندما صعد للسلطة في الأيام المضطربة التي أعقبت الإطاحة بالبشير، حيث كان في حينه مفتشا عاما للقوات المسلحة، وعمل قائدا في منطقة دارفور التي قتل فيها حوالي 300 ألف شخص في الفترة ما بين 2003- 2008 وشرد الملايين.
وكان البرهان من الموالين للبشير، وبعد الإطاحة به، حل وزير الدفاع عوض أحمد محمد بن عوف، مكانه، حيث طالب المتظاهرون باستقالته. وحل مكانه البرهان وأصبح أكثر الزعماء تأثيرا في البلد خلال مرحلة قلقة. وبدلا من نقل البلد باتجاه الديمقراطية، قام البرهان بتقوية سلطته.
وبعد توقيع الأطراف السودانية على اتفاقية المشاركة في السلطة عام 2019، أصبح رئيسا لمجلس السيادة لكي يشرف على المرحلة الانتقالية، ولكنه قام بانقلاب قبل تسليم السلطة في موعدها في تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وقال جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي السابق للقرن الإفريقي الذي وصل إلى السودان للتباحث مع الطرف المدني والعسكري قبل الانقلاب، إن البرهان رغم خلافاته مع المدنيين لم يظهر أي إشارة عن رغبة بالسيطرة على السلطة. وبعد ساعات من مغادرة المبعوث الأمريكي، قام البرهان بحبس رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وقام بعد أسبوعين بتعيين نفسه مسؤولا عن مجلس جديد ووعد بانتخابات حرة، لكنه لم يخفف من قلق المدنيين الذين ظلوا يتظاهرون مطالبين بإنهاء الحكم العسكري.
أما منافسه حميدتي، فقد جاء من أرضية اجتماعية متواضعة، حيث كان تاجر جمال، قبل أن يصعد من خلال الجنجويد في غرب السودان والتي كانت مسؤولة عن أسوأ المجازر في دارفور. وكان نجاحه في سحق التمرد بالمنطقة، سببا في قربه من البشير الذي عينه في 2013 قائدا للقوات الجديدة “قوات الدعم السريع”، وساهم حميدتي كنائب للبرهان في انقلاب 2021 قبل أن يخرج خلافهما للعلن في الأشهر الأخيرة.
وخلال العقدين الماضيين، راكم حميدتي ثروة وسلطات منحته القدرة للوصول إلى مركز السلطة في السودان، كما حوّل سقوط راعيه البشير إلى فرصة له، وتخلى عن سيده. وفي العام الماضي، أعاد تشكيل صورته كرجل ديمقراطي يرغب بقيادة السودان، مع أنه تحالف مع روسيا وشركة فاغنر التي يقوم مرتزقتها بحراسة مناجم الذهب، وقدمت المعدات العسكرية لقواته.
وواجه حميدتي أقسى لحظاته يوم السبت، عندما اشتبكت قواته مع الجيش، واتهمه البرهان بالمجرم والقاتل والسارق الذي دمر السودان. ولكن ما جرى بين الرجلين هو تذكير بأن قادة الجيش الذين استفادوا وانتعشوا داخل نظام البشير، لا يزالون يتصارعون فيما بينهم للسيطرة على البلد.
وأشارت الصحيفة إلى أن حميدتي شذّب تجربته من خلال إقليم دارفور الذي ارتُكبت فيه مجازر، وكان قادرا على سحق جماعات التمرد ونال الحظوة عند البشير. وبعد 2019، اتُهمت قواته بقتل المتظاهرين المعتصمين أمام مقرات الجيش، وهو ما ينفيه.
وفي تصريحات للصحيفة، رفض حميدتي وصف الجنجويد قائلا: “الجنجويد هو من يقتل الناس ويسرقهم.. هذه دعاية من المعارضة”.
وبأكثر من 70 ألف مقاتل حاربوا في مناطق عدة بالسودان، وضمن التحالف السعودي في اليمن، أصبح الرجل غنيا، بمناجم ذهب وشركات إنشاءات، وحتى شركة لتأجير سيارات ليموزين، وطاف القرن الإفريقي والشرق الأوسط والتقى مع القادة هناك، وطور علاقات جيدة مع روسيا.