أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة :نيويوركر: أمريكا استثمرت تريليون دولار ضد القاعدة لتعود من جديد إلى أفغانستان!!
24.08.2021

قالت الصحافية المعروفة روبن رايت بمقال في مجلة “نيويوركر” إن “أفغانستان، أصبحت مرة أخرى محضن للجهادية والقاعدة”، مشيرة إلى أن الجماعة الإرهابية صمدت أمام الاستثمار الأمريكي بتريليون دولار في أفغانستان منذ هجمات 9/11.
وقالت إنها رافقت الجنرال كينث (فرانك) ماكينزي، المولود في ألاباما وقائد القيادة المركزية التي تشرف على جلاء القوات الأمريكية من كابول في آذار/مارس في رحلة إلى أفغانستان والشرق الأوسط. وسألته في الطائرة ضمن مجموعة من اللقاءات “هل تعتقد حقا، في ظل التزاوج والتداخل بين طالبان والقاعدة أن طالبان ستكون قادرة على منع القاعدة من عمل شيء ضدنا؟”. وفي ذلك الوقت كانت الحركة تسيطر على نصف أفغانستان تقريبا. وكان ماكينزي صريحا بدرجة كبيرة “أعتقد أنه سيكون صعبا على طالبان التحرك ضد القاعدة والحد من قدرتها على شن هجمات خارج البلد” و “هذا ممكن ولكنه سيكون صعبا”.
وقالت رايت إن إدارتي دونالد ترامب وجوزيف بايدن تلقتا على مدى عام سلسلة من التحذيرات التي قدمها قادة في الجيش ودبلوماسيون ووردت في تقارير للكونغرس ومجموعة دراسة والمفتش العام والأمم المتحدة التي أكدت على أن انهيار حكومة أفغانستان والذي بات محتوما يعني عودة القاعدة. وفي نيسان/ أبريل حذر تقييم استخباراتي الكونغرس من أن قيادة القاعدة البارزة “ستواصل التآمر لتنفيذ هجمات ومحاولة استغلال النزاعات في مناطق مختلفة”. وحذر تقرير للأمم المتحدة في حزيران/يونيو أن تنظيم القاعدة الذي ضرب مركز التجارة العالمي والبنتاغون ناشط في 15 ولاية من 30 ولاية أفغانية، وتحديدا في الشرق والجنوب.
وجاء في التقرير أن حركة طالبان وتنظيم القاعدة “حافظا على الصلات بينهما ولا توجد إشارة لقطعها”، في وقت احتفلت فيه الجماعات الجهادية العالمية بانتصار طالبان وعدته نصر للراديكالية العالمية.
وفي تقرير أخير ومثير للخوف أعده جون سبوكو، المفتش العام لعملية إعادة إعمار أفغانستان حذر فيه من قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وشكك فيه ببقاء “حتى الإنجازات المتواضعة”.
واتخذ قرار الانسحاب من أفغانستان ترامب في شباط/فبراير العام الماضي وحدد جدوله الزمني بايدن في نيسان/أبريل من العام الحالي. ومع سيطرة طالبان على كامل أفغانستان فحملة الاستثمار بقيمة تريليون دولار لاحتواء القاعدة لم تغير شيئا منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وكان بروس هوفمان، الزميل البارز في شؤون مكافحة الإرهاب والأمن الوطني بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ومؤلف كتاب “في داخل الإرهاب” فظا في تقييمه حيث قال ” إن الوضع في 2021 أخطر مما كان عليه في 1999 و2000″ و “نحن في وضع أضعف ولم نتعلم إلا القليل”.
وترى ريتا كاتز، المديرة التنفيذية لموقع “سايت” للاستخبارات إن سيطرة طالبان على كابول يعد دفعة قوية لتنظيم القاعدة. وأضافت أن هناك “اعتراف عام” بقيام القاعدة الآن بـ “إعادة الاستثمار” في أفغانستان كملجأ آمن. وبات للجهاديين وطن جديد منذ سقوط خلافة تنظيم “الدولة” في عام 2019. وقالت إن انتصار طالبان “يبشر بمستقبل جديد كان غير متوقع عما كنا نأمله قبل عشرين عاما”. ويعد نعمة للقاعدة وفروعها الممتدة من بوركينا فاسو إلى بنغلاديش في جنوب آسيا.
