أحدث الأخبار
الأربعاء 26 آذار/مارس 2025
1 2 3 41095
صحافة :ناشونال إنترست: حملة “الصدمة والترويع” ضد الحوثيين لن تؤدي إلى نتيجة حاسمة في البحر الأحمر!!
24.03.2025

نشرت مجلة “ناشونال انترست” مقالا لجيمس هولمز، رئيس الإستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية قال فيه إن استراتيجية حملة الرئيس دونالد ترامب ضد الحركة الحوثية تظل قاصرة لأن الحملات الجوية مهما كانت قوية لا تعتبر بديلا عن نشر القوات على الأرض.
وقدم الكاتب قراءة علمية لمفهوم الحرب الجوية مقارنة مع نظريات الحرب التي تؤدي لانتصار الجيوش. وتساءل بداية عن استراتيجية إدارة ترامب في البحر الأحمر وهل ستكون العمليات ضد الحركة الحوثية حاسمة؟
وقال هولمز إن الإدارة الحالية وخلافا لإدارة جو بايدن، ترى أن الهجوم هو أفضل طريقة للدفاع عن الممرات البحرية، حيث تقصف السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية وحاملات الطائرات المقاتلة/الهجومية مواقع رئيسية في اليمن بمساعدة مقاتلات سلاح الجو الأمريكي، وهم يفعلون ذلك بشكل مستمر تقريبا، وهو ما يعلم الحملة الحالية بأنها هجومية.
استراتيجية ترامب ضد الحركة الحوثية تظل قاصرة لأن الحملات الجوية مهما كانت قوية لا تعتبر بديلا عن نشر القوات على الأرض
أما إدارة بايدن، فقد فضلت الموقف الدفاعي، والذي دافعت بموجبه، فرق العمل البحرية عن نفسها بينما كانت تسعى جاهدة لحماية سفن الشحن التجاري من صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة.
ونادرا ما لجأت القوات الأمريكية وقوات التحالف التي شكلتها إدارة بايدن للهجوم، حيث أطلقت صواريخ كروز واستهدفت الطائرات الحربية أهدافا ساحلية.
ويرى هولمز أن الرئيس ترامب تبنى نسخة ثانية من “الصدمة والترويع”، وهو الاسم الذي أطلقته إدارة جورج دبليو بوش على حملتها الجوية ضد العراق عام 2003. ويشترك نهج بوش وترامب بنفس المنطق. وبناء على هذا الأسلوب، تقوم القوات الجوية بتوزيع جهودها في الأجواء لضرب سلسلة من الأهداف العسكرية والمنشآت التابعة للعدو. ولأن الطائرات لا تستطيع البقاء في الأجواء لمدة طويلة، بسبب نفاد وقودها وذخائرها فإنها ليست دائمة وتعطي وقتا للخصم للتكيف والتعافي من الأضرار وكذا تخفيف الصدمة النفسية الناجمة عن التعرض لقصف جوي. ومع ذلك، فهناك مشكلة جوهرية في القوة الجوية. ويظهر التاريخ أن القصف الجوي لا يكون حاسما عندما يتم فصله عن العمليات البرية. فالناس يعيشون على البر والحروب تحسم على الأرض، لا في السماء أو البحر.
وقد أعلن المنظر العسكري جي سي وايلي أن السيطرة على التضاريس الرئيسية أو على بعض المكاسب المادية أو قوات العدو، هو الهدف الأعلى للاستراتيجية العسكرية. ذلك أن السيطرة تعني نشر قوة قتالية كافية للاستيلاء على شيء ما والاحتفاظ به لفترة كافية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والسياسية.
وبناء على ذلك، يعتبر الأدميرال وايلي “الرجل في ساحة المعركة حاملا سلاحه”، سواء كان جنديا أو جندي البحرية الذي يجوب الأرض اليابسة مزودا بسلاحه، بأنه الحكم النهائي لتحقيق النصر في ساحة المعركة.
فجميع القوى والتشكيلات العسكرية الأخرى، بما في ذلك القوات الجوية والبحرية، موجودة في النهاية لدعمه.
وفي الوقت الذي تحاول فيه حملات الصدمة والترويع تجاوز حدود القوة الجوية، محققةً نتائج حاسمة، إلا أن وايلي يصنف القوة الجوية باعتبارها أسلوبا “تراكميا” في شن الحروب وعلى عكس الأسلوب “المتسلسل”. واعتبر أن العمليات المتسلسلة هي مباشرة بطبيعتها وحاسمة إذا تم تنفيذها بقوة ومهارة وحماس. وكما يوضح قوله، فإن القوات التي تشن حملات متسلسلة تنتقل من اشتباك تكتيكي إلى آخر، ومن معركة إلى أخرى، حتى تنتزع السيطرة الكافية من العدو، وعندها تخرج منتصرة.
