الأغوار (فلسطين) – تستيقظ أم سعيد دراغمة، قبل شروق الشمس، متوجهة برفقة أبنائها إلى منطقة سهل سميط الواقع بين قريتي الفارعة والنصارية، لجني محصول الخيار، وتستمر في العمل ساعات طويلة تمتد أحيانا حتى آخر النهار.
وتقول أم سعيد لوكالة الأنباء الفلسطينية إنها تعمل في مجال الزراعة منذ 11 عاما، حيث اضطرت للعمل في هذا القطاع لمساعدة زوجها المقعد في تحمل أعباء الحياة، فتقوم هي وأبناؤها بأخذ قطعة أرض مزروعة والتكفل بجني محاصيلها على نسبة ربح 30 بالمئة من المزارع صاحب الأرض، كما أنها تعمل في المواسم المختلفة صيفا وشتاء.
وتضطر أم سعيد وعائلتها في الكثير من الأحيان للمبيت في الحقول الزراعية، خاصة في أوقات ذروة الموسم وضغط العمل، وتبيت كغيرها من العاملات في الزراعة في “كونتينر” حديدي يتم العمل على تهيئته بأبسط المقومات للمبيت، بينما تبيت أغلب العائلات العاملة في الزراعة في خيام بلاستيكية بسيطة.
وتضيف “النساء العاملات في الزراعة يواجهن مصاعب كثيرة، فهن يمكثن فترات طويلة في الأرض ويضطررن للمبيت، خاصة في ظل عدم وجود وحدات خاصة أو حمامات في الأراضي الزراعية، ويمكن لأصحاب الأراضي توفير حمامات متنقلة لتخفيف مشقة العاملات”.
وبالرغم من ظروف العمل الصعبة إلا أن الابتسامة لا تفارق محيا أم سعيد، وتعتبر عملها الشاق لا يقلّ شأنا عن أي وظيفة أو عمل مرموق آخر، فكل شخص يعمل في مجاله لتأمين حياة كريمة لنفسه ولعائلته.
واقع المرأة في سوق العمل الفلسطيني هو 19.7 بالمئة من مجموع القوى العاملة، ونسبة 62 بالمئة من النساء العاملات يعملن في القطاع الزراعي
في قطعة أرض مجاورة في سهل سميط تعمل آلاء أبوحسن التي تأتي من منطقة جنين، وتترك خلفها ثلاثة أطفال برفقة شقيقتهم الكبرى.
وتقول آلاء إن المرأة تضطر للعمل أحيانا في مثل هذه الأعمال الصعبة بالنسبة لها لتساعد أسرتها، مضيفة أنها بالرغم من كل الظروف الصعبة التي تعمل بها إلا أنها تحب العمل في الأرض.
ونوّهت إلى أكثر المخاطر والصعوبات التي تواجهها النساء أثناء عملهن في الزراعة منها التعرّض للدغات الأفاعي والعقارب، فضلا عن ظروف العمل الصعبة نظرا إلى الأجواء الحارة جدا في مناطق الأغوار، وعدم توفر أماكن مريحة للاستراحة والمبيت، خاصة أن أغلب العاملين في الأراضي الزراعية يبيتون في خيام بلاستيكية.
من جهتها، أشارت عائشة حموضة من نقابة الزراعة، مسؤولة المرأة في اتحاد نقابات عمال فلسطين، إلى أن واقع المرأة في سوق العمل الفلسطيني هو 19.7 بالمئة من مجموع القوى العاملة، ونسبة 62 بالمئة من النساء العاملات يعملن في القطاع الزراعي، وبالرغم من النسبة الكبيرة للنساء العاملات في الزراعة إلا أن هذه الفئة هي الأكثر فقرا واستغلالا.
وأوضحت حموضة أنه من خلال سلسلة اللقاءات التي عقدتها نقابة الزراعة يتضح أن واقع المرأة في الزراعة مصنف ضمن اتجاهين، أولهما أنها ما زلت تعيش في ثقافة اجتماعية تدفعها إلى العمل بنمطية يكون المتحكم فيها هو الرجل، كما أنها تعمل في ظروف لا تتوافر فيها شروط الصحة والسلامة المهنية، إضافة إلى عدم وجود حمامات ومساكن صحية وبيئة ملائمة للوقاية من المبيدات الكيميائية.
وأضافت “رغم كثرة العاملين والعاملات في القطاع الزراعي إلا أن قانون العمل لا يشمل في كثير من بنوده العمال الموسميين”، وتطرّقت إلى عدم وجود تأمين صحي لهذا القطاع، داعية إلى توفير تأمين صحي مجاني للعاملين فيه الذي يستوعب غالبية القوى العاملة من النساء.
وأشارت حموضة إلى أنه في حال تعرض العاملين بالزراعة لإصابات تتم المعالجة بشكل شخصي وبأموال العامل نفسه، وتشير الأرقام والنسب التقديرية بحسب حموضة، إلى أن حوالي سبعة آلاف عامل موسمي يعملون خلال المواسم الزراعية المختلفة في منطقة سهل سميط وحدها؛ ثلثهم من النساء، كما تتركز أماكن عمل النساء في الزراعة في مناطق أريحا وجنين ومناطق طوباس والأغوار كونها مناطق زراعية.
فلسطينيات يمتهن الزراعة في مناطق وعرة لإعالة أسرهن !!
07.05.2019