وأضافت كاتز أن “المتشددين حول العالم، سواء ركزوا على الأمور المحلية أو الجهادية الدولية سيحاولون دخول أفغانستان عبر حدودها المفتوحة”. وطغى على تنظيم القاعدة منذ مقتل أسامة بن لادن في عام 2011 عدد من الفروع في إفريقيا والجزيرة العربية. ويقودها اليوم أيمن الظواهري، 72 عاما الطبيب المصري المتهم بالتورط في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 والمتآمر في هجمات 9/11 أيضا.
وفي خروج عن نمط أسامة بن لادن، فلم يصدر الظواهري سوى عدة تسجيلات في العقد الماضي. وكجزء من استراتيجية الحفاظ على التنظيم دعا الظواهري لإنشاء فروع للتنظيم حول العالم، كما يقول المحقق السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، علي صوفان، مؤلف كتاب “الرايات السود: القصة الحقيقية لـ 9/11 والحرب ضد القاعدة”. وقال صوفان إن استراتيجية الظواهري نجحت في وقت خفت فيه ضوء تنظيم “الدولة”. وحصل هذا على عدد كبير من الأعضاء لكن عناصر القاعدة لديهم تجربة أوسع واستراتيجية وخاضوا المعارك. وأطلق على استراتيجية القاعدة “إدارة التوحش” وتقوم على ثلاثة مراحل، فالمرحلة الأولى هي محاولة شن هجمات لإضعاف النظامين المحلي والدولي.
أما الثانية، منع القوى السياسية من ملء الفراغ النابع من تآكل السلطة الحكومية أو انهيارها، بشكل يجعل القاعدة الفخر بموقفها، كما يقول صوفان. أما المرحلة الأخيرة فهي خلق دولة وجمع المناطق الأخرى في خلافة.
وزاد عدد مقاتلي القاعدة في أفغانستان بشكل نسبي من 400 قبل 9/11 إلى 600 قبل سيطرة طالبان. وأدت عمليات القوات الأمريكية والأفغانية لقتل معظم القادة الكبار في القاعدة وأغلقت معسكرات التدريب مع أن التنظيم قد كيف نفسه مع الوضع. ففي تشرين الأول/أكتوبر زعم الجيش الأفغاني أنه قتل حسام عبد الرؤوف ذو اللحية الحمراء ولقبه أبو محسن المصري. وكان على قائمة المطلوبين الكبار لـ أف بي أي. ورغم عدم ظهور القاعدة في أفغانستان إلا أن الخبراء يعتقدون أنها لعبت دورا رئيسيا في انتصار طالبان. وقدمت “النخبة الأساسية” لحملة طالبان. وقال هوفمان “في السنوات الماضية تضاعفت قوة القاعدة خلف طالبان”، من خلال تعزيز الاستخبارات والاتصالات والمهارات القتالية. وكان مقاتلوها “أكثر انفتاحا وأفضل تعليما من طالبان الذين جاءوا من الجبال، وقدموا الكثير من المهارات لجيش الريف” و “لم يكن عددهم كبيرا لكنه خلف أثرا مهما”. ولم يكن سرا أن القاعدة كانت موجودة أو مستعدة للقتال إلى جانب طالبان رغم زعم الرؤساء الأمريكيين المتلاحقين. ففي كانون الأول/ديسمبر أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية عن قتل عناصر من القاعدة يقاتلون إلى جانب طالبان في جنوب هيلمند. وزاد عدد مقاتلي القاعدة وعناصر ولاية خراسان، وهو تنظيم “الدولة” في أفغانستان بعدما أفرجت حركة طالبان عن المعتقلين في سجن بولي تشارخي بقاعدة باغرام في 15 آب/أغسطس.
وغادر الأمريكيون القاعدة الجوية على عجل في الشهر الماضي. وكانت أبواب السجن مفتوحة في وقت اجتاحت فيه طالبان البلاد. وأصدرت السفارة الأمريكية التي تعمل الآن من مطار كابول يوم السبت، تحذيرا للأمريكيين بعدم الاقتراب من المطار إلا في حالة تلقوا تعليمات واضحة، نظرا للمخاوف من هجمات لتنظيم “الدولة”. وهو عدو لطالبان والقاعدة والولايات المتحدة. ويخشى المسؤولون الأمريكيون من استغلال التنظيم الوضع ويشعل مواجهة في المطار حيث لا يفصل الأمريكيين وطالبان سوى مسافة قصيرة. ومنذ سيطرة طالبان على أفغانستان تباهت القاعدة بنجاح حساباتها على خلاف تنظيم “الدولة”، وذلك حسب مركز صوفان وموقع سايت.
