أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة : أوبزيرفر: النزاع في إثيوبيا قد يفكك البلد ويمتد إلى كامل القرن الأفريقي
22.11.2020

لو انزلقت إثيوبيا إلى الفوضى فستأخذ معها كامل القرن الإفريقي، يقول المعلق سايمون تيسدال في صحيفة “أوبزيرفر”، مشيرا إلى أن هجوم الجيش الإثيوبي على منطقة تيغراي يعد خطوة إلى الوراء في مسيرة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي احتُفل به كمصلح ومُنح جائزة نوبل للسلام.
ويطلق أحمد على العملية “مهمة فرض النظام” ولكنه يخاطر بتحمل مسؤولية أزمة لاجئين وتوسعة أزمات المنطقة.
وهناك خطر أكبر وهو تفكك إثيوبيا نفسها على الطريقة الليبية أو اليوغسلافية. ويتكون البلد من 80 جماعة عرقية، يعتبر الأورومو التي ينتمي إليها أحمد الأكبر، وتأتي بعدها عرقية الأمهرة والصوماليين ثم التيغراي الذين يمثلون نسبة 6% من سكان البلاد البالغ عددهم 110 مليون نسمة. وإثيوبيا بلد فدرالي، وكان يعاني من ضغوط قبل اندلاع العنف الحالي.
وفي الوقت الذي من السهل توجيه أصابع الاتهام نحو آبي أحمد، لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تتحمل المسؤولية؛ لأنها سمحت للتنافسات السياسية بالانتقال إلى العنف. ورغم أن إثنية التيغراي تسيّدت السياسة في البلاد لعقود طويلة حتى الإطاحة بمانجستو هيلاي مريام في 1991، إلا أن الجبهة فقدت التأثير بعد وفاة ميليس زيناوي الحاكم الديكتاتوري الذي خلّف إنجازات اقتصادية مثيرة.
ومنذ تولي أحمد السلطة عام 2018، اشتكى قادة التيغراي من التهميش والاستهداف. وأدى هجوم هذا الشهر على قاعدة عسكرية في ميكيلي، عاصمة إقليم تيغراي إلى رد الحكومة المركزية. وأدى القتال للدعوات المعروفة من الولايات المتحدة وبريطانيا لوقف العمليات العسكرية والمخاوف على الديمقراطية في إثيوبيا وكذا وحدة وسيادة أراضيها. وتم تأجيل الانتخابات بسبب وباء كورونا إلى العام المقبل. لكن لا أحد في طرفي المواجهة مستعد للإنصات. وهذا الصمم يعطي صورة عن تدهور التأثير الغربي وتجاهله للقرن الأفريقي. وهذه هي النقطة الخلفية لحالة الطوارئ التيغرية الجيوسياسية.
ويتذكر الكاتب أنه قابل زيناوي في 2008 وأخبره أنه يرحب بالدعم البريطاني والأجنبي، لكنه تحدث وبعاطفية عن حق إثيوبيا بخط طريقها: “نعتقد أن الديمقراطية لا تُفرض من الخارج على أي مجتمع.. ومن حق الدول ذات السيادة اتخاذ قراراتها وأن يكون لديها معيارها حول كيفية حكم ذاتها”.
وبرفضه دعوات الخارج لوقف إطلاق النار، يبدو أن آبي أحمد يؤكد على حق تقرير المصير. وقال إنه يعمل على بناء هوية وطنية مشتركة ومواطنة عامة تتسامى على السياسات الإثنية التي يقول أنصاره إنها أدت لإعاقة تقدم إثيوبيا. ويقول نقاده إن هذه أقصر طريق للديكتاتورية ولكن من المركز. ولو ثبت خطأ نهج أحمد فسيكون الجاني على نفسه.
ويرى المحللون أن الهجوم لن ينتهي بسرعة ويتحقق النصر كما توقع أحمد، وذلك بسبب وجود عناصر تيغرية في الجيش الوطني إلى جانب الأقليات الأخرى التي قد تتبع مثال الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي. وكلما طال أمد النزاع، كلما زادت مخاطر عدم الاستقرار في البلاد وخارجها. فمنطقة الأمهرة محاذية للتيغراي، تعرضت للقصف الأسبوع الماضي، وتعرضت الجارة إريتريا للقصف أيضا. ويقال إن حاكم إريتريا المنعزل أسياس أفورقي يدعم أديس أبابا بسبب عدائه للتيغراي الذين قادوا حربا طويلة ضد بلاده استمرت 20 عاما. وكان وقفها السبب الذي قدمت جائزة نوبل فيه لآبي أحمد. وأصبح السودان الخارج من أزمة سياسية المستقبِل لموجات اللاجئين الفارين من الحرب، أما جنوب السودان الذي يعاني من اضطرابات، فقد يجد نفسه أمام حالة من الفوضى المستمرة. لكن أكبر شيء يثير القلق هي الصومال، الواقعة شرقي إثيوبيا، حيث تدور فيها حرب طاحنة مع الإسلاميين، وينتشر الجوع ويتنازع الساسة على الحكم.
وطالما حذر زيناوي مما أسماه التهديد الإسلامي في القرن الإفريقي. وأرسل عام 2007 عشرة آلاف جندي إثيوبي لسحق تنظيم “المحاكم الشرعية” التي أُطلق عليها “طالبان الصومال”.
ولا تزال القوات الإثيوبية تتمركز في الصومال، ولكن تم سحب 3.000 جندي للمشاركة في الهجوم على التيغراي. وهناك مخاوف من انتهاز حركة الشباب أو تنظيم “الدولة” فراغ السلطة والذي يترافق مع قرار دونالد ترامب المفاجئ وقف المشاركة الأمريكية في الصومال.
ولا علاقة لقرار ترامب بمستوى التهديد أو مصالح الصوماليين ولا بتأمين إرثه المتعلق بأمريكا أولا، وستظل القوات الأمريكية الخاصة في كينيا وجيبوتي، إلا أنه يتوقع دعوة 700 جندي أمريكي يقومون بتدريب القوات الصومالية وعمليات مكافحة الإرهاب للمغادرة.
ويحذر المحللون من تأثير قرار الانسحاب على الانتخابات المتوقعة العام المقبل، والني يُنظر إليها كخطوة نحو عودة البلاد لحياتها الطبيعية. ومن جهة ستقوي حركة الشباب التي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة وتهاجم القوات العسكرية والمدنيين، حيث قتل انتحاري ستة أشخاص بمطعم في مقديشو الأسبوع الماضي.
ويرى الكاتب أن تخفيض الوجود الأمريكي قد يقود إلى توجه مثير للقلق وهو التنافس بين دول الخليج على التأثير الإستراتيجي والمصادر الطبيعية في منطقة القرن الإفريقي.
وهناك تنافس حاد بين الإمارات وقطر في الصومال وإريتريا. وزادت تركيا من دورها مع طموحاتها بعد الربيع العربي في سوريا وليبيا، وتبرعت قبل فترة بعربات عسكرية مصفحة للحكومة الصومالية. وفي الوقت نفسه تخطط روسيا لإقامة قاعدة عسكرية في بورت سودان. وفي ضوء الأحداث المتسارعة في إثيوبيا والسودان والصومال واليمن الذي مزقته الحرب، فالقوى الغرب مثل الولايات المتحدة وبريطانيا باتت مهمشة، ويبدو أنها مستعدة للتسامح مع أي معاناة عن بعد. ولكن الإضطرابات ستزيد من تدفق المهاجرين واللاجئين وتوسع مدى الإرهابيين الذين قد تدفعها للندم على دور المتفرج.