أحدث الأخبار
الثلاثاء 03 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 41062
صحافة :هاريس تواجه معضلة الموقف من إسرائيل وضرورة إرضاء الداعين لوقف إطلاق النار بغزة
11.08.2024

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده ألكسندر وورد قال فيه إن كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة تواجه معضلة الموقف من إسرائيل وما هو المدى الذي يجب أن تبتعد فيه عن سياسة بايدن من غزة. وقال إن هاريس خرجت في الشهر الماضي من اجتماع متوتر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالبة بوقف الحرب في غزة قائلة “لن أصمت” حيال الظروف الإنسانية المتدهورة للفلسطينيين.
وكشف الموقف القوي من هاريس تجاه إسرائيل عن فجوات دقيقة بينها والرئيس في سياسة الشرق الأوسط، حيث باتت تتسع مع تكثف حملتها الانتخابية. ورغم اتفاق كل من بايدن وهاريس في الدفاع عن إسرائيل، إلا أن نائبة الرئيس أبدت موقفا أكثر وضوحا وصراحة منه وأكدت على الحاجة لسماح حكومة نتنياهو بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة والتوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار هناك.
وكان الموقف الواضح والمختلف من حرب عزة مساعدا لهاريس كي تنال دعم المعسكر التقدمي في الحزب الديمقراطي وبقية الناخبين الغاضبين من دعم البيت الأبيض لإسرائيل، مع أن هذا الموقف يحمل الكثير من المخاطر لها، حسب الصحيفة. فلو اصطفت بشكل واضح مع نقاد إسرائيل فإنها قد تنفر منها بقية الناخبين وتمنح حملة دونالد ترامب منفذا للهجوم عليها.
ونقلت الصحيفة عن المفاوض الأمريكي السابق والزميل بوقفية كارنيغي للسلام العالمي آرون ديفيد ميلر: ” هناك كامالا في الداخل، من جيل مختلف عن بايدن، حيث أن تعاطفها وحساسيتها أعمق من تعاطف الرئيس عندما يتعلق الأمر بالمعاناة الفلسطينية”. مضيفا “ثم هناك كامالا الخارج، المعتدلة والمؤيدة الديمقراطية لإسرائيل والتي تحتاج عندما يتعلق الأمر بإسرائيل لأن تتبع القواعد”.
وتشير الصحيفة إلى أن هاريس كانت أقل تأثيرا على سياسة الإدارة من غزة، مع أنها انضمت إلى أكثر من20 مكالمة بين بايدن ونتنياهو وحضرت لقاءات في “سيتويشين روم” بالبيت الأبيض لمناقشة الحرب، لكن الرئيس ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ومدير المخابرات ويليام بيرنز هم من كانوا يديرون المفاوضات اليومية بشأن وقف إطلاق النار. إلا أن فشل الإدارة بالتوصل لصفقة وتوسع الحرب في معظم الشرق الأوسط، يعني أن هاريس ستتحمل مسؤولية الفشل، مما يعقد محاولتها للوصول إلى البيت الأبيض.
وكان التحدي هذا واضحا في أثناء تجمع انتخابي بديترويت، ميتشغان. وقال الناشطون المؤيدون لفلسطين ومن حركة “غير ملتزم” الذين لا يشجعون التصويت للديمقراطيين إلا في حال غيرت الإدارة سياستها من الحرب في غزة، إنهم واجهوا هاريس وتيم والتز، المرشح على بطاقة نائب الرئيس وإن بشكل قصير.
وقال عباس علوي، أحد مؤسسي الحركة، إنه سألها إن كانت ستوافق على لقاء قادة الحركة والتباحث في موضوع حظر السلاح لإسرائيل. وقال علوي إن هاريس عبرت “عن انفتاح” للقاء لكنها لم تعط التزاما. وقال “أحسست بمستوى من الانفتاح والتعاطف في تفاعلي معها”، لكن متحدثا باسم حملتها أكد أنها لم تقدم أي التزام للتباحث بموضوع حظر السلاح لإسرائيل.
وقال المتحدث باسمها: “في هذه المواجهة القصيرة، أكدت أن حملتها ستواصل التواصل مع العرب والمسلمين والفلسطينيين بشأن الحرب في غزة. لقد كانت نائبة الرئيس واضحة: أنها ستعمل دائما على ضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد إيران والجماعات الإرهابية المدعومة من إيران”.
