أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1990 991 992 993 994 995 9961059
صحافة : ميدل إيست آي: رؤية 2030 رهن التغيرات الاقتصادية ونيوم من أجل التطبيع مع إسرائيل!!
16.06.2020

نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن تقريرا أعده بول كوكرين تحدث فيه عن رؤية محمد بن سلمان 2030 وإن كانت السعودية قادرة على تحقيقها في ظل تراجع أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا.
وأشار في بداية مقالته إلى اليافطات الإعلانية بصورة محمد بن سلمان “دائما ما تبدأ كل قصة نجاح برؤية” وذلك في مناسبة أول زيارة رسمية له إلى كوريا الجنوبية.
وكان الشعار على ما يبدو مأخوذا من مستشار إعلامي سعودي يمدح الإعلان عن رؤية 2030 في عام 2016.
ومضى على الخطة 5 أعوام وبقي أمامها عقد من الزمان في ظل أزمة مزدوجة تعاني منها السعودية: أسعار نفط منخفضة وتداعيات كوفيد-19. فهل هناك ضوء في نهاية النفق لرؤية 2030؟
فعندما تم الإعلان عن الخطة وسط بريق إعلامي كان محمد بن سلمان نائبا لولي العهد، وتم الحديث عن تريليونات من الدولارات لتحقيقها، تريليون دولار في مشاريع عملاقة، بالإضافة لتريلون دولار من الاستثمارات الخارجية، وتوقعات بأن تصل ميزانية هيئة الاستثمار العام بحلول عام 2030 إلى تريليوني دولار. ووضعت الخطة أهدافا لتوسيع مساهمة القطاع غير النفطي في ميزانية الحكومة إلى 6 أضعاف، 267 مليار دولار، بالإضافة لمضاعفة الصادرات غير النفطية ثلاثة أضعاف من 16% – 50% من الناتج المحلي العام. وبالمجمل هدفت الرؤية إلى فتح البلاد وخصخصة أجزاء من الاقتصاد وتخفيض الدعم واجتذاب المستثمرين الخارجيين وتخفيف الاعتماد على النفط. ورغم تجارب الإصلاح السابقة، تسع خطط خمسية منذ عام 1970، إلا أن الحافز للإصلاح هذه المرة أكثر إلحاحا، فلا تشارك إلا نسبة 42% من السكان في قوة العمل، رغم دخول ما بين 300.000- 400.000 مواطن سعودي سوق العمل سنويا. وفي عام 2016 كانت الاحتياطات الأجنبية 700 مليار دولار وكانت أسعار النفط في أعلى مستوياتها فيما يزداد دور محمد بن سلمان في الديوان الملكي. وفي الوقت الذي شكك فيه الكثيرون من رؤية 2030 إلا أنها لم تكن غير قابلة للتطبيق، على الأقل من الناحية المالية. إلا أن الصدمة المزدوجة من النفط وكوفيد-19 ضغطت على مالية المملكة. ففي آذار/مارس ونيسان/إبريل تراجع الاحتياطي الأجنبي بنقص 48.6 مليار دولار وهو أكبر تراجع شهري حيث أصبح الاحتياطي 448.6 مليار دولار. وحتى قبل وصول فيروس كورونا لم تكن الأمور تسير على ما يرام، ليس بسبب التباطؤ الاقتصادي والفيروس. وما يثير هنا أن الموقع الرسمي لم يقم بتحديث “التقدم في الرؤية” بالعربية أو الإنكليزية منذ عام 2018. وكل ما تحقق من الرؤية هو السماح للمرأة بقيادة السيارة وفتح دور السينما. ويرى تيودور كراسيك، المستشار البارز في “غالف ستيس أنالتيك”: “السعودية مكان مختلف عما كانت عليه قبل خمسة أعوام، وحققوا إنجازات كبيرة وهم الآن أمام امتحان كبير”.
