أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1915 916 917 918 919 920 9211060
صحافة : فورين بوليسي: احتقان طائفي في لبنان بعد انفجار بيروت ولا حرب أهلية إلا بقرار من حزب الله!!
03.09.2020

قالت أنشال فوهرا في تقرير نشرته “فورين بوليسي” إن لبنان يعيش مخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة، حيث وصلت التوترات الطائفية إلى نقطة الغليان.
وأضافت أن أحياء بيروت ظلت بعد 30 عاما من نهاية الحرب الأهلية منقسمة بناء على الخطوط الطائفية والتي تعكس نظام الحكم القائم على المحاصصة في الدستور اللبناني. وانهار هذا البناء في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما خرج اللبنانيون محتجين ضد النخبة السياسية التي اتهموها بأنها سبب مشاكل لبنان وتهتم بمصالحها فقط.
وكانت الوحدة الوطنية قصيرة الأمد، حيث غيّر انفجار بيروت الشهر الماضي كل هذا، فقد ترك انفجار المرفأ عددا من الأحياء المسيحية حطاما. وتقول فوهرا إن مجتمعات لبنان المختلفة باتت تنظر لبعضها البعض نظرة ريبة أكثر من أي وقت مضى.
يقف حزب الله في مركز التوترات، وبيده مفتاح الفوضى والسلام في لبنان
ويقف حزب الله في مركز التوترات، وبيده مفتاح الفوضى والسلام. ولا أحد يعرف كيف سيتم حل التوترات الطائفية الحاقدة هذه. ولا أحد يريد أن يتطور الوضع إلى حرب أهلية ثانية.
ففي مقهى بمنطقة الأوزاعي، جنوبي بيروت، اتهم أنصار حزب الله المتظاهرين بأنهم عملاء للأجانب. وزعم أبو علي، صاحب المقهى في منتصف الخمسينات من عمره، أن المتظاهرين هم واجهة لإسرائيل، وبالضرورة للمصالح الأمريكية، وأنهم اجتازوا الخط الأحمر عندما وضعوا حبل المشنقة حول مجسم لزعيم الحزب حسن نصر الله، مطالبين الحزب بتسليم أسلحته. وقال إن الأسلحة ضرورية لحماية الشيعة من إسرائيل وضد الخلافات الطائفية.
وظلت الطائفة الشيعية فقيرة ويعكس فقرها الدعم الغربي المقدم للمسيحيين وتأثير السنة. ومن هنا منح صعود حزب الله الكثير من الشيعة الشعور بالفخر. وقدم أبو علي نفسه بالنصير وليس العضو في حزب الله. وبعد نقاش طويل كشف عن هويته بشرط عدم الكشف عنها، وقال إنه ليس نصيرا فقط بل عضوا في الحزب قاتل في حرب 2006 وقاتل ابنه الأكبر في سوريا، أما الصغير ففي معسكرات التدريب.
وقدم صورا له وهو بالزي العسكري قرب الحدود ترفرف بجانبه راية حزب الله، ولابنه البالغ من العمر 23 عاما وهو يحمل بندقيتي “إي كي-47″ و”أم 16” وصورا لابنه الصغير البالغ من العمر 13 عاما في معسكرات التدريب وإصبعه على الزناد ويصوب على هدف أثناء التدريب في جنوب لبنان.
وعلق أبو علي: “طبعا يعرف كيف يطلق النار، هو بحاجة إلى حراسة البيت عندما لا أكون أنا والكبير فيه”. وأضاف: “أنا وابني نقاتل ضد إسرائيل ولن نتصالح معهم. ولكن معظم المتظاهرين يدعمهم أصدقاء إسرائيل في لبنان وتدفع لهم السفارات الغربية”.
وحاول أن يدعم نظريته من خلال الحديث عن التباين بين المتظاهرين من الطبقة المتوسطة والأحياء الشيعية الفقيرة التي لا يستطيع أبناؤها الحصول على الحياة المريحة مثلهم، أو حتى شراء كمبيوتر لأبنائهم، والتي قام بعض أنصار حزب الله بسرقتها أو كما قال أبوعلي “مصادرتها” من المتظاهرين “يهتفون بالشعارات ضد شيخنا حسن نصر الله ثم يشربون الويسكي ويحتفلون، ولو كانوا فقراء فكيف يستطيعون الحصول على لابتوب”.
وقال إنه بعيدا عن أسلوب الحياة، فعندما يجتاز المتظاهرون الخط الأحمر “يجب عليهم دفع الثمن، الخطوط الحمر هي خطوط حمر”. وتصادم حزب الله عدة مرات مع المتظاهرين أكثر من مرة، إلا أن قادة حركة الاحتجاج تجنبوا استفزاز مواجهة شاملة؛ لأنهم لا يعرفون رد حزب الله.
ويرغب عدد من اللبنانيين خارج حزب الله بدمج الحزب في الجيش اللبناني، ولكنهم يعرفون من التجربة المرّة أن المعارضة العلنية لسلاح حزب الله تأتي بمخاطر شخصية.
ويقول البرفسور ناصر ياسين، من الجامعة الأمريكية في بيروت، إن الحزب لن يتردد في السيطرة على الشارع حالة تعرض للهجوم كما فعل في عام 2008. وقال: “لو، وهذه لو كبيرة، حملت بعض الجماعات السلاح ضد حزب الله وتردد الجيش اللبناني بسحقها، فسيقوم الحزب برد حاسم ويسيطر على البلد كما فعل عام 2008”.