وأضاف فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لهاريس، يوم الخميس، أنها “لا تدعم حظر السلاح لإسرائيل وستواصل العمل على حماية المدنيين في غزة والالتزام بالقانون الدولي الإنساني”.
وأثناء خطابها في ديترويت، قاطع المتظاهرون الذين كانوا يهتفون حول “الإبادة الجماعية” خطابها، وانتقدتهم نائبة الرئيس. وقالت وسط هتافات من آخرين في الحشد: “إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فقولوا ذلك. وإلا، فأنا أتحدث”. ويقول مسؤولون في الإدارة إن بايدن وهاريس ينسقان بشكل وثيق بشأن كيفية التعامل مع إسرائيل. وأضافوا أنها تفضل التحدث بصراحة مع الرئيس خلف الأبواب المغلقة. كما كلف بايدن هاريس بوضع خطط “اليوم التالي” لقطاع غزة، مما دفعها إلى السفر إلى دبي في كانون الأول/ديسمبر الماضي للقاء الزعماء العرب بشأن المضي قدما.
ورغم تجنب هاريس مناقضة مواقف الرئيس إلا أنها دفعت موقف الأمريكي أبعد من الموقف العام وطالبت بالحد من الضحايا المدنيين ومعالجة الأزمة الإنسانية. وكنائبة للرئيس لم تتح لها الفرصة كي تحدد سياستها الخارجية.
ويقول بعض المراقبين إنها قد تتحالف في نهاية المطاف بشكل أوثق مع العناصر التقدمية في الحزب الديمقراطي، وقد تكون أكثر ميلا إلى جعل الدعم الأميركي لإسرائيل مشروطا بشكل أكبر بسلوكها في غزة والضفة الغربية.
يقول بعض المراقبين إن هاريس قد تتحالف في نهاية المطاف بشكل أوثق مع العناصر التقدمية في الحزب الديمقراطي، وقد تكون أكثر ميلا إلى جعل الدعم الأمريكي لإسرائيل مشروطا بشكل أكبر بسلوكها في غزة والضفة الغربية
وعلق دان ليبرمان نائب مستشار الأمن القومي لهاريس بأن هذه التأكيدات هي مجرد “تكهنات” مؤكدا أن هاريس “ملتزمة بشكل لا شك فيه ومنذ وقت طويل بأمن إسرائيل ولن تتركها أبدا وحيدة”، لكنه استدرك أن هاريس تعتقد بضرورة عمل المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين وتوفير المساعدات الإنسانية لهم.
وفي كلمة ألقتها في مدينة سيلما بولاية ألاباما في آذار/مارش الماضي، تحدثت هاريس عما وصفته بالظروف غير الإنسانية في القطاع، وحثت إسرائيل على بذل المزيد من الجهود لتسريع تقديم المساعدات إلى غزة، قائلة إن الفلسطينيين يأكلون الأعلاف وأوراق الأشجار من أجل البقاء على قيد الحياة. ويقول مسؤولو الإدارة إن استمرار الحرب في غزة والاضطرابات في الشرق الأوسط قد لا تترك لهاريس أي خيار بل والخوض في حقل الألغام السياسي قبل موعد الانتخابات الرئاسية.
وأشارت مجلة “بوليتيكو” إلى أن هاريس لن تستطيع الهروب من المتظاهرين المطالبين بوقف إطلاق النار في غزة، وهي التي لاحقتها وبايدن لشهور. ورأت أن التظاهرة الصغيرة التي واجهت هاريس بديربورن في ميتشغان يوم الخميس تكشف أن نقاد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لم يقتنعوا إلا جزئيا بتغير البطاقة الديمقراطية للرئاسة. ونقلت المجلة عن وائل الزيات، مدير منظمة المناصرة الإسلامية، “من الواضح لنا، ومن خلال تصريحاتها وما تسرب من حوارات مع الناس خلف الأضواء بأنها تشعر بطريقة مختلفة” و”لكن هذه مشاعر، وما نحتاج إليه هو توضيح رؤية للسياسة التي تختلف عن تلك التي رأيناها حتى الآن”.
