جاء بمقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يحاول ومنذ عامين استعادة مكانته كزعيم صاعد على المسرح الدولي رغم تورطه في جرائم الحرب باليمن وقمعه الوحشي للمعارضة في داخل المملكة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر لو نجحت السعودية في لعب دور المضيف للرؤساء ورؤساء الوزراء في القمة السنوية لمجموعة العشرين فسيعود إلى المسرح الدولي.
وسواء تمت القمة بحضور القادة شخصيا أم افتراضيا، فالرئيس دونالد ترامب وقادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والهند والدول الديمقراطية الأخرى إلى جانب روسيا وتركيا ستشرف محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان، الزعيم الإسمي للنظام في المملكة.
والسؤال الذي على القادة مساءلة أنفسهم من اليوم وحتى ذلك المؤتمر، هل سيمنحون بن سلمان البراءة في الوقت الذي تقبع فيه لجين الهذلول في السجن سيء السمعة، الحائر الذي يبعد عن الرياض، مقر المؤتمر 25 ميلا؟ والهذلول، (31 عاما) هي الأشهر من بين 28 ناشطة نسوية سجنت في السعودية منذ عام 2018. وتعرض عدد منهم لتعذيب شرس ولم تتم إدانة أي واحدة منهن.
ويراهن بن سلمان على تجاهل معاناتهن وجرائمه ضدهن من أجل مؤتمر نخبة لا معنى له، وناد أنشيء عام 2008 وسط الأزمة المالية العالمية. ولم يحقق أي شيء مهم منذ عقد.
لكن هذا الكلام لا يمكن قوله عن الهذلول والتي كانت وهي في سن العشرين قائدة للإحتجاج في السعودية وطالبت بمنح المرأة حق قيادة السيارة، ونهاية نظام وصاية الرجل على المرأة.
واختار بن سلمان الذي كان يبحث عن المكانة الدولية والاستثمار، رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في عام 2018، ولكنه سحق من دعا للإصلاح من الناشطين والناشطات.
وكانت الهذلول تعيش في المنفى واختطفت في آذار/مارس 2018 في الإمارات وأعيدت قسرا إلى المملكة. وأفرج عنها لفترة قصيرة وأعيد اعتقالها في 15 أيار/مايو 2018 مع عدد من الناشطات. ونقلن إلى مراكز اعتقال سرية بدون معرفة مكانهن ولأشهر. وتبين لاحقا أن عددا منهمن تعرضن للتعذيب.
ولا تزال الهذلول في السجن لأنها أخبرت بشجاعة عائلتها ومفوضية حقوق الإنسان السعودية ما جرى لها، فقد جردت من ملابسها وانتهكت جنسيا وضربت وتعرضت للصعقات الكهربائية ومورس عليها اسلوب الإيهام بالغرق. وأشرف على تعذيبها سعود القحطاني، أكبر مستشار لبن سلمان في ذلك الوقت وهددها باغتصابها وقتلها.
وبلغ عدد المعتقلات عام 2014، 14 ناشطة وتبع ذلك عدد آخر حسب منظمة “القسط” الحقوقية السعودية. إلا أن وضعهن طغت عليه حالة أخرى اشرف عليها القحطاني، جريمة قتل وتقطيع جثة الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي كان يعيش بالمنفى، وذلك عندما دخل القنصلية السعودية في اسطنبول، 2 تشرين الأول/أكتوبر2018 ولم يخرج منها. وحطم الرد الدولي على جريمة قتل خاشقجي صورة بن سلمان، لكن التجربة لم تغيره وواصل قمع السعوديين في الداخل والخارج ممن انتقدوا نظامه، ورفض مطالب التخلص من القحطاني، بما فيها مطالب من إدارة دونالد ترامب، وبدلا من تحقيق العدالة والإقتصاص من القتلة، قدم ورقة تين.
ففي الإثنين الماضي، أعلنت محكمة أن 8 أشخاص من 15 شخصا شاركوا في قتل خاشقجي حكمت عليهم أحكام بالسجن تتراوح ما بين7- 20 عاما. وفي نفس اليوم اتصل الملك سلمان مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين لمناقشة خطط تتعلق بقمة العشرين القادمة. واتصل يوم الأربعاء بالرئيس الصيني شي جينبنغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لنفس الغرض.
وفي حالة الناشطات النسويات تنازلت السعودية أقل وتم الإفراج عن ثمانية منهن بداية 2019، وفرضت عليهن الإقامة الجبري،. وقدمن مع أربعة للمحاكمة، ولائحة الإتهامات سخيفة، فالهذلول التي لم يفرج عنها، اتهمت مثلا بتقديم معلومات لجماعات حقوق إنسان والإتحاد الأوروبي. وهذا يفسر حالة السكون التي طغت على المحاكمات، ولم تنظم جلسات استماع منذ أشهر ولا توجد جلسات أخرى مجدولة.
وقبل عام قالت عائلة الهذلول أنها منحت خيار الإفراج عنها بشرط تسجيل شريط فيديو تؤكد في بصراحة أنها لم تتعرض للتعذيب، ورفضت ولا تزال في زنزانة بسجن الحائر. واختفت لثلاثة أشهر هذا الصيف، وسمح لوالديها أخيرا بزيارتها في 31 آب/أغسطس واكتشفا ضعفها بسبب الإضراب عن الطعام.
ويعرف النظام أن وفاة الهذلول قد تؤدي في النهاية لصحوة ضمير قادة مجموعة العشرين، ويجب ألا يصل الأمر إلى هذا الحد. وربما ربط ماكرون وميركل وجونسون وجاستن ترودو الذين لا يتشاركون مع ترامب في حبه للديكتاتوريين حضورهم القمة بالإفراج عن الهذلول وزميلاتها المعتقلات.
صحافة :واشنطن بوست: على قادة مجموعة العشرين الامتناع عن تكريم بن سلمان وربط حضورهم القمة بالإفراج عن الهذلول وزميلاتها!!
14.09.2020