أحدث الأخبار
الجمعة 04 تشرين أول/أكتوبر 2024
1 2 3 41039
صحافة : نيويورك تايمز: افتتاح مكاتب لحماس والحوثيين في بغداد يعكس الدور المتزايد للعراق في “محور المقاومة”!!
17.09.2024

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته أليسا روبن من بغداد، قالت فيه إن حركة حماس وجماعة الحوثيين اليمنية، اعتُبرتا في الماضي عدوا، لكنهما حصلتا على استقبال حار في العراق، حيث فتحت كل منهما مكتبا لها في العاصمة العراقية، مما يكشف عن رغبة إيران في بناء كتلتها الإقليمية.
وقالت: “لا توجد علامة على بوابة المكتب السياسي لحركة حماس في بغداد، وعنوانها سر يحافظ عليه. ونفس الأمر ينطبق على حركة الحوثيين التي يبعد مكتبها مسافة قصيرة بالسيارة”.
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين العراقيين سمحوا وبهدوء لكلا الجماعتين اللتين تدعمهما إيران، بحضور دائم في بغداد منذ بداية الصيف الحالي، وذلك بعد أعوام من زيارات ممثلي الحركتين.
ويأتي هذا التحول الذي ينكره المسؤولون العراقيون علنا، حتى مع تداول صور تخص حماس والحوثيين في العراق على وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يبدو فيه أن إيران تشجع وكلاءها من دول مختلفة على تبادل المهارات العسكرية وحتى التنسيق بشأن الأهداف.
وأضافت الصحيفة أن مكاتب حماس والحركة الحوثية في بغداد تكشف عن الدور العراقي المتزايد في حرب الظل بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. فعلى مدى أكثر من عقدين، ومنذ الإطاحة بصدام حسين، ناضل العراق من أجل الحفاظ على علاقة غير مريحة مع إيران التي تشترك معه بحدود تمتد على ألف ميل، ومع الولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ بـ2,500 جندي على أراضيه.
وترى الصحيفة أن الميزان ينحرف وبشكل تدريجي لصالح إيران التي عملت بجهد كبير على توسيع تأثيرها الجيوسياسي وزيادة التجنيد والتمويل للقوى الموالية لها في العراق. وهذا جزء من جهود إيرانية أوسع لبناء كتلة إقليمية شيعية تمتد من حزب الله في لبنان، إلى الحركة الحوثية في اليمن.
وتضيف أن إيران دفعت في السنوات الأخيرة الحكومةَ العراقية لإضفاء شرعية على الميليشيات، وبعضها موالٍ لطهران، وكذلك جماعات سنية ومسيحية وأزيدية مسلحة ودمجها في أجهزة الأمن العراقية. واستطاعت الميليشيات العراقية إنشاء أحزاب سياسية وتحالفات فازت بمقاعد كافية في الانتخابات النيابية عام 2021، ما منحها الفرصة لاختيار رئيس الوزراء.
وعلى خلفية هذا النفوذ الإيراني المتزايد، رضخت القيادة العراقية عندما أراد الحوثيون وحماس فتح مكاتب لهم في العراق. ويقول بعض المسؤولين الحكوميين العراقيين في أحاديثهم الخاصة، حيث وافق اثنان منهم على التحدث لصحيفة” نيويورك تايمز”، إنهم غير متحمسين لضيوفهم الجدد، ولكن لم تكن لديهم القوة لمنعهم؛ نظرا للقوة التي تتمتع بها الأحزاب الموالية لإيران في العراق.
ونقلت الصحيفة عن عراقيين وغربيين وكذا عضو في جماعة عراقية مسلحة، كلهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن المكاتب التابعة للحركتين التي افتتحت في حزيران/ يونيو، تركز تحديدا على تطوير العلاقات مع العراق.
وتعلق الصحيفة أن المكتبين لحماس وللحوثيين يعكسان التغير الذي حدث في العراق منذ نهاية حكم صدام حسين. فلم يقمع الرئيس الراحل الحركات الشيعية فقط، بل السنية أيضا مثل جماعة الإخوان المسلمين التي كانت حماس جزءا منها. وقد اعتبر صدام حسين الإسلاميين تهديدا لهيمنة حزب البعث. وقد ظل بعض العراقيين متخوفين من هذه الجماعات، خاصة بعد صعود القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وتهيمن اليوم الجماعات الشيعية على السياسة في العراق، ولها علاقات وثيقة مع إيران.
