أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : إندبندنت: الجوع والعدوانية في لبنان يدفعان اللاجئين السوريين للعودة إلى بلادهم!!
19.07.2021

نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا لمراسلتها، بيل ترو، قالت فيه إن اللاجئين السوريين خاطروا بحياتهم وهربوا من الجوع والحرب واليوم مع انهيار لبنان فهم يخططون للعودة إلى بلادهم.
وقالت إن رب عائلة من أربعة أولاد يعرف أن العودة هي “انتحار”، لكن ورغم لجوئه قبل 3 أعوام إلا أنه لا يمانع المخاطرة والموت بالعودة إلى سوريا بدلا من البقاء في لبنان والموت جوعا.
ووصف سلطان الذين تقطعت بهم السبل بسبب الجوع والعجز في حي متداع في البقاع، جنوب لبنان، كيف أصبح هو واللاجئون السوريون مثله على الخط الأول من انهيار لبنان الاقتصادي. وأصبح الوضع قاسيا بدرجة أجبرهم على اتخاذ قرارات لا يتصورها أحد مثل إرسال أولادهم إلى محور حرب.
وقالت الأمم المتحدة للصحيفة: كيف يعيش “كل” اللاجئين السوريين البالغ عددهم تقريبا مليون نسمة تحت خط الفقر، ويعتمدون على دولار في اليوم. وهم لا يجدون الطعام أو المال لشرائه. وعندما لم يجد سلطان الطعام أو المساعدة ولا المال اضطر لإرسال زوجته وأولاده الأربعة إلى عائلته في ريف دمشق عبر نفس الطريق الذي استخدموه للهروب من سوريا. وهو الآن يفكر بالعودة لاعتقاده أن الحياة قد تكون أقل حدة وجحيما من سوريا، فهو يعتمد يوميا على حبات بطاطا يأخذها من بقايا كشك لصاحبه. ومهما يكن الحال، مواجهة التجنيد أو الاعتقال فإنه يخطط للانضمام إليهم في دمشق.
وقال “أعرف أن العودة هي انتحار، ولكنني لا أعرف ماذا سيحدث لي، وأقسم أنني لم أحصل على الطعام منذ أسبوعين”. وفعلت عائلات أخرى نفس الشيء كما يقول. ودفع للمهربين 800.000 ليرة سورية (385 جنيها استرلينيا في السعر الرسمي و30 جنيها في السوق السوداء) لإرسال عائلته إلى سوريا، وهي أرخص من 1.000 دولار لإرسالهم إلى قبرص التي أصبحت الوجهة المحبذة. وقال “اخترت الموت المحتوم في سوريا على الجوع لأن الموت أرحم من الجوع” و”ليست آمنة لكن هناك جحيما وهناك جحيما آخر، وربما مت في جهنمي”.
كان لبنان بلدا مريحا نسبيا للسوريين الذين عاشوا في مساكن مستأجرة بطريقة غير رسمية في البقاع وعرسال والشمال، لكن الحياة أصبحت فيه لا تطاق، بسبب الأزمة الاقتصادية
ولا يعرف عدد العائدين السوريين، مع أن مفوضية اللاجئين سجلت العدد منذ 2016 بحوالي 68.000 وقد يكون الرقم أعلى. وكان لبنان بلدا مريحا نسبيا للسوريين الذين عاشوا في مساكن مستأجرة بطريقة غير رسمية في البقاع وعرسال والشمال، لكن الحياة أصبحت فيه لا تطاق، بسبب الأزمة الاقتصادية النابعة عن سوء الإدارة المزمنة والفساد، بشكل أفقد العملة اللبنانية 95% من قيمتها وزاد أسعار الطعام إلى خمسة أضعاف وأفلس البلد الذي يعاني من انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي ويعاني من نقص حاد بالوقود.
وزاد من المعاناة وصول فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت العام الماضي الذي خلف 200 قتيل ودمر أحياء في العاصمة اللبنانية. ورفضت المؤسسات الدولية المساعدة، مثل صندوق النقد الدولي بدون حكومة جديدة وبرنامج إصلاحات، وهو ما لم يحدث بعد. وصنف البنك الدولي لبنان ضمن ثلاثة انهيارات مالية شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. ومن وقع في عين العاصفة هم الناس العاديون.
وبحسب الأرقام الأخيرة من الأمم المتحدة، فأكثر من 3 أرباع سكان لبنان وعددهم 6 ملايين نسمة لا طعام لديهم أو مال لكي يشتروه. وأصبح سعر كيس الخبز 4.000 ليرة لبنانية، أي خمسة أضعاف عما كان عليه قبل أشهر. وزاد سعر السكر والأرز ثمانية أضعاف. ولهذا فمنظر اللاجئين في لبنان وهم يبحثون عن بقايا الطعام في أماكن القمامة ليس غريبا. وقالت العائلات السورية التي تحدثت إليها الصحيفة إنها باعت كل الأغطية التي تملكها للحصول على الطعام، ذلك أن الموسم حار وهي ليست بحاجة إليها. لكنها تخشى من الشتاء الذي قد يحل بدون أغطية. أما عائلات أخرى فقد تحدثت عن تبادل الملابس وفرش المنازل مقابل حليب الأطفال والأدوية. وزادت معدلات تزويج القاصرات وعمالة الأطفال.
