أشارت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها إلى الدور الذي لعبته حركة حياة السود مهمة في تغيير النقاش الأمريكي حول الشرق الأوسط.
وفي تقرير بعنوان “من فيرغسون إلى فلسطين” أعده شون سوليان وكليف أر ووتسن قالا إن ناشطي حركة “حياة السود مهمة” خرجوا إلى الشوارع في إنديانابوليس تضامنا مع الفلسطينيين، وفي الكونغرس قارنت مشرعة قضت حياتها في حركة حياة السود مهمة المواجهات التي شاركت فيها مع الشرطة بتلك التي واجهها الفلسطينيون. وقالت في تغريدة “انتهى وقف إطلاق النار، لم ينته العنف”.
ففي ذروة الأعمال العدائية دعا المنظمون لحركة حياة السود مهمة إلى “تحرير الفلسطينيين”، بعد ستة أعوام من زيارة لهم إلى فلسطين زرعت في أذهانهم بذور التحالف الحالي. وردت حركة “حياة السود مهمة” التي تطورت إلى قوة سياسية وسط الاحتجاجات العرقية وبقوة على العنف في الشرق الأوسط ووسعت من تأثيرها على السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي ودفعته لتبني سياسة مختلفة عن التقليدية في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
وتقول الصحيفة: “مهما كانت نتيجة النزاع في المنطقة فقد غيرت وبشكل واضح النقاش حول إسرائيل- الفلسطينيين في الولايات المتحدة وحولته من كونه مزاعم قديمة مثيرة للإرباك إلى أمور معروفة حول وحشية الشرطة والنزاع العرقي”.
وقالت مدينة عبد الله، المؤسسة المشاركة لفرع لوس أنجلس لحركة حياة السود مهمة “نفهم أن تحرير السود في الولايات المتحدة مرتبط بتحرير السود حول العالم وبتحرير المستضعفين في كل أنحاء العالم”. وأضافت أن “التضامن مع الشعب الفلسطيني هو جزء من عملنا في حركة حياة السود مهمة ومنذ نشوء المنظمة”.
وتردد صدى رسالة التضامن في داخل الحزب الديمقراطي وبطريقة جديدة وعلى مدى الأسبوعين الماضيين. وتلقى أنصار إسرائيل هذا التطور بنوع من الإحباط والذين قالوا إن النزاع بين إسرائيل وحماس، المنظمة الفلسطينية المصنفة كإرهابية في الولايات المتحدة، لا يشبه ما يحدث في الشوارع الأمريكية.
يقول بعض المؤيدين لإسرائيل إن تأطير النزاع في الشرق الأوسط على أنه نزاع عرقي يسيء تمثيل النزاع على الأرض بين شعبين يزعم كل منهما ملكيته لها
وقال مارك ميلمان، رئيس الغالبية الديمقراطية من أجل إسرائيل “يعرف الناس أن هناك دينامية مختلفة بين حركة إرهابية تطلق 3.500 صاروخ على بلدك من جهة وبين الديناميات التي تحدث في المدن الأمريكية”، مضيفا أن الفشل في التعرف على هذا الفرق أصبح مضللا. ويقول بعض المؤيدين لإسرائيل إن تأطير النزاع في الشرق الأوسط على أنه نزاع عرقي يسيء تمثيل النزاع على الأرض بين شعبين يزعم كل منهما ملكيته لها. وذهب بعض الجمهوريين أبعد واتهموا حركة حياة السود مهمة وناشطيها بالتطرف ومعاداة السامية.
ويرد الناشطون أنهم لا يقفون مع حماس ولكن مع الفلسطينيين الذين يتعرضون للترهيب والطرد من بيوتهم والمعاملة كمواطنين من الدرجة الثانية. ويعكس التوتر نجاح ناشطي حركة حياة السود مهمة خلال العام الماضي في حرف المرجعية للحزب الديمقراطي في عدد من القضايا، بحيث صارت العدالة الاجتماعية أساسا لكل شيء من التغيرات المناخية إلى تخفيض الضرائب.
ويعلم العنف الذي اندلع في غزة توسيع التحول إلى المسرح الدولي. فقد بدأ الرئيس جوزيف بايدن متمسكا بالموقف التقليدي الذي أكد على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها ثم غير رأيه وطلب من إسرائيل وقف إطلاق النار وبعد ذلك ضغط عليها لخفض التصعيد.
واصطف بايدن بطرق عدة مع حركة حياة السود مهمة فقد دعم المحتجين في أول حملة انتخابية غير افتراضية له أثناء الوباء. وتحدث أكثر من مرة مع عائلة جورج فلويد الذي قتل على يد شرطي في مينيابوليس. ولكن محدودية تأثير الناشطين على بايدن بدت واضحة يوم الجمعة عندما أخبر الصحافيين بأنه لا يوجد تحول عن التزامات إدارته بأمن إسرائيل “أعتقد أنكم تعرفون أن حزبي لا يزال داعما لإسرائيل. وعلينا التوضيح هنا: فلن يكون هناك سلام حتى تعترف كل المنطقة بحق إسرائيل بالوجود كدولة يهودية”.