ويرى كوكرين أن الرؤية تقوم على ثلاثة: “مجتمع نابض بالحياة، اقتصاد مزدهر وأمة طامحة”، ولكن الاقتصاد في وضع متخبط بدلا من انتعاشه. ولا تزال نسبة البطالة مرتفعة، حوالي 12%، فيما نما الاقتصاد بنسبة 0.3% في عام 2019. وبلغت نسبة النمو في القطاع غير النفطي 3.3% وهو أقوى أداء منذ عام 2014، حسب أرقام السلطة العامة للإحصاءات، إلا أن انخفاض أسعار النفط وكوفيد سيوقفان هذه الإنجازات التي تحققت.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تباطؤا في القطاع غير النفطي لهذا العام بنسبة 4%. وهذه هي أخبار سيئة لعمليات تنويع الاقتصاد. وضربت ثلاثة قطاعات وهي التجزئة والنقل والإنشاءات التي تشكل نسبة 60% من القطاع الخاص حسب سلطة النقد السعودي “سما” بسبب الوباء والإغلاق العام. فيما ستزيد ضريبة القيمة المضافة لثلاثة أضعاف وقطع العلاوات من السخط العام. ويبلغ عدد العاملين في قطاع التجزئة مليوني شخص ويسهم بـ14% من الناتج المحلي العام. وبدأ قطاع الإنشاءات بالتعافي في عام 2019 بعد هدوء أربعة أعوام، ولكن التوقعات لهذا العام تتعلق بانخفاضه. ومن مظاهر التراجع في القطاع الإنشائي هي مجموعة بن لادن للإنشاءات التي تقوم بإعادة ترتيب دين 15 مليار دولار وتتخلى عن خدمة موظفين. فقد فصلت الشركة 50.000 موظف عام 2016. وكان من المفترض أن تسهم الشركات الناشئة والأعمال الصغيرة بتوليد 35% من الناتج العام بحلول 2030 إلا أنها تعرضت لضربة. وبحسب تقرير بحثي أعدته “ومادا وأراب نيت”، فقد تأثرت ثلثا الشركات الناشئة من تداعيات كوفيد-19 حيث لم تستطع الحصول على دعم فيما علقت نسبة 17% منها عملياتها. وضرب الوباء أيضا وبقوة أهم قطاع في التنويع الاقتصادي وهي السياحة التي كان من المتوقع أن تجذب مليونا ونصف من السائحين في العام غير الحج والعمرة. وفي الوقت الذي زار فيه 20.000 سائح السعودية عام 2016، وتم إصدار 400.000 تأشيرة في الفترة ما بين أيلول/سبتمبر 2019 وشباط/فبراير 2020، إلا أن القطاع سيشهد انكماشا بنسبة 40% لعام 2020. وتأثر الحج أيضا حيث علقت الرياض العمرة وهناك توقعات بإلغاء الحج نهاية تموز/يوليو أو أن يتم تحديد عدد المشاركين فيه بسبب كوفيد-19. وشارك في موسم العام الماضي 2.6 مليون حاج وبلغت موارد السياحة الدينية 12 مليار دولار. ويقول كريستين أورليشسن، من معهد بيكر لدراسات الشرق الأوسط بجامعة رايس: “لا أتخيل عقد الحج في ظل الظروف الحالية وسيتم تأجيل الخطط للسياحة الفاخرة بسبب كوفيد-19 لعام أو أكثر”.
وأشار إلى عدد من النكسات في خطط التنويع خاصة اكتتاب حصص من شركة أرامكو التي كان من المتوقع أن تولد 100 مليار دولار عند وضع نسبة 5% من أسهمها. ولكن المناسبة كانت محلية حيث تم طرح 1.5% من أسهم الشركة في السوق المالي السعودي وأدت لتوليد 26.5 مليار دولار. ويقول ديفيد ويفينغ من رويال هوليوي بجامعة لندن إن “اكتتاب أسهم أرامكو كانت مركزية للحصول على أطنان من السيولة النقدية واستخدامها في مشاريع التنويع ولكن لم يكن هناك اهتمام (أجنبي)”. كما أن الإصلاح البنيوي الذي تم كجزء من الرؤية لم يكن كافيا لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر والذي لم تزد نسبته عن 1% من الناتج المحلي العام حسب المعهد الدولي للتمويل. وقال غبريس إراديان، الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “تحتاج جهود التنويع إلى الكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر. ولم يحدث هذا خلال السنوات الثلاث الماضية. ولا تزال الإصلاحات البنيوية صارمة وبحاجة لتحسين من أجل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر”. إلا أن اجتذاب الاستثمار الأجنبي قد يكون صعبا في ظل تراجع أرباح أرامكو بعد حرب الأسعار التي شنتها الرياض في آذار/مارس.