وفي واحدة من المخيمات السورية في عرسال التي تبعد 150 كيلو متر شمال- شرق بيروت، اعترفت سورية أنها زوجت ابنتيها، 15 و16 عاما لأنها لم تعد قادرة على توفير الطعام لهما. وقالت أياكي إيتو، من المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة “في 2019 كان نصف اللاجئين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر وبنهاية 2020 ارتفعت النسبة إلى 90% واليوم جميعهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع” مضيفة “بالطبع عانى السكان اللبنانيون من الانهيار الاقتصادي لكن اللاجئين كانوا الأكثر معاناة”.
بحسب الأرقام الأخيرة من الأمم المتحدة، فأكثر من 3 أرباع سكان لبنان وعددهم 6 ملايين نسمة لا طعام لديهم أو مال لكي يشتروه
ومن الصعب توفير المساعدة للاجئين لو كان الجميع يعانون. وتعطي المفوضية اللاجئين المسجلين لديها 400.000 ليرة لمساعدتهم على العيش. ولا تتجاوز قيمة المساعدة في سعر السوق السوداء عن 12 جنيها في الشهر، أي ثلث من “سلال الحد الأدنى من النفقة للبقاء على الحياة”. لكن زيادة النفقات أو تقديمها بالدولار قد تزيد من التوتر الاجتماعي في ظل عدم حصول اللبنانيين إلا على الحد الأدنى.
ولا يزال الحد الأدنى من الأجور في لبنان قليلا 675.000 ليرة لبنانية (20 جنيها في سعر السوق السوداء الحالي). وقال إيتو “مع زيادة معدلات الفقر بين اللبنانيين زاد التوتر نتيجة للتنافس على المصادر التي أصبحت نادرة”. وقال معظم الذين قابلتهم الصحيفة إنهم واجهوا مواقف عدوانية من اللبنانيين بشكل أسهم بقرارهم العودة إلى بلادهم. وقال إمام ولاجئ سوري إن ابنته وزوجها تعرضا للضرب في كانون الأول/ديسمبر لأنهما سوريان، وكانت القشة الأخيرة بالنسبة له وهو يبحث الآن عن طرق للعودة. وقال “الشعور الطاغي بين الناس هو رغبة العودة لكن ما يمنعهم هو الخوف مما سيحدث لهم في الطرف الثاني”.
وفي عرسال، شمال البقاع، قال أبو عبدو، 65 عاما، إنه مصمم على العودة وحزم خيمته لكي ينصبها في قريته مكان بيته المدمر. وأضاف أن سبب رغبته بالعودة ليس عدم توفر الطعام والمال والوقود أو عدوانية السكان بل المخاوف من انهيار لبنان وتفككه. وقال والد 10 أولاد “الوضع في لبنان سينفجر” و”عندما تضع هذه المشاكل على الناس وتضغط عليهم فسينفجرون، وكانت بلدي مثل لبنان الآن”. وربما كان الوضع في سوريا أسوأ من لبنان، فقد زاد التضخم بمعدل 150% وفقدت الليرة السورية 99% من قيمتها.
وقالت الخبيرة إليزابيث تسركوف إن منتجات الحليب واللحم وزيت الزيتون لم تعد متوفرة للسوريين الذين يعتمدون على الخبز المدعم. ولا تزال مساحات من البلاد مدمرة وبدون كهرباء أو وقود ويعيش السكان على 15 دولارا في الشهر. وقالت “أعتقد أننا نتجه لمجاعة في كلا البلدين”. وسيجد العائدون أنفسهم أمام معضلة أخرى وهي مواجهة النظام الذي ينظر بريبة لمن غادروا بلدهم.
وقالت نادية هاردمان من هيومان رايتس ووتش “لم تختف الأسباب التي دفعت اللاجئين لمغادرة سوريا”، فالنظام متخندق وأساليبه تعسفية من اعتقال واستهداف وتغييب قسري لمن ينظر إليه كمعارض أو في المعارضة. وقالت إن الجوع يلاحق السوريين على جانبي الحدود، لكن هذا لا يردع السوريين في لبنان عن محاولات العودة. فالنتيجة التي توصل إليها أبو عبدو مثل تلك التي توصل إليها سلطان هي “ماذا بيدي عمله؟ لا أستطيع إطعام نفسي” و”لو جعت فسأجوع في بلدي وسأعمل في أرضي وفي بيتي”.