احتفالات رأس السنة الميلادية التي تزينها الألعاب النارية والرقص على أنغام الموسيقى، تبعث على الأمل في العام الجديد خاصة بين الشباب المقبلين على الحياة، لكن هذه الاحتفالات لا تخفي المشاكل العالقة منذ السنة الماضية كالاحتجاجات في الكثير من دول العالم والتغيرات المناخية التي تؤرق الكثيرين كما لا تخفي أيضا الحرائق التي تعم أستراليا.
نيويورك- انتقل العالم الأربعاء إلى العام 2020 في أجواء احتفالية في نيويورك بعد ألعاب نارية فوق خليج سيدني وهونغ كونغ ومن ثم في جادة الشانزليزيه في باريس، لاستقبال العقد الجديد، لكن الظلال القاتمة لتغييرات المناخية والاحتجاجات والتوتر النووي مع كوريا الشمالية خيمت على هذه الاحتفالات.
وتنتشر الاحتجاجات في مختلف دول العالم من هونغ كونغ إلى الهند وأميركا اللاتينية وكذلك شمال أفريقيا والشرق الأوسط ما أدى إلى تنحي قادة في لبنان والجزائر والسودان وبوليفيا. وكان سكان جزيرتي ساموا وكيريباتي الاستوائيتين أول من استقبلوا العام الجديد في العالم.
وانطلقت الألعاب النارية التي استخدمت فيها هذا العام أشعة الليزر والرسوم المتحركة لأول مرة في سماء العاصمة أبيا حيث احتفل السكان والسياح الذين قصدوا زيارتها في هذا الموعد ليصبحوا أول من يستقبل العام على كوكب الأرض. وكانت منطقة ساموا الأميركية آخر مكان يودع عام 2019 والعقد المنقضي.
توج تقليد إسقاط كرة كريستالية في ساحة تايمز سكوير في نيويورك على وقع العد التنازلي للثواني الأخيرة حتى انتصف الليل ليبدأ العام الجديد في الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وفي إطار تدابير أمنية مشددة، قامت الشرطة بتفتيش القادمين إلى تايمز سكوير، وهي منطقة تتألف من عدة مبان وسط مانهاتن، ولم تسمح باصطحاب أغراض مثل المظلات وحقائب الظهر. وانتشرت الشرطة في الساحة، ومحطات مترو الأنفاق، إلى جانب فرق مكافحة الإرهاب المدججة بالسلاح، والكلاب المدربة.
ولم تؤثر أمطار متقطعة بدرجة تذكر على الاحتفال الذي سلط الضوء على “التغير المناخي”، ودام حوالي 6 ساعات، حيث تدفق نحو مليون شخص على الساحة حضروا فعاليات موسيقية ورقصات أدتها مجموعات مختلفة أمام الحشود.
وتابع الاحتفالات الملايين من المشاهدين عبر شاشات التلفزيون التي نقلتها مباشرة من الساحة. وتستضيف المدينة بشكل تقليدي العديد من العروض، عشية العام الجديد، وتعتبر مركز احتفالات ليلة رأس السنة في الولايات المتحدة.
قالت ناتالي رينهارت (29 عاما) التي أتت لاستقبال 2020 في هذه الساحة الشهيرة مع عشرات آلاف الأشخاص “لست متفائلة جدا بشأن المستقبل”. وقبل ذلك تجمع عشرات الآلاف من الأشخاص في باريس على “أجمل جادة في العالم” كما يؤكد سكانها، احتفالا بالسنة الجديدة. وأقيم عرض أنوار على قوس النصر في جادة الشانزليزيه قبل إطلاق الألعاب النارية بعيد منتصف الليل بالتوقيت المحلي.
في لندن، دقّت ساعة بيغ بن عند منتصف الليل بعدما كانت صامتة مدة طويلة بسبب أعمال الصيانة، وأطلِقت ألعاب نارية على ضفتي نهر تايمز. ويفترض أن تكون الاحتفالات برأس السنة في بريطانيا الأخيرة لها كعضو في الاتحاد الأوروبي قبل البريكست المقرر في 31 يناير.
ووعد رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي فاز بأغلبية برلمانية في انتخابات الشهر الماضي، بإنجاز الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل نهاية هذا الشهر.
وأضاف في رسالته بمناسبة العام الجديد، “بينما نقول وداعا لعام 2019، يمكننا أيضا أن نطوي صفحة الانقسام والضغائن وعدم اليقين التي سيطرت على الحياة العامة وأعادتنا إلى الوراء كثيرا”.
وعمت الأجواء الاحتفالية العاصمة الفرنسية باريس التي شهدت العام 2019 الكثير من المواجهات بين “السترات الصفر” وهم فرنسيون غاضبون من سياسة الحكومة الاجتماعية والقوى الأمنية. وقد منعوا مساء الثلاثاء من التظاهر.