وقلل مسؤولون آخرون من حجم الاختلافات في داخل الحزب الديمقراطي. وفي يوم الخميس قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي “لا ينظر الرئيس من خلال منظور السياسة المحلية” و”هناك خلافات في الأساليب وخلافات على بعض الأمور المتعلقة بكيفية التعامل ولكننا متفقون على إنهاء المعاناة”. وتقول الصحيفة إن الضغط من الناشطين هو جزء من تغير الصورة داخل الحزب الديمقراطي، فبايدن، 78 عاما، وجيله من الحزب الديمقراطي نشأوا عندما كانت إسرائيل ليبرالية وحليفا عسكريا مهما. واليوم أصبحت إسرائيل أقوى وسياساتها متطرفة ميالة لليمين مما أفزع الكثير من داعميها في الحزب الديمقراطي. ودعم رئيس الوزراء الإسرائيلي وبشكل علني دونالد ترامب والحزب الجمهوري مما نفر منه الكثيرين داخل الحزب الديمقراطي.
يرى الناشطون في حركة حياة السود مهمة أن التحالف مع الفلسطينيين طبيعي، فالشرطة الإسرائيلية تقوم بترويع الفلسطينيين بنفس الطريقة التي تسيء فيها الشرطة الأمريكية إلى السود
ويرى الناشطون في حركة حياة السود مهمة أن التحالف مع الفلسطينيين طبيعي، فالشرطة الإسرائيلية تقوم بترويع الفلسطينيين بنفس الطريقة التي تسيء فيها الشرطة الأمريكية إلى السود العزل وتهاجم المحتجين. وهناك جيل من الليبراليين السود باتوا يطرحون الأمر في الكونغرس مثل كوري بوش النائبة عن ميسوري والتي عملت في حركة حياة السود مهمة وأصبحت معروفة في الاحتجاجات على عنف الشرطة ضد شاب أسود في فيرغسون في ميسوري، وألقت خطابا في الكونغرس ربطت فيه بين هذه التجربة ومأساة الفلسطينيين “نحن نتظاهر دفاعا عن حياة السود، فنحن لا نحاول القول إن السود في هذا البلد يجب أن يعيشوا حياة سعيدة” بل “ونقول إن بلدنا يمول ميولا وحشية وعسكرية ضد وجودنا من فيرغسون إلى فلسطين”.
وقالت بوش التي رفضت الحديث مع الصحيفة إن الفلسطينيين عانوا من “احتلال عسكري وشرطة وأبارتيد”. وقال جمال بومان النائب الديمقراطي عن نيويورك الذي أطاح بالنائب إليوت إنجل المدافع المتحمس عن إسرائيل إن تجربة الفلسطينيين مرتبطة بالأمريكيين السود. وقال “كرجل أسود في أمريكا أتفهم على المستوى الشخصي ماذا يعني العيش في مجتمع مصمم لتأبيد العنف ضد أشخاص يشبهونني”. وأضاف في بيان: “تجربتي في الظلم المنظم تضم الضرب على يد الشرطة عندما كنت في سن الـ11 وتعطينا صورة عما يحدث الآن في إسرائيل وفلسطين”.
وفي أثناء الحرب الأخيرة غير عدد من نواب الوسط في الحزب الديمقراطي مواقفهم، فبدلا من دعم حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، طالبوا بوقف إطلاق النار. وأشاروا إلى زعيم الغالبية الديمقراطية تشاك تشومر، المدافع الأشد عن إسرائيل والذي لم يقل الكثير أثناء الحرب الأخيرة ودعم زملاءه المطالبين بوقف إطلاق النار، حتى قبل مطالبة بايدن به. ويواجه تشومر معركة لإعادة انتخابه بمنطقة يعيش فيها يهود كثر، لكن الليبراليين الشباب مثل بومان وألكسندريا أوكاسيو كورتيز يمارسون تأثيرا بشكل جعل بعض الجمهوريين يقولون إنه أذعن لهم.
والآن وقد أعلن عن وقف إطلاق النار فلا يعرف إن كان المدافعون عن فلسطين سيطالبون بمجموعة من الشروط. وهناك من الديمقراطيين الداعمين لحركة المقاطعة ضد إسرائيل وآخرون يرفضونها، ومن يفضلون ربط المساعدات بشروط. والسؤال إن كان المسؤولون الديمقراطيون البارزون سيبعدون أنفسهم عن ناشطي حياة السود مهمة حالة استمرارهم في إصدار تصريحات قوية عن الشرق الأوسط.
وفي الوقت الذي نشرت فيه الحركة تغريدة تضامن مع الفلسطينيين ردت حركة المقاطعة ضد إسرائيل “شكرا لكم على التضامن، من فيرغسون إلى فلسطين كفاحنا واحد ضد العنصرية والتفوق العنصري الأبيض ومن أجل عالم عادل”. ولا يدعم بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت حركة المقاطعة مع أنه يطالب بموقف متشدد من إسرائيل.
وتحالف حركة حياة السود مهمة مع الفلسطينيين ليس جديدا، مع أن التركيز عليه الآن. ففي 2015 زار وفد من الحركة إسرائيل والأراضي الفلسطينية حيث اجتمعوا مع قادة في منظمة التحرير الفلسطينية وزاروا شاعرا أجبرت عائلته على الخروج من منزلها وأخذه المستوطنون وزاروا الحرم الإبراهيمي في الخليل والذي كان مكانا لمجزرة.
وتقول عبد الله “علينا التواصل مع كل حركات الكفاح للتحرر” و”لا يمكن أن تكون في مقدمة الكفاح للحرية لشعب واحد والصمت عن البقية”
صحافة : واشنطن بوست: من فيرغسون إلى فلسطين.. “حياة السود مهمة” غيرت النقاش الأمريكي بشأن الشرق الأوسط!!
24.05.2021