أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
شابة فلسطينية تطعم عائلتها عسلا من أرض على خطوط النار !!
19.11.2019

سمر البع تطمح لتكبير مشروع تربية النحل داعيةً الشباب والخريجين الباحثين عن العمل السير على طريق فتح مشاريع خاصة.
بيت حانون (فلسطين) ـ كانت سمر البع في الخامسة عشرة من عمرها عندما قُتل والدها وسط مزرعته في هجوم إسرائيلي على غزة عام 2006، فهجرت العائلة أرضها الحدودية التي تحولت من مزرعة تضج بالحياة والألوان الزاهية، إلى أرض تغمرها الحشائش الذابلة.
لكن عام 2018، أزهرت تلك الأرض مجددا، وانبعثت منها رائحة أزهار النباتات الطبية، كـ”الزعتر والميرمية والمورينغا” بفضل أصغر بنت في عائلة البع.
على بعد أمتار قليلة من هذه الأزهار، نصبت الشابة سمر (28 عاما)، أول خلية نحل على خُطى حلم والدها، رغم اعتراض عائلتها، نظرا إلى الخطر الذي يمكن أن تتعرض له، إلى جانب ذلك، فإن تقبّل المحيطين بها لفكرة العمل بمهنة يقودها الرجال في قطاع غزة، كانت صعبة نوعا ما، وشكّلت تحديا مجتمعيا لها.
تقول البع، “في بداية عملي واجهت صعوبات كثيرة، خاصة أن هناك من رفض تقبل فكرة أن تعمل فتاة في تربية النحل، كونه عملا مرهقا يخص الرجال فقط، إلا أنني أثبتت قدرتي على تحمل المسؤولية، وذلك دفع أشقائي للوقوف بجانبي ومساعدتي في هذا العمل الشاق حتى تمكّنا من الوقوف على أقدامنا”.
وتضيف، “أخذت أسرار المهنة من والدي، وأردت أن أكمل مسيرته في تربية النحل، وتحقق لي ذلك في العام 2018، كنت أخرج برفقته إلى المنحلة قبل استشهاده، وكنت أراقب كيفية تعامله مع النحل والخلايا المنتشرة”.
واستمرت سمر في العمل داخل المنحلة التي بدأتها بـ24 خلية، وبعد مرور نحو عام، من العمل الجاد والاهتمام، وسّعت المنحلة بفضل جهدها وإصرارها المتواصل.
وعن بدايتها تقول، “استطعت الحصول على تمويل صغير من مؤسسة التعاون الألمانية في بداية المشروع، حتى تطور إلى 60 خلية، وهذا يتطلب جهدا ومتابعة حثيثة لتربية النحل، خاصة أننا ننتج عسلا دون أن نستخدم محلول السكر، فبدلا من أن ننتج في السنة 200 كيلوغرام نكتفي بإنتاج 120 كيلوغراما، ويكون عسلا صافيا بجودة عالية وليست ضعيفة”. وتضيف، “عندما أواجه أي صعوبات في العمل هنا، أستذكر سريعا كيف كان والدي يتعامل معها وأقوم بعمل ذات الشيء”.
وتؤكد سمر، “أعيش في منطقة حدودية يمكن أن أتعرض في أي لحظة لإطلاق نار، وحصل ذلك أنه في وقت سابق حيث تم إطلاق الرصاص علي بشكل مباشر، فتركت العمل وعدت للمنزل، رغم ذلك أحاول أن أنجز عملي بالقدر الذي استطيع”.
وتعمل الشابة الفلسطينية على رعاية النحل، والخلايا طيلة العام، والتي تحتاج إلى رعاية كبيرة، خاصة في فصل الشتاء والبرد القارس، حيث تقوم بتغذية النحل على كميات عسل قليلة من منتج العام السابق. وأصبحت بفضل عملها تنفق من عائدات المنحل على أسرتها، وفي الوقت ذاته تقول إنها باتت تشعر بأن روح أبيها تزداد قربا منها وهي تعمل في المزرعة.
وتجمع سمر حصاد المزرعة من العسل مرة واحدة فقط في السنة، حتى لا تستنزف المحصول وتعرض النحل للخطر، خاصة لأنه ينجو بصعوبة من قنابل الغاز المسيل للدموع التي تُطلق من الجانب الإسرائيلي من الحدود. وتنتج سمر حوالي 130 كيلوغراما من العسل النقي سنويا وتأمل في توسيع مزرعتها لتشتمل على 120 خلية.
وعملت الشابة على تسويق منتجاتها، التي أخذت أشكالا مختلفة من خلال إضافة بعض المواد الغذائية على العسل كالمكسرات والأعشاب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقول، “استخدم مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك، وعرضت المنتج على بعض الصيادلة ورحبوا بالفكرة، لأنهم يطلبون عسلا بمواصفات خاصة أن يتم خلطة بأنواع معينة من المكسرات، وأهتم بطريقة التغليف والتعبئة”.
وكانت في السابق تبيع العسل مقابل 90 شيقلا (26 دولارا) للكيلوغرام، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة في القطاع المحاصر أجبرتها على خفض السعر إلى 70 شيقلا (20 دولارا).
وتوضح الشابة “أن هذا العمل الشاق يحتاج لمكونات تساعد بقاء المزرعة ناجحة، وأن لا يهجر النحل بيوته، من خلال زرع أنواع خاصة من الأشجار، والنحل يحتاج للغذاء، لذلك قمت بزراعة العديد من النباتات الطبية التي تساهم في تحسين جودة العسل مثل أشجار المورينغا التي يمنع الاحتلال دخولها لقطاع غزة، وكذلك زراعة أشجار الكينيا والليمون والنعناع والمرمرية والريحان ونباتات أخرى لتعويض النحل عن السكر الصناعي، الذي يقلل من جودة العسل، لأن العسل يتم قطفة أو جنيه مرة واحدة في العام، وذلك في فصل الربيع”.
وتطمح مربية النحل الشابة اليوم، لأن يكبر هذا المشروع وأن يسير العديد من الشباب والخريجين الباحثين عن العمل على طريق فتح مشاريع خاصة بهم وعدم الانتظار لفرص التوظيف المعدومة في القطاع الذي يعاني من حالات فقر كبيرة وصلت إلى 80 بالمئة، ونسبة البطالة بين الخريجين تجاوزت 55 بالمئة وفق الإحصاء الفلسطيني.

1