قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن وزارة الدفاع الأمريكية تدرس فكرة إرسال أعداد من القوات الأمريكية مرة أخرى إلى الصومال. وتقوم الخطة على “تدريب ومساعدة” القوات الصومالية وإلغاء قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من البلاد.
وفي تقرير أعده إريك شميدت وتشارلي سافيج قالا فيه إن البنتاغون يعمل على تطوير مقترح يقضي بإرسال عدد من مدربي قوات العمليات الخاصة إلى الصومال للمساعدة في مواجهة حركة الشباب، المنظمة الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة. وهي خطوة يمكن أن تلغي جزئيا قرار ترامب الذي أمر بسحب 700 جندي أمريكي في كانون الثاني/يناير. وجاء قرار ترامب لسحب القوات نتيجة لرغبته إنهاء الحروب الطويلة في الدول المختلة وظيفيا في أفريقيا والشرق الأوسط. وهي حروب بدأت منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وقالت الصحيفة إن رغبة عدد من صناع القرار العسكري العودة من جديد إلى الصومال يعطي صورة عن التحديات التي ستواجه البنتاغون لتقديم النصح إلى القوات الأفغانية عن بعد تنفيذ قرار الرئيس بايدن بسحب كامل القوات الأمريكية وعددها 3.500 جندي، من أفغانستان بحلول الذكرى العشرين لهجمات 9/11.
ورفض المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي التعليق على المقترح الصومالي. ولم يقدم بعد إلى وزير الدفاع لويد أوستن ومن المستبعد أن يصادق بايدن على مقترح كهذا.
فمن بين المعوقات للخطة تعارضها مع النقاش المستمر حول تطوير قواعد جديدة لمكافحة الإرهاب و”التحرك المباشر” مثل استخدام الغارات بالطائرات المسيرة في محاور الحرب النشطة. فقد وضعت إدارة بايدن محددات جديدة على هذه الغارات مع وصولها إلى الحكم في 20 كانون الثاني/يناير ومن أجل التفكير في سياسة دائمة. ففي عهد ترامب كانت الإدارة تطبق سياسات مرنة وتفوض للقادة الميدانيين في دول معينة اتخاذ القرارات إلا أن شن غارات بالطائرات المسيرة يجب أن يمر الآن عبر البيت الأبيض. ورفضت الإدارة عددا من طلبات تقدمت بها القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا لتوجيه ضربات لحركة الشباب، وذلك لأنها لم تتوافق مع المعايير الجديدة. وقال مسؤولون إنها وافقت مبدئيا على عمليات أخرى لكن الظروف على الأرض لم تتحقق بعد بطريقة تسمح بتنفيذها. ومرت خمسة أشهر منذ آخر غارة جوية نفذتها الولايات المتحدة في الصومال، ويقدم التوقف في العمليات تجربة متطورة حول كيفية السماح للمتشددين الإسلاميين العمل بتدخل قليل، ولكنها أدت في الوقت نفسه لنفاذ صبر المسؤولين العسكريين الذين عبروا عن تضايقهم مما يعتبرونها الفرص الضائعة. وفي الوقت نفسه تلاقت عدة أحداث معا من الاقتتال بين الفصائل السياسية وسحب القوات الأفريقية بشكل زاد من جرأة حركة الشباب في الأشهر السبع الأخيرة وزاد من سوء الوضع الأمني الهش في أجزاء متعددة من البلاد. وقتل 10 أشخاص وجرح 20 آخرون في أخر عملية انتحارية استهدفت معسكرا عسكريا بمدينة مقديشو، تديره جزئيا تركيا حيث يتم فيه تدريب المجندين الجدد.
وقال قائد قوات العمليات الخاصة في أفريقيا الجنرال داغفين أندرسون “بات لحركة الشباب حرية أكبر للمناورة”. ووصف أندرسون الحركة في شهادة له أمام الكونغرس بأنها “الأكبر والأغنى والأكثر عنفا من بين جماعات القاعدة حول العالم”.
ويرى الداعون لمواصلة تدريب القوات الصومالية واستمرار الغارات الجوية بأنها ضرورية للحفاظ على مناطق الحكومة ومنع تحولها إلى ملاجئ لتدريب وتجنيد الإرهابيين.