ورأت المجلة أن استمرار الحركة المؤيدة لفلسطين تعني أن لديها القدرة على إحداث ضرر وبخاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميتشغان حيث تعيش أقلية عربية ومسلمة قوية بمدن مثل ديربورن.
ولم تقتنع الحركة المؤيدة لفلسطين بخطوات بايدن، الذي عبر عن دعم قوي لإسرائيل بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ولكنه عمل على وقف إطلاق النار، فالمؤيدون لفلسطين يطلبون منه على الأقل الحد من شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
كشفت هاريس عن موقف منفتح تجاه مظاهر قلق المجتمعات العربية والمسلمة بشأن الحرب على غزة وتسليح إسرائيل، لكنها رفضت حتى الآن الاستجابة لمطالبها
وكشفت هاريس عن موقف منفتح تجاه مظاهر قلق المجتمعات، لكنها رفضت حتى الآن الاستجابة لمطالبها. وعندما جاء دور المؤسسة المشاركة لحركة “غير ملتزم”، ليلى العابد، والتقاط صورة مع هاريس والمرشح كنائبها تيم والتز، أخبرت العابد أن جماعتها تريد حظر السلاح لإسرائيل. ولكن العابد، التي دعتها حملة هاريس للمشاركة في مناسبة التصوير، أصبحت عاطفية عندما صافحت المرشحين الجدد، وانفجرت في البكاء وهي تقول إنها فلسطينية ووصفت مدى الدمار الذي يسببه الصراع بالنسبة لها شخصيا. ووصفت العابد هاريس بأنها “متعاطفة” وغادرت المناسبة بانطباع أن نائبة الرئيس وافقت على الجلوس مع مجموعتها لمناقشة حظر الأسلحة. وقالت العابد: “كنت أفكر بالناس في مجتمعي والذين تحدثت إليهم في اليوم السابق. وقد خسر اثنان من أبناء مجتمعي 100 فرد في غزة ولهذا أخبر نائبة الرئيس هاريس عنهما”.
وأضافت العابد وهي شقيقة نائبة ميتشغان رشيدة طليب “قلت إن ناخبي ميتشغان يريدون دعمك ولكنهم يريدون تغيرا في السياسة التي تنقذ أرواحا”.
وتكشف الحادثة عن موقف هاريس وكيفية التعامل مع موضوع حساس قسم الحزب الديمقراطي وبخاصة الشبان والتقدميين وفي الولايات المتأرجحة تحديدا.
ولم يتصل أحد بالجماعة من حملة هاريس لعقد اجتماع بشأن حظر الأسلحة، وسارع البيت الأبيض للتأكيد أن هاريس تدعم إسرائيل والأسلحة لها لكي تدافع عن نفسها وفي نفس الوقت الذي تدعم في وقف إطلاق النار.
وترى المجلة أن موقفها ترك الحركة التي ظهرت كرد فعل على الحرب الإسرائيلية في غزة على مفترق طرق. وعلى أفرادها التفكير إما بمواصلة الموقف المتحدي الذي مارسوه مع بايدن او العمل من خلف الأضواء لإقناع نائبته. وقال الإستراتيجي الديمقراطي وليد شهيد “نحن ندرك أنها في موقف صعب كنائبة للرئيس الذي يتحكم في السياسة الخارجية. ولكن ما هي خطتها في عدد من المجالات، من السياسة الخارجية إلى الهجرة إلى السياسة الاقتصادية ؟ وكيف تختلف هذه الخطة عن خطة الرئيس بايدن؟”.
وقال متحدث باسم حملتها إن نائبة الرئيس منحت أولوية للتواصل مع المجتمعات العربية والفلسطينية وأكدت في تفاعلها القصير يوم الأربعاء مع مجموعة “غير ملتزم” أنها ستحاول التواصل معهم دائما.
وفي الوقت الذي لا يعرف فيما ظلت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين لحين تشرين الثاني/نوفمبر إلا أن عشرات الآلاف منهم يخططون للتظاهر خارج مؤتمر الديمقراطيين الذي سيعقد في شيكاغو نهاية الشهر الحالي. وفيه ستلقي هاريس خطاب قبولها ترشيح الحزب. وفي تلك الفترة سيعود طلال الجامعات إلى الحرم الجامعي ويحملون معهم التظاهرات التي انتشرت طوال الربيع في معظم الولايات المتحدة.