ورحب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ومقره اليمن بالتحول الرئيسي حول العالم. وفي شمال إفريقيا، فقد احتفل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بانتصارات طالبان الحاسمة وأنها دليل على أن الجهاد هو “الطريق الوحيد لإعادة أمجاد الأمة”. كما أشعل انتصار طالبان حماس الجماعات المنافسة للقاعدة، وكما تقول كاتز “فانتصار طالبان هو قصة ستنشط وتبرر الجهاد أو الانتفاضة الإسلامية مهما اقتضى الأمر من سفك الدماء”. ورصد موقع “سايت” الفرح في الإعلام الجهادي. فقد اعتبرت حركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يثبت أن الفلسطينيين يستطيعون استعادة أرضهم “بإذن الله”. وتم التركيز على أن الإنتصار تم بإرادة الله وليس نتيجة للتعب الأمريكي من الحرب الطويلة أو انهيار الحكومة الأفغانية. وأعلنت هيئة تحرير الشام التي انفصلت عن القاعدة العام الماضي عن فرحها بانتصار طالبان. وقالت “نحن في الثورة السورية نأخذ إلهامنا وصمودنا واصرارنا” من مثال “الالتزام بخيار المقاومة والجهاد”.
ومنذ 9/11 أعلن 4 من الرؤساء الأمريكيين عن انتصارهم على القاعدة. في كانون الأول/ديسمبر 2001 أطيح بحكومة طالبان وتراجع مقاتلو تنظيم القاعدة إلى تورا بورا، وأعلن الرئيس جورج دبليو بوش “لا شك في نتيجة هذا النزاع، فقد ارتكب أعداؤنا نفس الخطأ الذي يرتكبه دائما أعداء أمريكا، فقد شاهدوا الحرية وظنوا هذا ضعفا، ولكنهم يشاهدون الآن الهزيمة”. وبعد عقد قال باراك أوباما إن مقتل أسامة بن لادن “يعلم أهم منجز في حرب أمتنا لهزيمة القاعدة”. وأعلن ترامب في العام الماضي أن اتفاقه مع طالبان سيعزل القاعدة. وقال وزير الخارجية في حينه مايك بومبيو “نرحب بالتزام طالبان بعدم استضافة الجماعات الإرهابية الدولية بمن فيها القاعدة”. وفي يوم الجمعة قال جوزيف بايدن ” ما يهمنا الآن في أفغانستان وقد انتهت القاعدة؟ لقد ذهبنا إلى أفغانستان لتحقيق الهدف الرئيسي وهو التخلص من القاعدة وكذا التخلص من أسامة بن لادن، وقد فعلنا”.
وقد ثبت خطأ الرؤساء الـ 4. وكان الخطأ الأكبر في الاستراتيجية الأمريكية هو التركيز على القتال بدلا من معالجة المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت لولادة تنظيم القاعدة. وقال صوفان “لقد تخلصنا من الوجود المادي للخلافة في العراق وسوريا ولكننا لم نتعامل مع الأيديولوجية”. وعادة ما تولد الماركات المسيسة من الإسلام في الدول التي تعاني من الاستبداد والفقر والبطالة والعزلة السياسية والتهميش الطائفي والاجتماعي والتأثير الأجنبي المفرط. وقال إدموند فيتون- براون، الدبلوماسي البريطاني السابق “كل هذه العناصر أدت لولادة هذه الحركات”. وقال فيتون – براون إن تنظيم القاعدة لا يشكل في الوقت الحالي تهديدا مباشرا على أمريكا أو الغرب و “لكنه راغب ولديه المسار لعمل هذا قد يثمر في مكان” سواء كان في سوريا أو اليمن أو الصومال، الساحل أو غرب إفريقيا. ويرى صوفان أن من الخطورة بمكان والتعجل الحديث عن هزيمة تنظيم “الدولة” والقاعدة وبالتالي تخفيف الضغط عنهما.