وأضاءت الألعاب النارية سماء باريس، وكتب على قوس النصر عام 2020 بالليزر وسط حضور غفير قدرت أعداده بـ300 ألف شخص.
وفي وقت سابق قال وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، في باريس، إنه تم تعبئة نحو 100 ألف من عناصر الشرطة والدرك في مختلف أنحاء البلاد عشية العام الجديد في فرنسا. وأكد كاستانير، أنه لا يوجد خطر أمني محدد، مضيفا “لكننا نستعد لكل شيء”.
ومصدر القلق الرئيسي هو الإضراب في وسائل النقل العام المحلية وذات المسافات البعيدة في فرنسا، وهذا بالفعل ما حدث إذ لم تشتغل وسائل المواصلات العامة، فاضطر من خرجوا للاحتفال إلى العودة لمنازلهم بسيارات الأجرة أو بسياراتهم الخاصة.
وشهدت مختلف أنحاء ألمانيا، احتفالات رأس السنة الجديدة وكان أكبرها في العاصمة برلين. وتجمع مئات الألوف من الألمان والسياح أمام بوابة براندنبورغ التاريخية وسط تعليمات اللوائح الجديدة التي تحظر للمرة الأولى إطلاق الألعاب النارية أمام معلم برلين الشهير ومنطقة الاحتفالات المحيطة به.
الاحتفالات برأس السنة على ضفتي نهر التايمز يفترض أن تكون الأخيرة لبريطانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي قبل البريكست المقرر في 31 يناير
وكانت ألمانيا قد شهدت مجددا نقاشا حاميا حول جدوى الألعاب النارية بالنظر إلى حماية المناخ والضوضاء والعنف المرتبطة بها.
احتجاجات في هونج كونغ، التي هزتها على مدى شهور تظاهرات مطالبة بالديمقراطية تحولت في بعض الأحيان إلى العنف ولاسيما على الواجهة البحرية في فيتكوريا هاربر.
وتلقى المحتجون بحسب كتابات في مواقع التواصل الاجتماعي دعوة لارتداء أقنعة في تظاهرة بمناسبة العام الجديد عنوانها “لا تنسوا 2019 وواصلوا في 2020”.
وألغت السلطات الألعاب النارية الرئيسية للمرة الأولى منذ عشر سنوات لدواع أمنية. ونُظم عرض (سيمفونية الأضواء) بدلا منها، شاملا عروضا ضوئية على أطول ناطحات السحاب بالمدينة.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين قرروا دمج مطالبهم باحتفالات العام الجديد عند الواجهة البحرية هاتفين “عشرة! تسعة! حرروا هونغ كونغ، ثورة الآن”. وقد أضاء هؤلاء هواتفهم المحمولة مشكلين محيطا من الأنوار.
وقال رجل يدعى تونغ بينما كان يسير مع طفله البالغ من العمر عامين وأمه “من الصعب أن ننطق بعبارة ‘عام جديد سعيد’ لأن شعب هونغ كونغ ليس سعيدا”. وأضاف “ما لم تتحقق مطالبنا، وتتم محاسبة الشرطة على أعمالها الوحشية، فلن يكون لدينا عام سعيد جديد حقيقي”.
ودعت الرئيسة التنفيذية كاري لام إلى الهدوء والمصالحة في كلمتها المصورة بمناسبة العام الجديد، بينما عبر الرئيس الصيني شي جين بينغ عن أمله في عودة “الوئام” إلى المدينة.
واستهل الآلاف في الهند العام الجديد بالتظاهر ضد قانون تعديل المواطنة المتعلق بقانون الجنسية لعام 1955، مما يمهد الطريق لمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وتحديدا من الهندوس والسيخ والجاين والبارسيس والمسيحيين، باستثناء المسلمين.
وقف إرشاد علام (25 عاما) المقيم في حي شاهين باغ بمنطقة نيودلهي وهو يحمل بين يديه رضيعه البالغ من العمر عاما واحدا بينما تقف زوجته إلى جانبه. وقال إنه يشارك يوميا في الاحتجاجات التي بدأت قبل نحو ثلاثة أسابيع. وأضاف “درجات الحرارة تصل هنا إلى حد التجمد… لكننا لا نزال هنا لأننا نكترث بهذا الحراك”.
وفي تشيلي التي شهدت العام 2019 الكثير من التظاهرات ضد سياسة الحكومة الاجتماعية تجمع الآلاف من المتظاهرين في “بلازا إيطاليا” في سانتياغو مركز الاحتجاجات للاحتفال بـ”رأس السنة بكرامة”. وعمت أجواء احتفالية المكان.
