أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1983 984 985 986 987 988 9891059
صحافة : الغارديان: الأردن الأعلى عالميا في نسبة المدخنين!!
25.06.2020

كشف تحقيق لصحيفة “الغارديان” أن الأردن أصبح في رأس قائمة الدول استخداما للدخان وسط اتهامات من منظمات صحية شركات الدخان بممارسة التأثير في السياسات المتعلقة به.وفي التقرير الذي أعده مايكل صافي وجسار الطاهات، قالا فيه إن ثمانية من كل عشرة أردنيين يستخدمون السجائر العادية أو الإلكترونية حسب دراسة قامت بها الحكومة الأردنية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.وكشفت الدراسة المسحية أن معدل ما يستخدمه الأردني الذي يدخن بشكل منتظم هو 23 سيجارة. وباستثناء السجائر الإلكترونية أو تلك الخالية من النيكوتين، فقد وجدت الدراسة أن نسبة 66% من الرجال الأردنيين و17 من النساء يصنفون كمدخنين، بشكل تجاوزت الأرقام المسجلة في أندونيسيا التي ظلت ولوقت طويل من أكثر الدول استخداما للدخان.وقال فراس الحواري، رئيس قسم الأمراض الصحية والعناية الحثيثة بمركز الحسين للسرطان “تظل المعدلات عالية بشكل خطير وتنبئ بكارثة صحية عامة في المستقبل”.وتتباين الأرقام الأردنية مع تلك المسجلة في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة، حيث تم تخفيض معدلات التدخين بشكل كبير خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تم تحديد مساحة الضغط التي تمارسها شركات الدخان على القرار السياسي ومنع الدعاية لمنتجاتها بالإضافة لحملات توعية من مخاطر التدخين على الصحة.
ويقول محللو الصناعة والمدافعون عن الصحة العامة، إن معدلات التدخين العالية في الأردن لها علاقة بالتأثير الذي تمارسه شركات صناعة الدخان الكبرى وتقوم بالعمل بقيود أقل صرامة من تلك التي تعمل فيها شركات التدخين في بريطانيا مثلا.
وتقول ريما نقاش، الأستاذة المشاركة في الصحة العامة بالجامعة الأمريكية ببيروت: “تواصل الشركات التأثير على السلطة السياسية قدر استطاعتها في الدول الغنية. ولكنها كانت ناجحة في الدول ذات الدخل المتدني حيث لا تواجه مشاكل في الشفافية ويمكن أن تعمل أكثر في الظل، وتغرق أي مجتمع مدني موجود”.
وفي التحقيق الذي أجرته الصحيفة عن استهلاك الدخان في الأردن، تبين أن جماعات الضغط نيابة عن شركات التدخين بما فيها الشركة البريطانية الأمريكية للدخان تقوم وبشكل منتظم بمناقشة التنظيمات المتعلقة بمنتجاتهم في الأردن بشكل تراها الجماعات المعادية للدخان بأنها غير مناسبة.
ويعتبر الأردن الدولة الثانية من ناحية تدخل شركات التدخين في الحكومة، وذلك حسب تحليل قامت منظمة مجتمع مدني. وكشف التحقيق عن تعرض المسؤولين الأردنيين للضغوط من مدراء شركات التدخين التنفيذيين فيما يتعلق بطريقة تنفيذ تشريعات التدخين مع عروض لتقديم تبرعات في مشاريع اجتماعية.
فقد قدمت شركة فيليب موريس انترناشونال، تبرعات لإصلاح مدارس في الأردن وتوفير حقائب مدرسية وتنظيم ورشات عمل حول المسار العملي للشباب. وظهرت الشركة في منشورات رئيس الوزراء الأردني على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أشارت إلى مساهمتها الاقتصادية في البلد. وتتهم جماعات الضغط عن شركات التدخين أنها قامت بتدخل غير مناسب لكي تشكل التنظيمات المتعلقة بمنتجاتها في الأردن.
واطّلعت الصحيفة على محاضر اجتماعات، وكشفت عن حضور الشركة البريطانية الأمريكية للدخان، والشركات اليابانية الدولية للدخان، وفيليب موريس انترناشونال، سلسلة من الاجتماعات العام الماضي لمناقشة معايير استخدام السجائر الإلكترونية ومنتجات التدخين المسخنة.
ومن بين المعايير التي أقرت تلك المتعلقة بمحتويات النيكوتين وحجم ومكونات التحذير الصحي والتصميم والألوان المسموح بها على علبة الدخان، وفيما إن كانت الرسالة عليها تشير إلى أنها أقل ضررا أو أنها تساعد على التخلص من عادة التدخين.
وتقول الأميرة دينا مرعد، التي حضرت الجلسات بصفتها رئيس الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان: “جلست شركات التدخين على الجانب الآخر من الطاولة واعترضت على كل معيار”.
ودعمت شركات التدخين اعتماد التنظيمات الموازية لتوجيهات الاتحاد الأوروبي. فيما يقول الناشطون في مجال مكافحة التدخين إن الشركات كانت تدفع باتجاه معايير مقيدة لمنتجاتهم.
