تحت عنوان “إسرائيل وفلسطين.. حقيقة بلا صور”، قال موقع مجلة Politis الفرنسية في افتتاحية له إن الصور المثيرة للغضب لاستشهاد الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في جنين ثم الاعتداء الفاحش على موكب جنازتها في القدس، تخفي للأسف حقيقة تفلت من الكاميرات: الاحتلال. ففي نفس اليوم، سمحت حكومة نفتالي بينيت ببناء 4400 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
وأضاف الموقع القول إنه في غضون 48 ساعة، تركت إسرائيل صورتين مروعتين أثارتا موجة من الغضب في جميع أنحاء العالم. الأولى تظهر جثة صحافية قناة الجزيرة شرين أبو عاقلة ملقاة على الأرض بعد أن أصيبت برصاصة إسرائيلية واضحة، ومحاولة يائسة من أحد زملائها لمساعدتها. وني صورة أعادت إلى الأذهان صورة محمد الدرة الصغير، الذي قُتل برصاصة بين ذراعي والده في سبتمبر/ أيلول 2000 في غزة.
والثانية أقرب إلى التدنيس، إذ نرى شرطة الاحتلال تعتدي على جنازة هذه المرأة المسيحية البالغة من العمر 51 عاماً والتي لم تكن “إرهابية” قط. وكاد التابوت أن يسقط بسبب اعتداء الشرطة على حامليه. وباعتراف السلطات الإسرائيلية نفسها، فإن ظهور الأعلام الفلسطينية هو الذي برر هذا الهجوم على ما هو مقدس في جميع الأديان والحضارات: الحداد.
ويقول الموقع إنه بالنسبة لإسرائيل، فإن تأكيد الهوية هذا غير مقبول لأنه يتعارض مع قرار ضم المدينة القديمة الصادر عام 1980. وهذه الأعلام الفلسطينية هي التي تكفي، في المعجم الاستعماري، لتحويل الجنازة إلى “شغب”. غير أن الموقع يشدد على أنه “يمكن للقوة أن تفعل أي شيء باستثناء القضاء على الوعي القومي للشعب”.
ويضيف أن هاتين الصورتين أثارتا، عاطفة قوية، حتى في واشنطن، حليف إسرائيل التاريخي. وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا بالإجماع، نادرا منه نوعه، يدين “بشدة” قتل الصحافية الفلسطينية الأمريكية. وكانت الولايات المتحدة، التي تستخدم حق النقض (الفيتو) بشكل منهجي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، هي التي بادرت بهذا النص. لكن الموقع اعتبر أن حدود هذا السخط الأمريكي تتوقف عند هذه الادانة.
وأوضح الموقع أن الشعور بالظلم والعجز هو الذي يدفع الشباب إلى أفعال انفرادية يائسة بقدر ما هي عبثية، في إشارة ألى الهجمات الأخيرة داخل إسرائيل، التي وقع ثمانية عشر إسرائيليا ضحايا لها. ورداً على ذلك راح ثلاثون فلسطينياً ضحية لقصف إسرائيلي، لا سيما في جنين. وخلال إحدى هذه المداهمات قُتلت الصحافية شيرين أبو عاقلة بالرصاص.
ويأتي استشهاد شيرين أبو عاقلة بعد استشهاد 35 صحفيًا فلسطينيًا على يد الجيش أو الشرطة الإسرائيلية منذ عام 2001. فإسرائيل، مثل أي دولة احتلال، لا تحب الإبلاغ عن جرائمها، كما يؤكد الموقع.
وتابع الموقع القول إنه في ظل كل هذا وذاك، لم يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شيئًا أكثر إلحاحًا من الذهاب إلى جنازة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 14 مايو، والتي تعتبر المهندس، تحت رعاية ترامب، للتقارب الرسمي لدول الخليج مع إسرائيل.
واعتبر الموقع أنه من الواضح أن ازدهار تجارة السلاح أهم من مصير الفلسطينيين، مشيرا إلى توقيع فرنسا العام الماضي في أبو ظبي على عقد لبيع 80 طائرة مقاتلة من طراز “رافال”.
وخلص الموقع إلى القول إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني برمته هو سلسلة طويلة من المصالح السياسية والتجارية، التي ومن الانتخابات الأمريكية إلى مبيعات الأسلحة الفرنسية، ومن الذمة السياسية الإسرائيلية إلى فساد السلطة الفلسطينية، تضحي بشعب بأكمله. ويبقى على الفلسطينيين أنفسهم أن يلهموا أملًا جديدًا فيما يتعلق بالمساواة والمطالبة بالمواطنة. وهو الأمر الذي يمكن ترجمته ـ بحسب الموقع ـ يومًا ما “بدولة ديمقراطية واحدة من الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط”، فقط “لإثارة” الضمير الغربي الذي لا يرتاح لمفهوم الفصل العنصري.
صحافة: موقع فرنسي: صور جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة والاعتداء على جنازتها تخفى حقيقة هي “الاحتلال” !!
19.05.2022