قال رافاييل فيرغارا (45 عاما) من الساحة هذه، “لا يسعني إلا أن أكون هنا هذه السنة”. وفي ريو دي جانيرو نشر أكثر من ألفي شرطي لضمان أمن الاحتفالات على شاطئ كوباكابانا الشهير حيث احتشد نحو ثلاثة ملايين شخص.
كابوس النووي
في وقت سابق في آسيا تجمعت حشود في بيونغ يانغ لمتابعة حفلة موسيقية في وسط العاصمة الكورية الشمالية وقد احتفلوا عند منتصف الليل بحلول 2020 بألعاب نارية أضاءت السماء فوق منصّة أقيم عليها عرض راقص، لكن مخاطر تصاعد التوتر المستمر منذ عشر سنوات بين واشنطن وبيونغ يانغ عادت مجددا وسط الاحتفالات.
قال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أمس، إن بلاده ستواصل تطوير برامج نووية وتستحدث “سلاحا استراتيجيا جديدا” في المستقبل القريب. أما في كوريا الجنوبية فقرعت الأجراس احتفالا بالعام الجديد، وهو تقليد متّبع في البلاد، وقد تجمّع الآلاف في وسط سيول لحضور حفل موسيقي.
مع طي المحتفلين صفحة 2019، تتجه الأنظار إلى العام الجديد لمعرفة ما إذا سيكون مضطرباً على غرار العام المنقضي الذي شهد عودة التظاهرات إلى دول عدة للمطالبة بأنظمة سياسية جديدة وبإجراءات ضد التغيّر المناخي.
فقد شهد العام 2019 تظاهرات مناهضة للحكومات في أميركا اللاتينية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط ما أدى إلى تنحي قادة في لبنان والجزائر والسودان وبوليفيا. وخلال هذا العام، أدت المسائل المرتبطة بالتغيّر المناخي إلى تجمّعات في جميع أنحاء العالم، تلبية خصوصاً لدعوة الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ.
وسجلت درجات الحرارة على مدى أشهر السنة مستويات قياسية وفقدت أيسلندا النهر الجليدي فيما عرفت البندقية فيضانات هائلة. واحتفلت سيدني بحلول رأس السنة رغم جدل حول عرض الألعاب النارية فيما تستعر حرائق ضخمة في البلاد منذ أشهر.
ويعيش سكان أكبر مدينة في أستراليا في أجواء ملوّثة بسبب دخان الحرائق منذ أسابيع. وجمعت عريضة مطالبة بإلغاء هذا الحدث احتراما لضحايا الحرائق المدمّرة، في الأيام الأخيرة أكثر من 280 ألف توقيع. ورفضت بلدية المدينة ذلك وأضاءت الآلاف من المفرقعات والألعاب النارية سماء سيدني مدة 12 دقيقة بحضور نحو مليون شخص.
احتفلت عواصم العالم تباعا بالعام الجديد كل منها بحسب توقيتها، في موسكو، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه التقليدي بمناسبة رأس السنة، بعد عشرين عاما من وصوله إلى الحكم، الروس إلى “الوحدة” لمواصلة تنمية البلاد.
أما في دبي، فتجمع الآلاف في محيط برج خليفة، أطول مبنى في العالم. مع عرض ساحر شمل رسوما ضوئية على واجهة البرج مصحوبة بتأثيرات صوتية، بينما عملت نافورة دبي في أسفل البرج، على تقديم “أطول عرض مائي راقص”.
ووفقا لوسائل إعلام محلية، فإن كلفة الجلوس في مطعم يطلّ على البرج بلغت بين 1200 درهم (321 دولارا) و2500 درهم (680 دولارا).
كذلك، نظّمت احتفالات في مدن أخرى في الإمارات، بينها رأس الخيمة التي جذبت أنظار العالم ونجحت في تسجيل رقمين قياسيين جديدين في غينيس للأرقام القياسية عن فئتي “أكبر عدد من الطائرات دون طيار لإطلاق الألعاب النارية في وقت واحد” و”أطول شلال من الألعاب النارية في العالم”.
وبحضور مئات الآلاف من الزوار، بما في ذلك السياح القادمين من كافة أنحاء العالم، استمرت عروض الألعاب النارية المذهلة لمدة 13 دقيقة، واستقطبت اهتمام جموع المشاهدين من خلال البث المباشر عبر الإنترنت، وأهم شبكات البث التلفزيوني حول العالم.
البحرين التي أعلنت أنها ستنظم للمرة الأولى احتفالات بهذه المناسب أعلنت أنها استقبلت اللحظات الأولى من عام 2020 على وقع عروض الألعاب النارية والفعاليات الشيقة، في احتفالات تعتبر سابقة بالبلد الخليجي. والسبت، قالت السعودية إنها منعت إتمام حفل رأس السنة الجديدة في الرياض....**المصدر : العرب
أسهم التشاؤل مرتفعة في احتفالات العام الجديد !!
02.01.2020