وتقول مرعد: “وصلنا إلى مرحلة شعرنا أنهم يقومون بتضييع وقتنا، ولهذا خرجنا احتجاجا، ولم يحدث شيء” واستمر اللقاء. ووقّع الأردن على المعاهدة الدولية لمكافحة التدخين، والتي تجبر الدول على حماية الصحة العامة من تدخل شركات التدخين.
وتقول جماعة مدنية تراقب تنفيذ المعاهدة، إن تدخل شركات التدخين في تقرير السياسات التنظيمية هو مثال على خرقها. وفي بيان من الشركة البريطانية الأمريكية وفيليب موريس انترناشونال، قالتا إن استشارتها هو أمر عادي باعتبار أن لها مصلحة في التنظيمات والنقاش الذي يدور حولها. وأكدت شركة فيليب موريس أن “علاقتها مع المسؤولين الحكوميين في الأردن مثل أي دولة أخرى، متوافقة مع القوانين” و”نلتزم بالمعايير الدولية والممارسات التي نفرضها على أنفسنا والتي هي أكثر تشددا من القوانين الوطنية. وفي المجتمع الديمقراطي لا يتم تنفيذ الهدف الرئيسي للتنظيمات – التأكد من أنها مصممة من أجل الصالح العام- إلا بمشاركة كاملة للجهات المعنية”.
وقالت الشركة اليابانية الدولية للدخان، إن مشاركتها كانت من أجل تقديم مساعدة فنية ومعايير صناعة في مجال السجائر الإلكترونية والمسخنة. وقال عدد من المسؤولين السابقين والحاليين في الحكومة الأردنية، إن شركات الدخان لها علاقة قوية مع نواب أردنيين لا يطلب منهم الكشف عن علاقتهم بالصناعة.
وتقول ميرفت مهيرات، نائبة مدير الصحة بأمانة عمان، إن مسؤولا إقليميا لشركة دخان دولية زارها عندما كانت مسؤولة عن لجنة تشرف على إنتاج الدخان “وقد صدمت عندما جاءني وعلم ما قلته في الاجتماعات”. وطلب منها أن تلتزم الحياد في الموضوعات محل النقاش وعرض عليها تبرعا بمليون دينار أردني لتنفق على حملات مكافحة الدخان في العاصمة.
وتضيف مهيرات: “يتصلون بكل شخص بالطريقة التي يختارونها” و”بالنسبة لي، كانوا يعرفون أنني من دعاة الصحة العامة وأقوم بالتحذير من مخاطر التدخين، وقالوا: دعينا نقدم بعض المال لحملتك”. وتشير الصحيفة إلى تضارب مصالح في حملات مكافحة التدخين. فقد اطّلعت الصحيفة على رسائل إلكترونية تظهر أن عددا من أعضاء جماعات صحية كبرى أبعدوا أنفسهم عن جهود مكافحة التدخين عندما وظفت شركات تدخين أفرادا من عائلاتهم لممارسة الضغط نيابة عنهم.
وتكشف سجلات الشركات، أنها أنفقت مئات الآلاف من الدولارات الأمريكية لدعم برامج موجهة للشباب. ودفعت شركة فيليب موريس مثلا أموالا لإصلاح 10 مدارس في أحياء عمان القريبة من مصنعها، ووفرت حقائب مدرسية لأطفال في 25 مدرسة، وتدير الشركة ورشات عمل وبرامج تدريب للشباب والتي يقوم الإعلام المحلي بتغطيتها.
ويقول المدافعون عن الصحة العامة إن هذه الجهود هي محاولة لتبييض الآثار الخطيرة على الصحة والاقتصاد الناجمة عن منتجات الدخان. وقال الشركة اليابانية الدولية للدخان، إن كل الجهود الاجتماعية التي تقوم بها تتوافق مع المعايير المحلية والدولية والسياسات ولا علاقة لأي من برامجها بالقاصرين.
وكشف التحقيق عن مضار التدخين السلبي على الأطفال الذين يعيشون في أجوائه. ويقول الحواري: “لكل أربعة سجائر يدخنها الآباء، يستنشق الأطفال معدل سيجارة”. وقال إن من يدخن 24 سيجارة في اليوم هو مدخن “خفيف” فهناك من يدخن ثلاث، خمس أو سبع علب سجائر في اليوم “أي مثل الخمسينات من القرن الماضي في بعض الأماكن”.
وأشارت إلى أن الدخان ينبعث من المقاهي والأماكن العامة ولا أحد يلتزم بتحذيرات “ممنوع التدخين” حتى المستشفيات، يعتبر ثلث الأطباء فيها من المدخنين.
ويعاني المصابون بالربو بشكل أكبر، فحياتهم تقوم على محاولة تجنب الأماكن التي ينتشر فيها الدخان. وقال ربي مدادحة أن زملاءها في المكتب الحكومي كانوا يدخنون طوال الوقت و”كنت أهرب لسيارتي كل أرسل بعض الرسائل الإلكترونية وأعمل”.
وقالت الصحيفة إن الإدمان على الدخان يؤثر على الناتج القومي العام. ويرى الحواري أن أثر الدخان لن يعرف إلا في عام 2030 حيث يصل معظم الشباب سن الأربعين حيث ستبدأ تظهر عليهم أمراض لها علاقة بالدخان مثل القلب والسرطان.