ويقول هيو مايلز من “أراب دايجيتس”: “لقد فقدوا ثقة الجميع بمن فيهم الذين استثمروا في أرامكو بعد شن حرب الأسعار وضحكوا عليهم (في الأرباح المتوقعة)”. ولكن من أجل الحصول على المال هناك حاجة لمزيد من الخصخصة لزيادة أرصدة هيئة الاستثمار العام المفترض أنها ستشرف على تنفيذ مشاريع الرؤية وزيادة ميزانيتها إلى تريليوني دولار بحلول 2030 من 230 مليار دولار في الوقت الحالي. وقال إراديان: “ربما كانوا طامحين وقد يصلوا إلى تريليون دولار لو جمعوا من خلال خصخصة عدد من الشركات السعودية”.
وتعتمد حظوظ هيئة الاستثمار العام على ما سينتج عن استثمار 8.2 مليارات دولار هذا العام مقارنة مع رهانها السابق على صندوق رؤية في صندوق سوفت بانك الخاسر. وفي الوقت الحالي يبدو أن هيئة الاستثمار العام تعطي أفضلية للتنمية المحلية ورؤية 2030. وتم تحويل ماليات لمواجهة الانكماش الاقتصادي. وأشارت صحيفة “عكاظ” السعودية في أيار/مايو إلى قطع 8 مليارات دولار من ميزانية رؤية 2030 كجزء من خطط التقشف. وهو نفس المبلغ الذي أنفقته الهيئة هذا العام على الاستثمار الخارجي. وفي ذروة كوفيد-19 أعلنت مؤسسة النقد السعودية (سما) عن تحويل 40 مليار دولار لهيئة الاستثمار العام لشراء أرصدة خارجية بأسعار منخفضة على أمل الحصول على عوائد منها. وكلما أنفقت الهيئة على استثمارات الخارج انخفض المال المتوفر للاستثمار المحلي وهو ما ينص عليه تفويض الهيئة. وقد يؤثر هذا على مشروع مدينة نيوم على البحر الأحمر. وكانت مشاريع البناء فيها بطيئة. ولا يعرف إن كانت هناك أجزاء من المشروع سيتم تأجيلها أو إلغاؤها. وأشارت تقارير إلى توقف البناء في مشاريع البيوت وتم تعويض الشركات الإنشائية. وينقسم المحللون حول المشروع إلى قسمين، إما تعديله وتخفيض حجمه أو تنفيذه كما هو نظرا للصورة التي قدمته بها. ويرى مايلز أنها قد تنتهي مثل بقية المشاريع الكبرى في الخليج التي كان دافعها الغرور. وما قد يحافظ على زخم المشروع هو قرب المدينة من إسرائيل التي تزيد الرياض معدلات التقارب معها. وقال مايلز: “الهدف الرئيس من نيوم هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا هو سبب وجودها ومحمد بن سلمان مستعد لتنفيذه لهم”. وفي مقال على موقع نيوم ألمح كاتبه إلى أن كل التعاون مع الشركات التكنولوجية الإسرائيلية وقطاع تكنولوجيا المعلومات مطروح على الطاولة. ولأن هيئة الاستثمار العام وبالضرورة نيوم تحت سيطرته فالقرار بيد محمد بن سلمان إما الاستمرار به أو إلغاؤه. وتقول بسمة مومني من جامعة واترلو بكندا: “لا مبرر لنيوم ولكن من يعرف محمد بن سلمان يعرف أنها مهمة له”. ويعتقد كراسيك أن نيوم وغيرها من المشاريع ستستمر لأنها المفضلة لولي العهد. وفي ظل اقتصاد مترنح وعجز بالميزانية وانكماش اقتصادي عالمي فمنظور رؤية 2030 بات قاتما وليس مضيئا. ويرى ويفينغ: “الموضوعات هي أكبر من كوفيد-19، بل وجدوى رؤية 2030 ميتة طالما لم يتوفر المال”.