يرى الداعون لمواصلة تدريب القوات الصومالية واستمرار الغارات الجوية بأنها ضرورية للحفاظ على مناطق الحكومة ومنع تحولها إلى ملاجئ لتدريب وتجنيد الإرهابيين
وفي المقابل تساءل بعض المحللين عما يمكن تحقيقه في ظل المشاكل الجذرية الاقتصادية والأمنية التي يعاني الصومال منها.
وترى المحللة في شؤون الصومال بالجامعة الأمريكية بواشنطن تريشيا بيكون “في غياب المراجعة الشاملة للنهج الأمريكي، فلن يكون التدريب العسكري ولا الغارات بالطائرات المسيرة كافيا لتغيير مسار النزاع الذي يميل بقوة نحو حركة الشباب”. وقالت “للأسف لا يوجد حل عسكري للنزاع”.
وضمن قواعد فترة ترامب، فقد شنت القوات الأمريكية 52 غارة على الصومال في 2020 و63 في 2019 وكلها ضد حركة الشباب وعدد قليل ضد تنظيم “الدولة” في الصومال. وشن الجيش ست غارات أخرى في الأيام الأخيرة من حكم ترامب، ولكن لم يتم توجيه ولا ضربة منذ وصول بايدن للرئاسة. وعندما فرضت إدارة بايدن قيودا على الغارات كان الهدف منها مراجعة لسياسة مكافحة الإرهاب تستمر لشهرين، لكن مضى عليها الآن خمسة أشهر. والتأخير بوضع قواعد جديدة مرتبط بعدة عوامل منها عدم الوضوح حول استخدام الطائرات المسيرة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية. ويتناقش صناع السياسة بشأن تشديد مطلب “اليقين القريب” وعدم مقتل مدنيين وأنه يحمي الرجال البالغين وليس فقط النساء والاطفال.
ويناقشون مطلب توجيه ضربة لزعيم جديد لتنظيم إسلامي عين، وإن كان استهدافه مبررا بناء على منصبه أن يجب البحث عن حياته ونواياه قبل استهدافه. وقال مسؤولان إن الإدارة ستقدم قائمة بالفحوص وكيفية تطبيق كل منها. وعندما يتعلق الأمر بالسياسة في شرق أفريقيا فلا تزال الموضوعات الأساسية بدون حل. ولا يزالون على تعريف مهمة القوات الأمريكية بخيارات تشمل تحديد أهداف الغارات لحماية التهديدات على الوطن الأمريكي والسفارات الأمريكية بالمنطقة ومنع انهيار الحكومة الصومالية الهشة مما يعرض المصالح الأمريكية للخطر.
وفي تقييم أعدته هذا الربيع وكالة الاستخبارات الدفاعية قدرت عدد قوات حركة الشباب ما بين 5- 10 آلاف مقاتل وتسيطر على مساحات واسعة في الجنوب وتتحرك بحرية نظرا لعدم قدرة الحكومة على تأمين هذه المناطق. وفي العامين الماضيين عبر مسؤولو وزارة الدفاع عن قلقهم من اعتقال ناشطين في حركة الشباب كانا يتدربان على الطيران، أحدهما اعتقل عام 2019 في الفلبين وآخر في دولة أفريقية عام 2020، مما ذكر المسؤولين بمنفذي 9/11 الذي تلقوا دروسا في مدارس تعليم الطيران. لكن بعض المسؤولين أكدوا أن المخاوف مبالغ فيها.
وتم سحب أكثر من 700 جندي أمريكي في كانون الثاني/يناير إلى قواعد عسكرية أمريكية في كينيا وجيبوتي حيث يتم شن الغارات بالطائرات المسيرة ضد حركة الشباب. وبقي حوالي 100 جندي أمريكي في الصومال لتنسيق معلومات طائرات الإستطلاع حول حركة الشباب. إلا أن عمليات تدريب القوات الصومالية من على بعد أو زيارات قصيرة من كينيا أو جيبوتي عانت من معوقات. وزادت القيادة المركزية مدة زيارات المدربين من أيام إلى أسابيع لتقوية نوعية التدريب ورفع معنويات القوات الصومالية. ويقول قادة وحدات العمليات الخاصة إنه بدون وجود دائم أو فترات تدريب طويلة فستتآكل قدرات القوات الصومالية.
صحافة : نيويورك تايمز: مقترح لإعادة القوات الأمريكية إلى الصومال ومواجهة تهديد الشباب!!
17.06.2021