وقد سمح هذا التحول للجماعات الأجنبية التي تربطها علاقات بإيران، بتوسيع نفوذها بشكل عزز ما يُعرف بمحور المقاومة الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوتاوا، توماس جونو، قوله إنه مع عدد آخر من الأكاديميين، لاحظوا تيارا تشجع فيه إيران الجماعات المسلحة من بلدان مختلفة على العمل معا. وأشاروا إلى الجهود التي تبذلها الجماعات العراقية واللبنانية نيابة عن نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية. وأضاف أن هناك مأسسة متزايدة للعلاقات بين إيران وشركائها في محور المقاومة. وقال إنه من أجل تحقيق هذه الغاية، أنشأت طهران غرف عمليات مشتركة، وعقدت اجتماعات منتظمة تجمع بين قادة حلفائها، وهي الجهود التي “تكثفت” منذ هجوم حماس على إسرائيل.
وهناك مخاوف من أن يدفع وجود جماعات من محور المقاومة في العراق، إسرائيل لتوجيه ضربات لها، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار البلد. ومن جانب آخر، قد تتعاون الفصائل العراقية الموالية لإيران مع بقية الجماعات المسلحة في محور المقاومة لمزامنة هجماتها ضد إسرائيل في وقت واحد.
وزعمت الجماعات العراقية والحوثيون أنهم ضربوا إسرائيل معا ثماني مرات في حزيران/ يونيو، و ثلاث مرات في تموز/ يوليو، وهذه الأرقام من “أجندة الغارات” التي يعدها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في واشنطن.
وتقول الصحيفة إن حركة حماس فتحت مكتبها في شارع العرصات بحي الكرادة، الذي تعيش في طبقة متوسطة في بيوت من طابقين، بنيت في فترة السبعينات من القرن الماضي، إلى جانب المباني الجديدة التي تطل على شوارع تنتشر فيها محلات البيتزا والمفروشات وكذا بنايات جديدة لا تزال تحت الإنشاء. وتسيطر جماعة كتائب حزب الله على مساحة كبيرة من الشارع.
وحاولت الصحيفة الاتصال هاتفيا في الشهر الماضي مع ممثل حماس في بغداد، محمد الحافي، وهو عضو مكتب حماس للعلاقات العربية والدولية، لكنه رفض قائلا: “لست مخولا للحديث مع الإعلام”. وتقول الصحيفة إنه التقى مع عدد من الجماعات العراقية والأفراد الشيعة المرتبطين بمحور المقاومة، والسنة الذين يشتركون في فلسفة حماس والإخوان المسلمين.
وقال حسام الربيعي من حزب الخدمات، وهو مرتبط بجماعة مسلحة، إنه التقى مع الحافي عدة مرات، وأن المكتب يقدم صلة مباشرة بين العراقيين وحماس. وأوضح أن الحافي ممثل سياسي وليس عسكريا، والمكتب في بغداد يمنحه الفرصة لإيصال الرسائل مباشرة للسياسيين العراقيين وليس عبر وسطاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن افتتاح مكتب حماس في بغداد يعد بمثابة تطور إيجابي للحزب الإسلامي العراقي، وهو حزب سني يشترك في فلسفة الإخوان المسلمين، وإن لم يكن له حضور علني كبير في السنوات الأخيرة. وقال رشيد العزاوي، رئيس الحزب الإسلامي العراقي، إن الحرب في غزة، التي كانت مدمرة للمدنيين، أدت لتعاطف كبير من العراقيين من جميع الأديان، وجعلتهم أكثر انفتاحا على وجود حماس. وقال إنه ينظر للحركة الفلسطينية على أنها تقاتل من أجل “قضية إنسانية”.
وكان استقبال الحوثيين في بغداد أكثر دفئا. فمنذ تموز/ يوليو، التقى ممثل الحركة الحوثية، أبو إدريس الشرفي، شخصيات بارزة مثل قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق الموالية لإيران، ومؤسس حزب سياسي مؤثر. كما زار ممثل الحوثيين زعماء عشائر بالمناطق الريفية في جنوب العراق، ونشر مقطع فيديو لخطاب ألقاه هناك وهو يرتدي خنجره التقليدي ويتحدث بقوة بينما حث الحاضرين على الجهاد ضد إسرائيل.
وقال سعد الساعدي، عضو القيادة السياسية لحزب صادقون، إن “وجود ممثل للحوثيين في العراق أمر مرحب به من قبل كافة الأطراف السياسية في العراق، خاصة وأنهم يمثلون الحكومة اليمنية ويمثلون أيضا جزءا مهما من محور المقاومة”.