ومن السهل فهم العمليات المتسلسلة، لأنه يمكنك رسمها على الخريطة أو المخطط البحري كخط أو منحنى مستمر متموج نحو الهدف النهائي. وتعتمد كل مواجهة تكتيكية على تلك التي حدثت قبلها، وتشكل تلك التي ستأتي. ويؤدي تغيير أي مواجهة إلى انحراف التسلسل بأكمله، مما يغير نمط القتال الأكبر. فالعمليات البرية التقليدية هي بالطبع، متسلسلة: ويجب عليك أن تستولي على النقطة (أ) قبل أن تتمكن من الاستيلاء على النقطة (ب).
من السهل فهم العمليات المتسلسلة، لأنه يمكنك رسمها على الخريطة أو المخطط البحري كخط أو منحنى مستمر متموج نحو الهدف النهائي
وبالمقابل، فالعمليات التراكمية، حيث لا يقتصر مفهوم وايلي على القوة الجوية فحسب، بل يشمل أيضا القوة البحرية وحرب المتمردين ومكافحة التمرد، تظل مختلفة. وتتكون الحملة التراكمية من العديد من الاشتباكات التكتيكية غير المرتبطة ببعضها البعض في الوقت أو المكان الجغرافي. كما أن التأثير البصري الناتج عن رسم مثل هذه الحملة المتناثرة على الخريطة أو الرسم البياني ليس خطا أو منحنى بل ويظهر كمجرد بقع طلاء.
فالمقاتل الذي ينفذ حملة تراكمية ينفذ هجمات صغيرة في كل مكان، وليس بالضرورة أن تتزامن الجهود الفردية في الوقت نفسه. كما لا يعتمد الهجوم على الهجوم السابق أو يؤدي إلى الهجوم التالي. ولا يوجد عمل تكتيكي، مثل قصف مصنع أو إغراق سفينة شحن، فهو يوجه ضربة حاسمة واحدة للعدو. وفي النهاية قد تتراكم العمليات الدقيقة وتؤدي إلى شيء كبير. وربما أدت إلى نتيجة حاسمة، ولكنها تظل مكملة للعمليات المتسلسلة وليست بديلا عنها.
والسؤال، هل ستؤدي حملة الصدمة والترويع 2 والتي يشنها ترامب إلى نتيجة حاسمة في البحر الأحمر؟
يقول هولمز إن من السابق لأوانه الجزم بذلك. لكن الأدميرال وايلي سيسخر من ادعاء الطيارين الراسخ بأن القوة الجوية أداة حاسمة في الحرب. وسيسخر تحديدا من افتراضهم بأن القدرة على تدمير شيء من الجو تعادل القدرة على السيطرة عليه. فالسيطرة تمثل الهدف الرئيسي للاستراتيجية العسكرية، أما القصف الجوي، مهما بلغ من الشدة، فلا يمكن أن يحل محل القوات البرية.
وسيعتبر وايلي الحملة الجوية والصاروخية في البحر الأحمر، حتى تلك التي شنت بقوة في ظل “الصدمة والرعب 2.0″، حملة تراكمية تهدف إلى إضعاف الحوثيين وتثبيط عزيمتهم. وفي المقابل، سيعرب عن شكوكه في أن الهجوم سيحقق تلك الأهداف، ما لم ينفذ بالتنسيق مع العمليات البرية، أي حملة عسكرية ناجحة ستحرم الحوثيين من أدوات الحرب، وبخاصة أن عزيمة الحوثيين لاستخدام ما يملكونه من أسلحة لا تقهر.
إلا أن وايلي يذكرنا بأن التدمير لا يعني السيطرة وبدون السيطرة، تفشل الاستراتيجية العسكرية. لذا، فالجواب المختصر هو لا، لن تقود حملة ترامب الحالية ضد الحوثيين إلى نتيجة حاسمة. فرغم أن استراتيجية ترامب هي أفضل من استراتيجية بايدن غير المتواصلة، إلا أنها على الأرجح ستكون مترددة.
وهذا هو رأي وايلي، انطلاقا من قراءته للتاريخ العسكري وهو رأي يتفق معه كاتب المقال هولمز.
وفي النهاية يؤكد الكاتب أن رأيه قائم على الرأي العلمي العسكري وليس رفضا لمجرد الرفض. وهو لا ينطبق على العمليات ضد الحوثيين بل ويلقي ظلال الشك حول جوهر العقلية العلمية.
ففي النهاية، أي نظرية للنصر العسكري ليست سوى نظرية ولا يمكن القبول بها إلا إذا صمدت أمام محاولات “دحضها”. وبهذا المعنى، يعد البحر الأحمر مختبرا لما ينجح وما لا ينجح في الحروب البحرية والجوية المعاصرة. ويجب والحالة هذه النظر إلى الحملة الجوية كتجربة، واستخدام نتائجها في تخطيط الإستراتيجيات والعمليات في ميادين قتال أهم مثل غرب المحيط الهادئ، كما يقول.