حزب الله لن يتردد في السيطرة على الشارع اللبناني حالة تعرض للهجوم كما فعل في عام 2008
ففي ذلك العام، حاول أنصار رئيس الوزراء الذي تدعمهم السعودية تفكيك شبكة اتصالات حزب الله، مما منحه المبرر لكي يتحرك ويستعرض قوته في الشارع. وخلال أيام اجتاح أنصاره العاصمة بيروت. ومنذ ذلك الوقت أصبح السنة يتجنبون المواجهة.
ويقول زياد العلوكي، قائد مجموعة سنية في طرابلس، شمال لبنان، وشارك في مواجهات طائفية في الماضي، إن قادته يتجنبون التصعيد اليوم. وكانت آخر مرة شارك فيها بمواجهات عندما انتقلت الحرب الأهلية السورية إلى طرابلس في الفترة ما بين 2011- 2014 حيث سيطر عناصره على بعض المواقع العلوية في المدينة.
وبعد تلك المواجهات، اعتقل مع آخرين وأفرج عنه بعدما وعد بالحفاظ على السلام. ومع تراجع قوته، تراجعت قوة الحزب السني “تيار المستقبل”، وحتى عندما أعلنت المحكمة الخاصة في لبنان التي شكلتها الأمم المتحدة للتحقيق بمقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري قرارها، لم يستطع أشخاص مثل العلوكي التعبير عما ما يريدون.
وقال: “قرر تيار المستقبل عدم الخروج إلى الشوارع لتجنب المواجهة مع حزب الله والحرب الأهلية”. فالمفهوم العام لدى السنة في لبنان والمنطقة بشكل عام هي أن السعودية، راعيتهم، تركتهم عرضة لرغبات حزب الله وراعيته إيران.
وقال إن “غياب النشاطات العسكرية هو تنازل قدمه قادتنا”. وقال بهاء الحريري، نجل رفيق الحريري وشقيق سعد، رئيس الوزراء السابق، إن الحزب ليس جاهزا للمواجهة: “دعونا لضبط النفس لأننا لا نريد أي مشاكل”. وعندما سألته المجلة عن طريقة نزع سلاح حزب الله الذي كان والده يريد عمله، أجاب الحريري: “يجب علينا العمل معا”.
قرر تيار المستقبل عدم الخروج إلى الشوارع لتجنب المواجهة مع حزب الله والحرب الأهلية
وهناك في لبنان من يرغب بلعب الدول الغربية دورا في نزع سلاح حزب الله. وقالت سيدة في متوسط العمر بمنطقة الجميزة، التي تعرضت لدمار كبير بسبب انفجار مرفأ بيروت: “ما نستطيع عمله مع سلاحهم؟ أمريكا لديها القوة وليس نحن” ولم تكشف عن اسمها ولكنها قدمت نفسها بالداعمة للقوات اللبنانية.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه حركة الاحتجاج في الفترة الماضية، إلا أنها أصبحت أكثر طائفية. وقالت السيدة: “من الأفضل لو كان للمسيحيين دولة ولحزب الله دولته”.
ويقول قادة الاحتجاج إن حركتهم اخترقتها عناصر طائفية من حزب الله والجيش اللبناني. ويقول عدد من المحتجين إن مسألة حزب الله قسمت الرأي العام ومن الأفضل حلها على المستوى الوطني عندما يكون هناك نظام للحكم.
ولم يلم غيلبرت ضومط، الموظف المدني والذي رشح نفسه وخسر في الإنتخابات حزب الله بل كل الأحزاب الطائفية. وقال: “منذ عام 1990 هناك أمراء حرب فرضوا على المواطنين نفس المقايضة: نوفر الحماية لكم مقابل السماح لنا بسرقتكم” و”في اللحظة التي تهددون فيها مصالحنا، سنعلن حربا أهلية من أجل حماية الطائفة”.
ويرى المحللون أن المخاوف من الحرب الأهلية ليست قائمة في الوقت الحالي إلا في حالة أراد حزب الله ذلك. وفي الفترة الحالية قام الحزب مع الحركة الشيعية الأخرى “أمل” بمسيرات بالدراجات ورفع أعلاما عليها صورة الإمام حسين وذلك بمناسبة عاشوراء.وربما كانت المسيرات تعبيرا دينيا، لكن في بيروت التي تسكنها المشاعر الطائفية، ينظر إليها على أنها محاولة لاستعراض الحزب قوته ورسالة مبطنة: “لو أراد أولاده السيطرة على الشارع فهم يستطيعون”.يرى المحللون أن المخاوف من الحرب الأهلية ليست قائمة في الوقت الحالي إلا في حالة أراد حزب الله ذلك
وفي مقهى أبو علي، قال إن الحزب لا يريد الحرب الأهلية وكل ما يقوم به هو الحفاظ على النظام والقانون. وأضاف: “لو اندلعت حرب أهلية فسيضرب الحزب إسرائيل، فهي في رأس من يريدون العنف بالبلد”.
لكن السلام المحلي يأتي بثمن قبول هيمنة الحزب وحلفائه. ويعني أن لبنان عالق في حالة شلل- اقتصاد فاشل وسياسة طائفية غير فاعلة.