قال المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” بريت ستفينز إن على الغرب منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تحويل أوكرانيا إلى حلب. ففي عام 2015 عندما كان بشار الأسد يخسر الحرب لكي يظل في السلطة بسوريا، طلب المساعدة وحصل عليها من الجيش الروسي.
ورد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما باحتقار كبير، إذ قال في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام: “محاولة روسيا وإيران دعم الأسد ومحاولة إخضاع السكان ستدفعهم نحو المستنقع ولن تنجح”.
وما حدث هو العكس، فالقوات الروسية التي قادها نفس الجنرال الذي يدير حرب بوتين في أوكرانيا حققت انتصارا غير متوقع على الشعب الذي عومل بوحشية والإدارة الأمريكية التي أوهمت نفسها.
وكان مفتاح نجاح روسيا هو القصف المكثف والذبح الذي لم يميز بين المدنيين والعسكريين. وكتبت مراسلتا “نيويورك تايمز” آن برنارد وسيموني سينغوبتا في أيلول/سبتمبر 2016 “ذكر عمال الإغاثة في حلب أن سياراتهم ومقراتهم كانت من الأهداف الأولى لضربات يوم الجمعة”. و”كان الأثر واضحا: الآن وعندما دفن الناس تحت الأنقاض لا أحد يأتي لإنقاذهم، أو يحتاجون لوقت لكي يصلوا. والأقارب مرة أخرى هم من يبحثون عنهم وبأيديهم”.
وهذا هو النهج الذي يواصله بوتين وبدعم من المسيرات الإيرانية في أوكرانيا، ففي يوم الإثنين تركت الغارات الروسية 80% من سكان العاصمة كييف بدون مياه صالحة للشرب، حسب عمدتها فيتالي كليتشكو، كما تأثرت أعداد من محطات توليد الكهرباء.
وقدرت وزارة الاقتصاد الأوكرانية تدمير 130 ألف بناية منذ بداية الغزو الروسي بما فيها 2400 مدرسة. والإستراتيجية واضحة كما يقول الكاتب، فبوتين ربما فشل في ميدان المعركة، لكنه لو كان قادرا على تجميد وتجويع وترويع الشعب الأوكراني من خلال ضرب إمدادات المياه وبنى الطاقة التحتية، بانتظار الشتاء حتى يوقف الهجوم الأوكراني، فربما كان بإمكانه إجبار أوكرانيا على القبول بنوع من الهدنة بشكل يتركه محافظا على مكتسبات الغزو. وهو ما سيحسبه انتصارا في كتابه، مهما كان جريحا وخاسرا. وسيشجع “نصره” الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يراقب بحذر تايوان وآية الله علي خامنئي الذي يحاول ومنذ عدة أسابيع قمع انتفاضة واسعة ضده ويخشى من ثورة ملونة.
ربما فشل بوتين في ميدان المعركة، لكنه لو كان قادرا على تجويع وترويع الشعب الأوكراني من خلال ضرب إمدادات المياه وبنى الطاقة التحتية فيمكن إجبار كييف على القبول بنوع من الهدنة بشكل يتركه محافظا على مكتسبات الغزو
وهناك الكثير على المحك من نتائج حرب أوكرانيا أكثر من أوكرانيا نفسها. وتساءل الكاتب عما يمكن للرئيس الأمريكي جو بايدن عمله؟ المزيد، المزيد وبسرعة. وحتى هذا الوقت تبنت الإدارة سياسة المساعدة في الوقت المتأخر، مثل صواريخ جافلين وستينغر التي حمت كييف بداية الحرب، وبعد ذلك صواريخ هيمارس التي حرفت ميزان الحرب في الصيف. والآن يجب التحول إلى نهج يظل متقدما على وتيرة الحرب والطقس. واعلنت الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء عن خطط لتزويد القوات الاوكرانية وسريعا بأنظمة وطنية دفاعية متقدمة لصواريخ أرض- جو أو نيماس والتي يصل مداها إلى 30 ميلا، ولكن المشكلة أنها لن تصل إلى يد الأوكرانيين إلا بعد أعوام. وتحتاج أوكرانيا التي تبلغ مساحتها مساحة ولاية تكساس الأنظمة الآن، ولو لم تسلم الولايات المتحدة الأنظمة سريعا، فعلينا أن نقدم للأوكرانيين مسيرات متقدمة قادرة على تحسين قدرات الدفاع على مدى أوسع.
وتفكر إدارة بايدن منذ حزيران/يونيو بيع أنطمة بعيدة المدى من صواريخ هيلفاير، ولكن الطلب لا يزال في داخل أروقة البنتاغون ونظامه البيروقراطي، وذلك خوفا من حصول الروس على تكنولوجيا الصواريخ هذه. ولماذا لا تتم المصادقة على الأنظمة والبدء بتدريب الأوكرانيين عليها سريعا؟ وتساءل الكاتب عن سبب عدم استخدام الأرصدة الروسية المجمدة لتمويل الصفقات هذه ولمعاقبة موسكو على جرائمها. ويجب إعلام الشعب الروسي أنه مع كل موجه من الغارات فسيدفع مالا من أرصدته المجمدة كتعويض للأوكرانيين. ويجب إعلام القادة الإيرانيين انهم لو لم يتوقفوا عن تزويد روسيا بالمسيرات القتالية فسيتم استهداف مصانعها وتدميرها عقابا لطهران على خرقها قرار 231 لمجلس الأمن الدولي الذي يحظر تصدير السلاح لإيران.
ولو افلتت إيران من مساعدتها لروسيا على جرائمها في أوكرانيا فلن تخشى الولايات المتحدة. ويجب أن تعرف كل دولة تساعد في القتل أن ثمن المشاركة سيكون كبيرا. طبعا تحمل الخيارات هذه الكثير من المخاطر بما فيها تزويد الأوكرانيين بدبابات متقدمة ومقذوفات صاروخية قادة على ضرب القرم، وعلى الإدارة في النهاية التفكير بما هو مستحق للمخاطرة وما يدعمه الشعب الأمريكي. ولكن الخطر الأكبر الآن هو استخدام بوتين نفس الإستراتيجية المروعة في سوريا من خلال تطويق أوكرانيا بالرعب. والشتاء قادم ويجب مساعدة أوكرانيا قبل وصوله.
صحافة : نيويورك تايمز: يجب منع بوتين من تحويل أوكرانيا إلى حلب ثانية!!
03.11.2022