قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن الجزائر، ومن خلال تعديل دستورها، تريد تسهيل تدخلاتها المسلحة الخارجية وبالتالي زيادة وزنها في منطقة الساحل الإفريقية.
وتساءلت الصحيفة: هل التدخل العسكري في بلد آخر لن يصبح قريبًا خطًا أحمر للسياسة الخارجية الجزائرية؟ كما نصت على ذلك في المسودة الأولية لمراجعة الدستور، التي صدرت في 7 مايو/أيار الجاري. وبحسب النص: “يمكن لرئيس الجمهورية الجزائرية أن يرسل وحدات الجيش إلى الخارج بعد تصويت البرلمان بأغلبية ثلثي أعضائه”.
لكنّ أكرم خريف، المختص في القضايا العسكرية، ذكّر بأن الجيش الجزائري سبق له أصلا أن تدخل في الخارج، بمشاركته في حرب الأيام الستة عام 1967 وفي حرب أكتوبر عام 1973، وفيما يُطلق عليه “حرب الاستنزاف” بين عامي 1969 و1970. كما أرسلت طائرات ميغ 21 إلى ليبيا في عام 1973 ضد التوغلات الأمريكية أو حتى الدوريات في موريتانيا عام 1976 ضد الإسبان. والجديد في مشروع النص – بحسب خريف – هو أن قرار إرسال القوات إلى الخارج، الذي كان رئيس الجمهورية وحده المخول باتخاذه دون غيره، سيصبح اليوم خاضعاً للنقاش والتصويت عليه في البرلمان.
وأوضحت لوفيغارو أن نشر القوات الجزائرية، الذي يقتصر على المنطقة، سيكون محدداً بإطارين: أولا، أن تكون مشاركة ضمن عمليات حفظ السلام تحت ولاية الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي أو جامعة الدول العربية. وفي الحقيقة، سبق للجزائر أن شاركت بالفعل في عدة مهمات من هذا النوع: في عام 1976 بلبنان إلى جانب القوات السورية، ومن 1991 إلى 1993 في كمبوديا، وفي 1999 بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي 2000 في مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية بين إثيوبيا وإريتريا، أو في عام 2004 في هايتي.
أما الإطار الثاني فهو: إطار الاتفاقيات الثنائية. وهذا الأمر أيضا تفعله الجزائر سلفاً، حيث نقلت لوفيغارو عن ضابط طلب عدم ذكر اسمه، توضحيه أن “أنجح مثال بشأن هذه الاتفاقيات الثنائية هو مع تونس، حيث تم إرسال جنود بالفعل للتدريب”.
ومع ذلك، فإن عبد القادر عبد الرحمن، الباحث في الجغرافيا السياسية والمستشار الدولي لقضايا السلام والأمن في إفريقيا، يفسر هذا القرار على أنه “تغيير مهم في النموذج الجيو-إستراتيجي في المنطقة. فهذا المعطى الجديد سيحول ويعيد خلط الأوراق في دول مثل مالي وليبيا”.
ويضيف عبد القادر عبد الرحمن: “هذه الخطوة، من الناحية النظرية، ستكون محل ترحيب دول كفرنسا، التي لطالما دعت الجزائر علنا إلى مشاركة عسكرية أكبر خارج حدودها. لكنها في واقع الأمر ستعطي للجزائر المزيد من الثقل الدبلوماسي، مما سيترتب عليه الإضرار بالسياسة الإقليمية لباريس وحلفائها مثل الرباط”.
وتتابع لوفيغارو القول إنه في أوساط الدوائر المطلعة على التطورات داخل الجيش الجزائري، يتم الحديث أيضا عن أن إضفاء الطابع الدستوري على التدخلات الجزائرية يمكن أن يمثل أيضًا بداية “سياسة خارجية أكثر استباقية”. “عودة اللواء محمد بوزيت على رأس جهاز الوثائق والأمن الخارجي، تعدّ إشارة قوية لهذه الديناميكية”، كون الأخير يحظى بتقدير كبير، وهو خبير في الشأن الليبي والمالي.
وتنقل لوفيغارو عن ضابط جزائري رفيع المستوى متقاعد قوله: “على أي حال، لن يتم إرسال القوات للقتال. لأن عدم مهاجمة بلد آخر هو أحد مبادئ سياستنا الخارجية. لن تفعل الجزائر أبداً ما فعله المغرب في اليمن (المشاركة في التحالف السعودي)، أو ما فعلته مصر في ليبيا (عندما قصفتها، رداً على هجوم على الأقباط في 2017). أما بالنسبة لجمهورية مالي، فإن التدخل العسكري في عش عقارب كهذا لن يعني شيئًا على الإطلاق”.
صحافة : لوفيغارو: ما وراء تعديل الجزائر لدستورها للسماح لجيشها بالتدخل خارجيا.. وموقف فرنسا والمغرب!!
14.05.2020